إيران أمام حتمية التفاوض أو الانهيار مع سريان العقوبات الأميركية

  • 11/3/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن - يرى محللون أن نجاح مسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحد من أنشطة إيران النووية والصاروخية والإقليمية لا يعتمد على العقوبات التي أعاد فرضها عليها فحسب، بل أيضا على مدى استعداده لإبداء قدر من المرونة في طلباته المستفيضة كي يجذبها إلى طاولة التفاوض. وستدخل العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على قطاع النفط الإيراني الحيوي حيز التنفيذ الاثنين، فيما يشير مسؤولون أميركيون إلى أن قدرا من المرونة مطلوب لضمان تدفق الإمدادات في الأسواق العالمية ومنع أسعار الخام من الارتفاع الحاد. ومع تخلي الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، صور ترامب وكبار مستشاريه إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران على أنها جزء من حملة لوضع “أقصى قدر من الضغط” على إيران لإجبارها على تغيير سلوكها على عدة أصعدة. ويعتبر مسؤولون سابقون أن ما يريده ترامب من طهران يمثل موقفا “مغاليا” إذ يشمل وقف عمليات تخصيب اليورانيوم ومنح مفتشي الأمم المتحدة الإذن بدخول كل المواقع في أنحاء إيران ووقف دعم طهران لجماعة حزب الله في لبنان وميليشيا الحوثي في اليمن ولحركة حماس في فلسطين. وسرد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في 21 مايو قائمة مؤلفة من 12 طلبا شملت أيضا وقف إيران لتطوير الصواريخ ذات القدرات النووية وسحب القوات التي تأتمر بأمرها في سوريا والكف عن الأفعال التي تهدد جيرانها. وقال روبرت آينهورن، وهو مسؤول أميركي سابق يعمل حاليا في مؤسسة بروكنغز البحثية “إنها مطالب مغالية، ولن يكون لدى أي حكومة إيرانية استعدادا أو قدرة على قبولها”، مضيفا أن ترامب “يريد أن تذعن الحكومة الإيرانية أو تنهار”. وتابع قائلا “لن يرضخوا، لكن إن بدأت الإدارة الأميركية في إبداء قدر من المرونة، فمن الممكن أن يوافق النظام الإيراني على الدخول في مفاوضات”. جون ألترمان: الإيرانيون سيقلقون إدارة ترامب، لكنهم سيخضعون للتفاوض في نهاية الأمرجون ألترمان: الإيرانيون سيقلقون إدارة ترامب، لكنهم سيخضعون للتفاوض في نهاية الأمر وقد تشمل تلك المرونة التلميح إلى أن إيران يمكنها أن تحد من تخصيب اليورانيوم بدلا من وقفه تماما وأن تسمح بالمزيد من عمليات التفتيش بما يفوق ما نص عليه اتفاق 2015 بدلا من التفتيش في أي وقت وفي أي مكان تشاؤه واشنطن. والعقوبات التي ستدخل حيز التنفيذ الاثنين، تشمل تلك التي تهدف إلى إجبار الدول المستوردة للنفط الإيراني مثل الصين وتركيا على خفض مشترياتها، أو بالأحرى وقفها، وإن كان يبدو أن البيت الأبيض يقر بأن تلك المساعي غير واقعية. وقال مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون “نريد ممارسة ضغوط قصوى لكننا لا نريد الإضرار بأي من أصدقائنا وحلفائنا” في إشارة إلى أن واشنطن قد تمنح “استثناءات” من تلك العقوبات للدول التي تخفض بشدة مشترياتها من النفط الإيراني. ومن بين العقوبات المطروحة إدراج نحو 25 مصرفا إيرانيا فرضت عليها عقوبات من قبل في قائمة سوداء بما يدفع نظام سويفت للتحويلات المالية والمعاملات بين البنوك ومقره بروكسل، إلى وقف التعامل معها بما يضيف المزيد من العراقيل أمام تجارة إيران مع العالم. وعندما تخلى ترامب عن الاتفاق النووي وعد بفرض “أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية” على إيران قائلا إن هذا سيجعلها ترغب في إبرام اتفاق جديد، مضيفا “عندما يريدون ذلك.. فأنا جاهز ومستعد وقادر”. ومن العوائق الرئيسية أمام إجراء أي مفاوضات الافتقار للثقة بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي وقناعة إيران بأن هدفه الحقيقي هو إسقاط حكومتها على الرغم من النفي الأميركي المتكرر. ولخص ريتشارد نفيو، وهو مسؤول أميركي سابق يعمل حاليا في جامعة كولومبيا، موقف طهران من المحادثات بالقول “لماذا نكلف نفسنا العناء؟” ورجح أن تحاول إيران التحايل على العقوبات الأميركية ومقاومتها وأن يكون موقفها “إذا كنا سنقع فعلى الأقل لن نركع، بل سنموت واقفين”. وربما تحاول إيران التعايش مع تقلص عائدات النفط لعامين في انتظار معرفة ما إذا كان ترامب سيعاد انتخابه، ثم تتخذ بعدها قرارا بشأن المحادثات. وقال جون ألترمان وهو مسؤول أميركي سابق يعمل حاليا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “سيعرضون عن القيام بذلك من موقف الضعف المذل”. ومن المرجح قبل المشاركة في أي محادثات أن تزيد إيران من دعمها لوكلائها في المنطقة أو أن تجري تجارب صاروخية لتكسب أوراقا للتفاوض. وأضاف ألترمان “سيحدث كل ذلك، الولايات المتحدة ستضيّق الخناق، الإيرانيون سيفعلون المزيد من الأمور المقلقة لإدارة ترامب، وسيجري الطرفان محادثات”. ويترقب الإيرانيون بقلق بدء سريان حزمة العقوبات الأميركية الجديدة والتي قد تدخل البلاد في طور لم تشهده من قبل عبر انفجار شعبي غير مسبوق ضد النظام. ويرى مراقبون للشأن الإيراني أن ما اعتبره الرئيس الأميركي عقوبات لم يشهد التاريخ مثيلا لها من قبل، هو تماما ما تتخوف منه الأوساط الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك المناصرة لنظام الولي الفقيه أو تلك المنتفعة من امتيازات يوفرها لها. ولفت مراقبون إلى أن تصريحات رئيس الجمهورية الأسبق محمد خاتمي حول التداعيات الموجعة للعقوبات المقبلة، واعتراف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بقسوة العقوبات على الاقتصاد الإيراني، يعبران عن بداية تعامل الواجهات القديمة والحديثة للنظام الإيراني مع الاستحقاق الجديد، وبداية استعداد نظام طهران لاتخاذ قرارات مفصلية باتجاه إيجاد المخارج بما في ذلك العودة إلى طاولة التفاوض على النحو الذي يطالب به دونالد ترامب.

مشاركة :