الخرطوم – تنطلق اليوم الثلاثاء الجولة الثانية من المفاوضات الأميركية السودانية التي تأمل الخرطوم من خلالها في إقناع واشنطن بوجوب شطب اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، التي تشكل حجر عثرة أمام عودة طبيعية لعلاقات السودان مع المجتمع الدولي، فضلا عن تأثيرات وجوده ضمن القائمة على اقتصاده المنهك. وتوجه الاثنين وفد سوداني برئاسة وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد إلى واشنطن. ونقل المركز السوداني للخدمات الصحافية المقرب من الحكومة، عن مصدر مطلع بالخارجية قوله إن المباحثات المرتقبة في واشنطن ستركز على إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مشيرا إلى “الجهود الكبيرة التي قام بها السودان لمكافحة الإرهاب وإحلال السلام في دول الإقليم”. وكان من المتوقع أن تجرى الجولة الثانية من المحادثات بعد فترة قصيرة من انتهاء الجولة الأولى التي نتج عنها رفع الولايات المتحدة للعقوبات الاقتصادية عن السودان العام الماضي، بيد أن واشنطن فضّلت عدم استعجال الأمور. وتأتي المفاوضات بعد أيام قليلة من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمرا تنفيذيا يقضي باستمرار حالة الطوارئ الوطنية ضد السودان. وأرجع ترامب قراره إلى أن حكومة السودانية “لا تزال تشكل تهديدا استثنائيا وغير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية”. وأثار قرار ترامب غضب السودان. وسارعت وزارة الخارجية السودانية إلى الرد عليه بالقول إن الخطوة لا تتسق مع التعاون القائم بين البلدين في الكثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك. ويرى مراقبون أن القرار لن يكون له أثر فعلي على المفاوضات السودانية الأميركية، ويشير هؤلاء إلى أن الوفد السوداني سيركز اهتمامه على تبيان وجاهة شطب اسم بلاده من القائمة السوداء، والتسويق إلى إن النظام الحالي هو عنصر سلام للمنطقة، ولديه في ذلك ورقة مهمة لعرضها في هذا السياق وهو اتفاق السلام الذي أبرم في سبتمبر الماضي بين أطراف الصراع في جنوب السودان والذي تم برعاية الرئيس عمر حسن البشير، هذا فضلا عن الدور الذي تقوم به الخرطوم لتسوية الأزمة في أفريقيا الوسطى. ويلفت مراقبون إلى أن تحريك ملف المفاوضات بين الحكومة السودانية والفصائل المسلحة المناوئة لها، سيشكل نقطة إضافية تحسب للخرطوم في هذه المفاوضات، وإن كانت تبقى غير كافية. وتطالب الولايات المتحدة الخرطوم بفتح المجال أكثر أمام العمل السياسي والحقوقي، ووقف سياسة تكميم الأفواه واستهداف المعارضين، فضلا عن كفالة الحريات الدينية. ويقول محللون إن شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب سيكون مرهونا بما يتحقق على صعيد هذه المطالب. وأدرجت الولايات المتحدة السودان في قائمة الدول الداعمة للإرهاب في 12 أغسطس عام 1993 على خلفية دعمه لمجموعات إسلامية متطرفة، لا سيما وأن مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أقام في السودان بين عامي 1992 و1996. وفي العام 1997 أعلنت واشنطن حزمة من العقوبات الاقتصادية على السودان، تلتها عقوبات إضافية في العام 2003 على خلفية الصراع في إقليم دارفور. وسُجل في السنوات الأخيرة تحسّن تدريجي في العلاقات بين واشنطن والخرطوم بدأ في عهد الرئيس السابق باراك أوباما ليستمر مع الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي قام في أكتوبر من العام الماضي بإلغاء العقوبات الاقتصادية على هذا البلد، وإن كان البعض يقول إنه من الصعب الجزم بأن الأخير سيقدم خلال فترة ولايته على إخراج السودان من اللائحة السوداء. وصرّح رئيس بعثة واشنطن الدبلوماسية لدى الخرطوم ستيفن كوستيس الشهر الماضي، أن الطريق مازال شاقّا أمام شطب اسم السودان من القائمة السوداء. ويؤثر وجود السودان ضمن القائمة التي تضمّ أيضا كوريا الشمالية وإيران وسوريا سلبا على محاولاته الانفتاح على المجتمع الدولي، والأخطر أنه يكبّل اقتصاده نتيجة خشية المستثمرين الأجانب والبنوك الدولية من التعاون والاستثمار في هذا البلد. ويوضح مسؤولون أنه على الرغم من زوال العوائق القانونية أمام الاستثمار في السودان على خلفية القرار الأميركي برفع العقوبات، إلا أن المصارف الدولية والمؤسسات المالية العالمية والمستثمرين لا يزالون يخشون القيام بتعاملات تجارية مع بلد تدرجه واشنطن على قائمتها السوداء. وتضرّر الاقتصاد السوداني بشدة من ازدياد معدلات التضخم وارتفاع الدين الخارجي إلى أكثر من 50 مليار دولار وخسارة البلاد للعائدات النفطية منذ استقلال الجنوب في عام 2011.
مشاركة :