أكدت الجلسة الفقهية "زواج الصغيرات بين حق الولي ومصلحة الفتاة" بمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي بالمدينة المنورة أن جواز تزويج الصغيرة لا يعني جواز الدخول بها قبل البلوغ، مشيرًا إلى أنه يجوز لولي الأمر منع تزويج الصغيرة أو تقييده وتحديد سن الزواج إذا رأى أهل الاختصاص المصلحة في ذلك، وعرضت الجلسة لأبرز المشكلات التي تعترض الصغيرة وفي مقدمتها المشاكل الصحية والحرمان من التعليم، ودعا عدد من الفقهاء إلى تقييد ولي الأمر للمباح من أجل المصلحة الراجحة وتحديد سن معينة للزواج. سن التشريعات والقوانين أكد وكيل الشؤون الإسلامية بمملكة البحرين د. فريد المفتاح على أن قيام السلطات المخولة بسن التشريعات والقوانين بتحديد سن معينة للزواج تكون بمثابة حكم شرعي يجب العمل به ويأثم من يتعمد خرقه، مقيدًا ذلك بأن تكون هذه التشريعات والقوانين مبنية على دراسات حقيقية تثبت أن للزواج قبل هذه السن أضرارًا ومفاسد، مشيرًا إلى أن الزواج وسيلة بقاء النوع البشري وهو قوام الأسر والمجتمعات والأمم؛ فلابد أن يكون مؤسسًا على قواعد ثابتة ليواجه التحديات والمشكلات ويحقق الأهداف والغايات. جواز العقد لا يعني جواز الدخول في حين أوضح المفتي العام للقدس محمد حسين أن جواز تزويج الصغيرة لا يعني جواز الدخول بها قبل البلوغ، مشيرًا إلى أنه يجوز لولي الأمر منع تزويج الصغيرة أو تقييده وتحديد سن الزواج إذا رأى أهل الاختصاص المصلحة في ذلك، حيث يحق لولي الأمر تقييد المباح أو الإلزام به جلبًا للمصالح ودرءًا للمفاسد وفق شروط معينة، مؤكدًا أنه لا يعد هذا التحديد حكمًا شرعيًا يفضي إلى بطلان الفعل، بل يعد فاعله مخالفًا للقانون. لا ولاية على البالغة وأضاف: وصف الصغر ينتهي لدى الفتاة ببلوغها، ويعرف ذلك بالحيض، أو الاحتلام، أو ببلوغها 15 عاماً، مبينًا ثبوت ولاية الأب في تزويج ابنته الصغيرة وهي ولاية إجبار، ولا تثبت لغيره، ولا يجوز للأب تزويج ابنته الصغيرة من غير كفؤ، ولا من معيب عيبًا يرد به في النكاح. لافتاً إلى أنه لا خلاف في جواز تزويج المرأة إذا بلغت في الشرع، مشددًا على عدم جواز تزوج المرأة نفسها بكرًا كانت أم ثيبًا دون وليها، كما أنه لا ولاية إجبار لأحد على البالغة بكرًا كانت أم ثيبًا، فإن زوّجها الولي بغير إذنها؛ فالنكاح مفسوخ إلا إذا أجازته. تقييد المباح للمصلحة من جانبه قال عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي د. عبد الله أبو بكر ميغا إن قضية تحديد سن الزواج بسن معينة تعتبر من قضايا الواقع المعاصر، وهي محل خلاف بين الفقهاء المتقدمين والمعاصرين على حد سواء، مضيفًا بأن العلماء اتفقوا على أن الزواج من حيث مشروعيته جائز ومشروع، كما اتفقوا على جواز تقييد المباح للمصلحة، واختلفوا في تحديد سن معينة للزواج على مذهبين الأول يرى جواز تحديد سن الزواج وتقييده بسن معينة، والثاني يرى عدم جواز تحديد سن معينة للزواج. وفي سياق متصل، أكدت الجلسة العلمية "المفطرات في مجال التداوي" بمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي بالمدينة المنورة على دور الطبيب المعالج في تحديد الحاجة إلى إجراء تدخلات علاجية يمكن أن تفسد صوم المريض، مشيرين إلى أنه إذا لم تكن هناك ضرورة للإجراء، وأمكن تأجيله لبعد الفطر في ذلك اليوم أو لبعد شهر رمضان، فلا يجوز للطبيب أن يشير على مريضه بغير ذلك. وقالوا: إن الاحتياط في العبادات أصل يجب رعايته عند الخلاف وحسبان ذلك في إفتاء المكلفين واجب، وهدر هذا الواجب بالمبالغة في الترخص يوقع المكلف الورع في الاضطراب والتشويش وغير الورع يورثه التهاون في الدين ويغريه بصريح المحظور. ضوابط المفطرات أوضح عضو المجمع د. عجيل النشمي أن المقصود بالجوف في أحكام الصوم هو المعدة خاصة والجهاز الهضمي عامة؛ إذ هو موضع الطعام والشراب، وكل ما يدخل إلى الجهاز الهضمي بالطرق المعتادة كالفم أو غير معتادة يكون مفسداً للصيام. مبينًا أن ضوابط المفطرات ترتيبًا على تقرير الأطباء في الجوف وكذلك الفقهاء في الجملة هي ثلاثة: "أولاً- كل ما يدخل إلى الجهاز الهضمي متجاوزًا الفم والبلعوم ويصل المعدة من أكل أو شرب أو ما في معناهما من دواء وغيره ولو مما لا يتغذى به، ثانيًا- كل ما يدخل إلى الجهاز الهضمي -عدا المعدة- متجاوزًا الفم والبلعوم مما هو محيل -هاضم- للطعام وهو البلعوم والمريء والأمعاء الدقيقة، ثالثًا- كل ما يتغذى به جسم الصائم ومن أي طريق؛ لأنه في معنى الأكل ولمنافاته لمقصد الصوم كالحقنة المغذية". العبادة والصحة وشدد استشاري القلب في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة د. حسان باشا على الأطباء والمرضى والمسؤولين في المستشفيات أن يعملوا معًا على تحقيق الموازنة السليمة بين ما أذن الله تعالى به من حفظ الصحة، وبين ما طالب سبحانه وتعالى به من تكاليف وواجبات حتى تبرأ الذمة دون مشقة في جانب الدنيا ودون تفريط في جانب الآخرة. التحاميل والمنظار والتخدير ودعا أستاذ الشريعة والقانون بفرع جامعة الأزهر بأسيوط د. السيد محمود مهران إلى تجنب الصائم للتحاميل الشرجية وفحص المنظار والتخدير العام والاحتياط منها، مشيرًا إلى أن أغلب دواعيها ليست بالضرورة، كما أن المتهاون يأثم، ويجب عليه القضاء، أما في حال الضرورة فإن الإثم يرتفع، ويصح الصوم اغتفارًا لما يمتص من التحاميل الموضعية التي لا تتغلغل إلى الداخل، وكذا ما يوضع لترطيب المنظار، باعتبارها توابع غير مقصودة لذاتها، ولا فيها اشتهاء ولا بها اغتذاء، موضحًا أن الاحتياط في العبادات أصل يجب رعايته عند الخلاف، وحسبان ذلك في إفتاء المكلفين واجب، وهدر هذا الواجب بالمبالغة في الترخص، يوقع المكلف الورع في الاضطراب والتشويش، وغير الورع يورثه التهاون في الدين، بل ربما يغريه بصريح المحظور. أقراص الأزمات القلبية من جهته قال عضو مجمع البحوث بالأزهر الشريف د. محمد الصالح إن الأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج الأزمات القلبية لا تفطر، بشرط أن لا يتحلل منها شيء فيبتلعه الصائم، وأن الأقرب منظار المعدة لا يفطر؛ لكونه غير مغذ، وعدم استقراره في الداخل، إلا إذا صاحب عملية المنظار استخدام مواد أخرى كمحلول الملح والمراهم ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يفطر الصائم بذلك؛ لا لأجل المنظار بل لكون المواد المرافقة لعملية المنظار مواد مغذية دخلت إلى الجوف وينتفع بها الجسم. التبرع بالدم وتنظيف الرحم وأفاد أن التبرع بالدم يقاس على الحجامة، وفيها خلاف قوي بين أهل العلم، والأقرب من حيث الدليل عدم التفطير بالحجامة، وعليه فالتبرع بالدم لا يفطر، كما أن سحب الدم القليل للتحليل لا يفطر؛ لعدم وجود ما يقتضي الفطر، في حين أن نقل الدم لا يفطر، والأحوط لمن نُقل إليه دم -ولم يكن ممن يحتاج لنقل متكرر- أن يقضي ذلك اليوم، خروجًا من الخلاف، خاصة وأنه في الغالب ممن يحل له الفطر لمرضه. وذكر أن العلاج بالعلقات الدموية، وتنظيف الرحم، وشفط الدهون، وأخذ خزعات من الأعضاء للتحليل، وسحب البويضات، كل ذلك لا يفطر، أما استخراج الحيوانات المنوية فإن كان برشف النطف من الخصية مباشرة لم يفطر، وإن كان بالقذف حصل الإفطار. حضور الجلسات العلمية
مشاركة :