المنتدى السنوي للأمن الأقليمي في البحرين أصبح علامة بارزة في الشراكة الدولية لتعزيز الأمن والاستقرار على جميع الأصعدة، السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها، وهذا المنتدى (حوار المنامة) الذي تقيمه وزارة الخارجية بالتعاون مع معهد الدراسات الاستراتيجية تشارك فيه الكثير من الفعاليات ذات العلاقة لدراسة الظواهر السلبية والمشاكل الإقليمية، ومحاولة تشخيصها وطرح الحلول المناسبة لها، والخروج بتوصيات وقرارات يمكن البناء عليها لأمن المنطقة. لقد افتتح سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء (حوار المنامة) في نسخته الرابعة عشر خلال الفترة 26-28 أكتوبر الماضي (2018)، ويعتبر هذا المنتدى من أبرز المنتديات الأمنية بالمنطقة، ولعل من أبرز المواضيع التي تم مناقشتها بحوار المنامة هي التهديدات الإقليمية والدولية، وسبل مواجهة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، والتصدي لها لوقف الممارسات الإرهابية التي طالت أربع عواصم عربية؛ بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء والدول الخليجية. إن أمن المنطقة ودول مجلس التعاون بشكل خاص هو من أولويات برنامج المجتمع الدولي، فالخليج العربي تتقاطع فيه مصالح الكثير من الدول، لذا فإن زعزعة الأمن بالمنطقة يؤثر على استقرار بقية الدول، ولعل الأعمال الإرهابية التي ضربت المنطقة خلال السنوات الماضية قد أثرت بشكل كبير في استقرار المنطقة، والجميع يعلم بأن الأعمال الإرهابية مدعومة بشكل مباشر من قبل النظام الإيراني، لذا تم استعراض التهديدات الإيرانية وسبل كبح جماحها الإرهابي، ولعل العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي ستبدأ في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الحالي ستكون بداية إلزام النظام الإيراني من أجل التخلي عن مشروعه التدميري الذي زعزع أمن واستقرار المنطقة. إن المشروع الإيراني التوسعي بالمنطقة قد ظهر في بداية الثمانينات من القرن الماضي حين رفعت شعار (تصدير الثورة الإيرانية)، ثم أصبح ظاهرًا بشكل كبير بعد اتفاق مجموعة 5+1 مع إيران حول البرنامج النووي الإيراني، وقد استهدفت إيران خلال هذه الفترة مجموعة من الممرات المائية الاستراتيجية، مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس، وهي ممرات مائية مهمة لأمن المنطقة، من هنا كانت أبرز التوصيات في حوار المنامة هي المتعلقة بالتدخل الإيراني بشؤون المنطقة. لقد سعى المنتدى إلى إعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط من خلال طرح المشاريع التي تسعى إلى تعزيز الأمن والاستقرار، وهذا ما أكده السير توم بيكيت (الفريق ركن متقاعد) والمدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في الشرق الاوسط، وقد أكد على مشاركة فعاليات عاملة، الأمر الذي يعطي فرصة للجميع للالتقاء وطرح الرؤى على طاولة الحوار ومنصة المنتدى. إن حوار المنامة من أبرز المنتديات الأمنية بالمنطقة، والبحرين من أنسب الأماكن التي يمكنها احتضان مثل تلك المنتديات المستقلة عن الحكومة، لما لها مكانة إقليمية تمكنها من طرح الروئ والأفكار، لذا تم اختيار شعار (إعادة ترتيب الشرق الأوسط) للتأكيد على هوية المنطقة، فقد تعرضت الدول العربية بالشرق الأوسط إلى مشاريع تدميرية (مذهبية وطائفية) لتغيير هوية أبنائها، لذا من الأهمية اليوم التصدي لتلك المشاريع، وتجفيف منابعها ومستنقعاتها، وفي مقدمة ذلك هو التصدي للنظام الإيراني الذي هو من أبرز ممولي الجماعات الإرهابية، والداعم الرئيس لها، سواء في العراق أو سوريا أو لبنان أو اليمن أو تلك المتناثرة في بعض دول مجلس التعاون. من هنا، فإن منطقة الشرق الأوسط تحتاج إلى تكاتف دولي وعمل جماعي لوقف النظام الإيراني عن مواصلة مشروعه التدميري لدول المنطقة، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال عمل أمني وأقتصادي وسياسي منظم، وهذا ما يسعى إليه المجتمع الدولي بعد أن اكتشف مسرحية البرنامج النووي الإيراني وأهدافها التدميرية بالمنطقة.
مشاركة :