الشارقة: «الخليج» فضاءات رحبة من بهجة الإحساس وحسن العبارة، ورهافة القول وحلاوة اللغة والبوح، وعمق المعنى، كلها تجليات شعرية كانت حاضرة، في أولى فعاليات المقهى الثقافي في المعرض، من خلال أمسيتين شعريتين، شارك في الأولى الشاعران: أحمد محمد عبيد، ومناهل فتحي، وأدارها الشاعر محمد إدريس، وفي الثانية الشاعران: عبدالله الهدية، وهمسة يونس، وأدارتها الكاتبة أمل إسماعيل.قرأ الشعراء العديد من القصائد التي عكست التجربة الخاصة لكل منهم، بدأها أحمد محمد عبيد الذي يطرز كلماته بمسحة واضحة من رهافة الحس بواحدة عنوانها «إلى الشاعر جاسم الصحيح» وجاء فيها: هذا الذي حاضرٌ في أمسه وغدِي هذا الذي مازجَ الأصفار في العددِهذا الذي فاض من أغوار دمنته حتى تدفق بين النؤْي والثمد للرمل منه حكايا كان يغزلها وللحقيقة بوح الروح للجسدوللوجود استلالٌ من مباهجه وللعذوبة أطيارٌ على الرصدحتى انتبهنا على نبض أصاخ بنا للوعد بعد جنوح فاض من أمددع الحقيقة نحتاً من طفولتنا فللحروف غواياتٌ على الخلَدِوللنوار الذي أزهى بملعبنا حين الشتاء اشتياق الأم للولد وقرأت مناهل فتحي المسكونة بهمّ المرأة، والتي طرزت قصائدها بشعرية واضحة: وأراوغ اللغة العنيدة../ أختبي مني، أدخن ما تبقى من كلام الليل/ من بوحي المكابر، من تبعثري الشقي/ أنا ما تركت البحر رهوا بل تلوت عليه من ظمأي/ فهاج وماج/ بادلني التأرجح بين مد لا يبلل ريق شاطئه وجزر موسمي/ البحر أغواني، فعدت تلوت من أرقي عليه/ غسلتني في حالتيه/ وجدتني أشكو إليه مخاض خوف مريمي/ أذوي/ يوشوشني الفراغ، البحر يكشف عن بناء السور/ ثقب سفينة الفقراء، عن قتل الصبي/ هذا فراق بيننا يا بحر فالمعنى عصي. عبدالله الهدية قرأ مجموعة من أشعاره التي تمتاز بلغة فصيحة مسبوكة، تفصح عن فضاءات وخيالات لا حدود لها، ينسجها الهدية من الأشواق والحنين وخبايا الذات، وفي قصيدته «فجر الغواية» يقول: عيناك في فجر الغواية راح وليلي أنس ملؤها الأفراحوبحار أشواق تنادم موجها والموج بين نسيمها يرتاحيا سكر أشرعتي وخمر زوارقي الوصل ريح والهوى فضاحوصباك بعثرني بألحان الصبا لما تناثر همسك الفواحوأعاد لملمتي على ما يشتهي وعلى الغواية خدك الوضاحهذا أنا أقتات آمالي إلى أن يحتويني طرفك اللماح همسة يونس، التي دمجت في مشاركتها بين الفصيح والعامية، قدمت لوناً زاهياً من بهجة الشعر، كما قرأت «على باب حيفا» التي تتشح بهواجس الأنين والبوح والألم والحنين وجاء فيها:على بابِ حيفا استفاقَ الحنين/ وغرّدَ شوقاً زمانُ الأنينْ/ على بابِ حيفا تضج الجراحُ/ ويغفو السلامُ كزهر جنينْ/ لحيفا عيون الشموخِ تغنّي/ وقلبي الصغيرُ يناجي الحمام/ فلا الفرْحُ يحيا، ولا الحزنُ نامْ/ لأنفاسِ حيفا أشد الرحالَ/ على صهوة من رحيقِ الغمامْ/ فباللهِ قومي، وحيفاي هُبّي/ وصَلّي لقلبٍ تحدّى الحطامْ/ على بابِ حيفا/ أعانقُ دمعاً،/ أسافرُ طفلاً،/ وأحبو لألثمَ منها الجبينْ.
مشاركة :