الأحكام المسبقة توتر العلاقة وتؤجج الخلافات بعد الزواج

  • 11/5/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة – تردد مقولات في الثقافة الشعبية وتتوارثها الأجيال ويتبناها المجتمع دون تفكير وانتقاد، فتؤثر على علاقاته وتصرفاته تجاه الآخر بحسب الخبراء في علم النفس وعلم الاجتماع، ويقال مثلا إن الكذب ملح الرجال ويقال إن المرأة في طباعها الغيرة والعصبية والثرثرة والنميمة وغيرها وأنها تستخدم دموعها لتخدع الرجل وتؤثر عليه حتى يستجيب لها كونه أقوى منها والمسيطر على العلاقة. ترتبط العديد من الصفات بالنساء أو الرجال على أنها سمات ثابتة يشترك فيها جل النساء والرجال، كأن يقال المرأة غيورة أو ثرثارة بطبعها وكأن يقال عن الرجال إنهم كاذبون أو أنانيون، وترسخ هذه الأفكار في الأذهان وعندما يبدأ الشاب أو الفتاة علاقة عاطفية تكون مصاحبة له ما يجعله يبحث عنها في الطرف الآخر وقد يتغلب رسوخها في ذهنه عن حقيقة شريكه فقد تتهم المرأة زوجها دائما بالخيانة رغم أنه لا يخونها فعلا أو يتهم الزوج زوجته بالكذب رغم صدقها معه، وتفتح هذه الأفكار المسبقة الباب على مصراعيه أمام الخلافات بين طرفي العلاقة. وتؤثر الكثير من هذه الأفكار على الشريكين في علاقة عاطفية وقد تقف وراء فشل علاقتهما فتكون سببا لعدم التفاهم وللمشاجرات لشدة رسوخها في وعي أي من الطرفين. يقول محمد فراج، متزوج منذ 12 سنة ولديه 4 أطفال، “المرأة تغار عندما يقصر الرجل معها أو لأنها تخاف عليه ومنه، خصوصا إذا شعرت بأنه غير وفي، وعندها لن تتردد في اتهامه بالخيانة، لمجرد أنه تأخر في العودة إلى البيت، لأن شأنها شأن النساء جميعها تغار بطبعها، زوجتي غيورة أيضا وترى في ذلك تعبيرا عن حبها لي وتنشب بيننا شجارات كثيرة عندما تبالغ في غيرتها وتستسلم للشكوك”. ويرى هيثم، (30 عاما مهندس كمبيوتر) أن الإسراف هو ملح المرأة فهي تحب أن تتسوق بجنون، وأن تمضي معظم وقتها في الأسواق والمحلات، لتبذر الأموال… ويبدو صعبا إيجاد زوجة غير مبذرة، كما أرفض مقولة الكذب ملح الرجال لأن النساء يكذبن أكثر منا نحن الرجال، وهذه المقولة تكون عادلة أكثر لو ارتبطت بالمرأة فقط. أما مدحت عبدالسلام (43 عاما، مدير علاقات عامة) فيعتقد أن الدموع سلاح المرأة، فغالبية النساء يعتقدن أنهن بدموعهن يستطعن حل كل المشكلات، والمرأة تبكي لتؤثر على عواطف الرجل ويتحرك لمصلحتها، لكنها لا تستطيع الاعتماد على دموعها كي تقنع امرأة غيرها، فهن يعرفن أساليب بعضهن جيدا، ويضعف أغلب الرجال الشرقيين أمام دموع المرأة. ويرى أحمد حسن، محام، أنه لا شك أن المرأة تدفع الرجل للكذب والمرأة ليس ملحها فقط الغيرة أو الكذب أو الثرثرة، ولكن إثارة الأعصاب، ولا سيما عندما يدخل الرجل بيته ليرتاح فتبدأ في إذاعة نشرات الأخبار عن أهلها وأولادها ثم زملائها في العمل، ثم مشكلاتها مع رئيسها في العمل.. وفي النهاية تسأله لماذا لا يتكلم؟ المرأة قادرة على إثارة الأعصاب في أي وقت تشاء، فإذا استيقظت ليلا لترد على هاتفك المحمول نهضت بجوارك تنظر إليك في ضيق، وتسألك عن المتصل أو تصرخ كيف ستنام الآن بعد أن أقلق المحمول نومها الهادئ، وبالطبع تكون بداية شجار لا نهاية له. الكثير من الأحكام تؤثر على الشريكين في علاقة عاطفية وقد تقف وراء فشل علاقتهما وتكون سببا لعدم التفاهم ويشير استشاري علم النفس والعلاج السلوكي ممدوح مختار إلى أن الأبحاث السيكولوجية تدل على أن نفسية المرأة تختلف عن نفسية الرجل، رغم وجود تشابه كبير بينهما في السلوك والتصرفات، كما تدخل الأفكار المسبقة ضمن مكونات الشخصية فهي تكرس بفعل الثقافة السائدة في نفسية ووعي الفرد وتضمن في تكوينه النفسي الأولي والفطري دون إغفال دور العوامل البيئية المكتسبة والمتعلمة مع التقدم في السن. وتقول أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أمل وحيد، إن هناك فرقا بين الصفات المكتسبة وغيرها التي تبدو ثابتة في طباع الشخص فطريا فالذكاء مثلا مكتسب من العلم والخبرة الحياتية والاطلاع والثقافة والمعرفة والاطلاع على علم النفس والاجتماع، فهو قدرة عقلية لكن غالبا ما لا يقال عن النساء مثلا إنهن ذكيات بل يقال إن الدهاء من أهم صفات المرأة فهي تخطط وتمارس الخداع والغش لتحقيق غرض ما، وقد تكون المرأة اكتسبت بعض العادات السيئة مثل الكذب والخداع واستغلال الفرص وهي تعتبر أن ذلك يمكّنها من حل مشكلاتها خصوصا عندما تربطها علاقة برجال يسيطرون على حياتها ويفوقونها في السلطة والسيطرة والقوة، لكن الرجال لا يبحثون عن أسباب كذب المرأة عليهم بقدر إلحاحهم على أنها صفة مشتركة بين غالبية النساء. ويعتبر أستاذ الطب النفسي والعلوم السلوكية بجامعة حلوان محمد إبراهيم إطلاق الأحكام والأفكار المسبقة على الشخص الذي نختاره شريكا للحياة أمرا مضحكا، فحكايات أن المرأة مخادعة أو الرجل أناني وكاذب وغيرها ليست حقائق علمية ولا نفسية ثابتة لنعتمدها ونصف بها كل الرجال أو النساء دون تمييز ووعي.

مشاركة :