العالم وشبح سباق تسلح نووي جديد

  • 10/30/2018
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

قبل 30 عاماً مضت، وقعت أنا ورئيس الولايات المتحدة الأميركية رونالد ريجان في واشنطن المعاهدة الأميركية السوفييتية حول التخلص من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى. وللمرة الأولى في التاريخ، يتم التخلص من فئتين من الأسلحة النووية وتدميرهما. وقد كانت تلك هي الخطوة الأولى الشجاعة. وأعقبتها في عام 1991 معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية، التي وقعها الاتحاد السوفييتي السابق مع الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب، وقد كان اتفاقنا حول عمليات تقليص كبيرة في الأسلحة النووية التكتيكية، ثم جاءت «معاهدة ستارت الجديدة» التي وقعها رئيسا روسيا وأميركا مؤخراً في عام 2010. وبالطبع، لا تزال هناك أسلحة نووية كثيرة في العالم، وعلى رغم من ذلك، فإن الترسانتين الأميركية والروسية هما الآن جزء مما كانتا عليه أثناء الحرب الباردة. وفي مؤتمر مراجعة منع الانتشار النووي في عام 2015، كشفت كل من واشنطن وموسكو أمام المجتمع الدولي أن 85 في المئة من هاتين الترسانتين قد تم تفكيكهما وتدمير الجزء الأكبر منهما. وفي الوقت الراهن، يتعرض هذا الإنجاز الهائل، الذي يحق لدولتينا أن تفخرا به، للتدمير. فقد أعلن الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي خطة أميركية للانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، وأن لدى بلاده النية لتصنيع أسلحة نووية. وقد سئلت حول ما إذا كانت أشعر بالمرارة أن أرى زوال ذلك الإنجاز الذي عملت بجد لتحقيقه، لكن المؤكد أن المسألة ليست شخصية على الإطلاق، فهناك أمور أهم بكثير على المحك من مجرد الإرث الشخصي؛ ذلك أن إعلان الرئيس ترامب يعني ضمناً الإعلان عن سباق تسلح جديد. ولن تكون معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى الضحية الأولى لعسكرة الشؤون العالمية. ففي عام 2002، انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية، وخلال العام الجاري، انسحبت من الاتفاق النووي الإيراني. وقد قفزت النفقات العسكرية إلى مستويات فلكية، وتواصل الارتفاع. وكذريعة للانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، اعتمدت أميركا على انتهاكات مزعومة لبعض أحكام المعاهدة. وقد أثارت روسيا مخاوف مماثلة بخصوص الالتزام الأميركي، لكن موسكو تقترح في الوقت نفسه مناقشة القضايا على مائدة المفاوضات من أجل التوصل إلى حل يقبله الطرفان. غير أنه خلال السنوات القليلة الماضية، تحاشت واشنطن مثل هذه المناقشات. وأعتقد أن السبب واضح الآن. ومع وجود إرادة سياسية كافية، فإن أية مشكلات في الامتثال للمعاهدات الموجودة يمكن حلها. لكن مثلما شاهدنا خلال العامين الماضيين، يبدو أن لرئيس الولايات المتحدة هدفاً مختلف اختلافاً كبيراً يضعه نصب عينيه، وهو إعفاء أميركا من أية التزامات وأية قيود، وليس فقط بخصوص الصواريخ النووية. وقد أخذت الولايات المتحدة على عاتقها زمام المبادرة في تقويض نظام المعاهدات والاتفاقات الدولية بأسره، والذي كان ركيزة أساسية للسلام والأمن عقب الحرب العالمية الثانية. وعلى رغم من ذلك، أنا مقتنع اقتناعاً تاماً بأن من يأملون في الاستفادة من عالم يتنافس فيه الجميع ويتصارعون هم واهمون تماماً، ولن يكون هناك فائز في «حرب الجميع ضد الجميع»، وخصوصاً إذا انتهى بها المآل إلى حرب نووية. وهذا أمر محتمل لا يمكن استبعاده في ظل المعطيات الراهنة. ولن يؤدي سباق تسلح شديد وتوترات دولية وغياب ثقة عالمية إلا إلى زيادة المخاطر. هل فات أوان العودة إلى الحوار والمفاوضات؟ لا أرغب في فقدان الأمل.. ويحدوني الأمل أن تتخذ روسيا موقفاً صارماً ولكن متوازناً. وأملي أن يرفض حلفاء أميركا، ببصيرة نافذة، أن يكونوا منصات إطلاق لصواريخ أميركية جديدة. ويحدوني كذلك الأمل أن تتخذ الأمم المتحدة، وخصوصاً الدول الأعضاء في مجلس الأمن، المفوضة بموجب ميثاق الأمم المتحدة بمسؤولية حفظ السلام والأمن الدوليين، إجراءً مسؤولاً. وفي مواجهة هذا التهديد الرهيب على السلام، أؤكد أننا لا نقف عاجزين، ولن نتخلى عن مسؤولياتنا، ويجب ألا نستسلم. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

مشاركة :