يتّفق الكثير من الباحثين والسياسيين على أهمية الاستقرار السياسي في تسيير أمور الدول وثباتها وتراكم تجاربها وخبراتها التي تصب في النهاية لصالح شعوبها والمحيطين بها؛ فغياب الاستقرار معضلة حقيقية تعوق التقدّم والنّمو والتنمية، بل تشكّل خطورة بالغة تهدّد الحرث والنسل. ولعل المتابع للأحداث الصاخبة التي تعصف بالعالم يدرك أهمية هذا الاستقرار للدول وضرورة توفيره وتهيئة البيئة المناسبة لاحتضانه وصونه من التشتّت أو التضعضع. ومن المهم الإشارة إلى أن الاستقرار السياسي أي استقرار -في جوهره ومضمونه وأدقّ خصائصه-، لم يكن ناتجاً عن القوّة الاقتصادية بقدر ما هو وليد إجراءات وتدابير واعية منطلقة من حس مسؤول يقوده، وتتضافر فيه كل قوى المجتمع وأطيافه التي تنصهر مُذيبة كل اختلاف أو تعارض، وحالة من التماهي التام الذي ترفض المساس بكيان الدولة أو تعيق تقدّمها وتطوّرها أو تحاول تبديد وهدر طاقاتها ومنجزاتها. في المملكة؛ وليس على سبيل الاستعراض أو الادّعاء ننعم -بفضل الله- بحالة استقرار جديرة بالتقدير، وهو استقرار لا يمكن لأي متابع وراصد للمشهد السياسي العالمي تجاهله أو التقليل من دوره سيما وأنه بات يُشكّل ملمحاً بارزاً وسمة لافتة تتجلّى ملامحها بكل وضوح، ويزيدها وضوحاً وفاعليةً حالة الثبات والديمومة التي تشكّل شخصية الدولة بكافة مفاصلها ومؤسساتها المختلفة. قوة النظام السياسي في المملكة وقدرته على حماية المجتمع والدولة ضد أي أخطار خارجية محتملة، من أهم ثمرات هذا الاستقرار السياسي بلا شك، ولا غرو في ذلك، فنحن نحظى بقيادة راشدة تتمتع بحس ووعي منقطعي النظير، قيادة آلت على نفسها مواصلة النهج الرصين الذي اختطّه المؤسس العبقري وكوّن عبره دولة ذات ثقل سياسي عالمي، وسار من بعده أبناؤه البررة على ذات الخُطى، فاتحين قنوات الاتصال بينهم وبين شعبهم في تشارُك بديع وخلاّق لا يتزعزع ولا يتضعضع على مرّ الأزمان. وقد ترسّخ هذا الوعي لدى كل مواطن وما زال يترسّخ على أهمية الدولة وأنها حجر الزاوية في كل ما يتعلّق برفاهنا وأمننا وحقوقنا معتبرين أن الوعي بهذه الأهمية وخطورة الإخلال بها مُفضٍ إلى حالة من الفوضى «الأناركية»؛ حيث لا سُلطة ولا حاكم ولا استقرار، وهذا ما لم تستوعبه بعض الأنظمة التي تعيش مأزق الفوضى والصراعات وجحيم اللا استقرار.
مشاركة :