لندن - نفى كبير مفاوضي بريكست في الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه الخميس ما أوردته تقارير إعلامية بريطانية من أنّ بروكسل ولندن توصّلتا إلى اتّفاق حول الخدمات المالية يحفظ لبريطانيا إمكانية الوصول إلى السوق الأوروبية بعد بريكست، فيما قال مكتب رئيسة الوزراء تيريزا ماي أن بريطانيا أبلغت مجموعة أوروبية للأعمال أنها واثقة بأنه سيتم التوصل لاتفاق بشأن بريكست. وجاء في البيان “تحدثت رئيسة الوزراء عن التقدم الجيد في المفاوضات، مع اكتمال 95 بالمئة من اتفاق الانسحاب، والاتفاق على هيكل ونطاق إطار عمل المستقبل”. وكتب بارنييه على تويتر “مقالات صحافية مضلّلة حول بريكست والخدمات الماليّة. تذكير: يمكن للاتّحاد الأوروبي منح بعض الخدمات المالية وسحبها من تلقاء نفسه، مثل أي دولة أخرى، والاتحاد الأوروبي مستعد للمشاركة في حوار تنظيمي وثيق مع المملكة المتحدة في إطار الاحترام المطلق لاستقلالية الجانبين”. ونفى بارنييه بذلك نبأ نشرته صحيفة تايمز البريطانية نقلاً عن مصادر حكومية ومفاده أنّ “المفاوضين البريطانيين والأوروبيين توصّلوا إلى اتّفاق مبدئي حول كل أوجه الشراكة المستقبلية حول الخدمات، وكذلك تبادل البيانات”. وأضافت المصادر أنّه بموجب هذا الاتّفاق “يضمن الاتحاد الأوروبي للشركات البريطانية الوصول إلى الأسواق الأوروبية طالما بقيت اللوائح المالية البريطانية مطابقة للوائح الأوروبية”. وشكّلت الخدمات المالية منذ بدء مفاوضات بريكست في يونيو 2017 نقطة هامّة في المحادثات. وتأمل لندن التوصل إلى اتّفاق يسمح للشركات المالية البريطانية بمواصلة عملها في أوروبا وصيانة مكانة مركز لندن سيتي المالي. ولطالما رفضت بروكسل هذا الخيار، حرصاً منها على “عدم تجزئة” حريّات السوق الموحدة التي تضمّ حرية تنقّل الخدمات والأشخاص، فيما تعتزم الحكومة البريطانية وضع حدّ لها. ميشال بارنييه: لم نتوصل إلى اتفاق حول كل أوجه الشراكة المستقبلية مع لندنميشال بارنييه: لم نتوصل إلى اتفاق حول كل أوجه الشراكة المستقبلية مع لندن وفي مطلع أكتوبر، أعرب بنك إنكلترا عن مخاوفه حيال بطء تقدّم المفاوضات، مذكّرا بأن الشركات الأوروبية قطعت تعهّدات ماليّة عبر غرف المقاصّة البريطانية تساوي 69 ألف مليار جنيه إسترليني، سيتحتّم تحويلها إلى غرف أوروبية أو وقفها بحلول نهاية مارس 2019 حال عدم التوصّل إلى اتفاق. واعتبر الوزير البريطاني لشؤون بريكست دومينيك راب أنّه من الممكن التوصّل إلى اتّفاق حول الخروج من الاتّحاد الأوروبي بحلول 21 نوفمبر، وذلك في رسالة وجّهها إلى برلمانيين ونشرت الأربعاء. ولا تزال المفاوضات تتعثّر عند سبل منع قيام حدود فعليّة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، وهي نقطة الخلاف الرئيسية بين الطرفين. وقال راب إن بريطانيا منفتحة على فكرة تمديد الفترة الانتقالية التي ستعقب الخروج من الاتحاد إذا كان ذلك يعني أن يسقط الاتحاد الأوروبي اقتراحاته الخاصة بالوضع على الحدود بين إقليم أيرلندا الشمالية البريطاني وأيرلندا العضو في التكتل. وأضاف لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي “إذا كنا في حاجة إلى جسر من نهاية فترة التنفيذ إلى العلاقة المستقبلية فأنا منفتح على استخدام تمديد قصير لفترة التنفيذ”. وتابع “إنه طريق ممكن وواضح متى ما كان قصيرا، ربما أشهر قليلة، وثانيا أن نعرف كيف نخرج منه، ومن الواضح أنه يتعين أن يحل قضية أيرلندا وبالتالي يصبح الأمر ممكنا”. ويطالب الاتحاد الأوروبي بحدود مفتوحة بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية بعد خروج بريطانيا، وهو ما يعتبره البريطانيون اقتطاعا لأيرلندا الشمالية من بلادهم وضم الإقليم إلى الاتحاد. وتأتي هذه التصريحات فيما تواجه رئيسة الوزراء تيريزا ماي انتقادات حادة في بريطانيا بعد أن أشارت في قمة للاتحاد الأوروبي منتصف أكتوبر الماضي إلى أنه يمكن أن تقبل بمرحلة تنفيذ بعد البريكست أطول مما كان متوقعا في السابق. والهدف من ذلك هو كسر الجمود في المفاوضات بين لندن وبروكسل حول كيفية الإبقاء على الحدود بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية مفتوحة بعد بريكست من خلال منح الجانبين المزيد من الوقت للاتفاق على العلاقة المستقبلية. وقالت بروكسل إن مسألة الحدود بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا قد تنسف مفاوضات تنظيم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من الانفتاح الذي أبدته لندن تجاه التصورات الأوروبية بشأن الحدود. وحذر القادة الأوروبيون بريطانيا من أنهم لن يقدموا المزيد من التنازلات لكسر الجمود الذي وصلت إليه مفاوضات بريكست، لكنهم أبدوا ثقتهم بإمكانية التوصل لاتفاق قبل مارس المقبل موعد خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي. وفي مسعى لتحقيق تقدم في المفاوضات، وافقت لندن في 2017 على حلّ أُطلق عليه اسم “شبكة الأمان” (باكستوب) يتم تطبيقه في حال عدم التوصل إلى حلّ أفضل عبر التفاوض، لكن تطبيق هذه الخطة عمليا سيعني إقامة حدود جمركية بين أيرلندا الشمالية وسائر المملكة المتحدة، وهو أمر لن يكون من السهل على الحكومة البريطانية القبول به، وهي التي تعتبر أنه يتعرض لوحدة أراضي البلاد وسوقها. ولن يحل تمديد الفترة الانتقالية التي تبقى خلالها بريطانيا ضمن السوق الموحدة مسألة الحدود الأيرلندية، لكنه سيمنح المزيد من الوقت للتفاوض بشأن اتفاق تجاري بين الطرفين. ويتيح هذا الحل الذي رفضته لندن حتى الآن، الحفاظ على أيرلندا الشمالية ضمن الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة في غياب حل آخر. وتقترح لندن من جانبها أن تستمر في اعتماد الأنظمة الجمركية للاتحاد حتى توقيع اتفاقية أوسع للتجارة الحرة، لتجنب مراقبة البضائع على الحدود.
مشاركة :