الحكومة المصرية تتجه نحو سن تشريع يجرم التعليم الموازي

  • 11/6/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة- أغلقت المحافظات المصرية، الآونة الأخيرة، جميع مراكز الدروس الخصوصية، التي أصبحت بمثابة مدارس موازية للتعليم الرسمي في المدارس الحكومية والخاصة. وأطلقت الحكومة على الدروس الخصوصية مسمى “الفساد التعليمي”، وحثت المجتمع على أن يكون شريكا في القضاء عليها، والإبلاغ عن أيّ مركز يحتضن هذه الدروس، في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث وصلت المسألة إلى حد المطاردة الأمنية والمجتمعية. وقال طارق شوقي وزير التربية والتعليم المصري لـ”العرب”، إن “مراكز الدروس الخصوصية أكبر تحد لنظام التعليم الجديد، لأنها تعلم الطلاب على طريقة النظام القديم، بينما تقوم فلسفة النظام المستحدث، على الفهم والمعرفة والبحث والابتكار، وبالتالي بات وجودها أمرا كارثيا”. وتابع “الحكومة أدركت أن عودة هيبة المدرسة وقيمتها التربوية لتكون الأساس في العملية التعليمية، تبدأ بالقضاء على هذه المراكز التي أصبحت بديلا عن المدارس الرسمية، يهرب إليها المعلمون والطلاب بمختلف المراحل، ويتغيبون عن المدارس لأيام”. وتلتهم الدروس الخصوصية قرابة 30 مليار جنيه (نحو 1.7 مليار دولار) من ميزانيات الأسر في العام الدراسي الواحد، وفق إحصائية رسمية لمركز معلومات مجلس الوزراء المصري، ويبرر أولياء الأمور اللجوء إليها بتخاذل المعلمين في المدارس عن الشرح، وارتفاع معدلات الكثافة، وانخفاض التحصيل الدراسي. وأكد وزير التعليم أن 70 بالمئة من أصحاب مراكز الدروس الخصوصية، ليسوا معلمين ولم يحصلوا على تراخيص لمزاولة المهنة، ما ينسف جهود الدولة لإقرار نظام تعليمي معاصر بمعلمين مدربين على أساليب تربوية حديثة. وقررت الحكومة تطبيق نظام تعليمي جديد بالصفوف الثلاثة الأولى في المرحلة الابتدائية، بتطوير المناهج لتعتمد على الفهم وحب التعلم بعيدا عن الحفظ، كما أن طريقة الامتحانات في النظام الجديد للثانوية العامة مغايرة تماما لتلك التي يتم تدريسها في المراكز الخصوصية التي تعلم الطلاب التلقين والإجابات النموذجية. وتعتمد خطة غلق المراكز على شن حملات رقابة يقوم بها مسؤولون بوزارة التعليم وقيادات أمنية لضبط المعلمين والأموال التي بحوزتهم والتحفظ على أدوات التدريس والتعامل معهم كمتهمين. وزارة التعليم تعتمد على أولياء الأمور بشكل أساسي للإبلاغ عن أماكن المراكز تمهيدا لغلقها، وهذا أمر من الصعوبة تطبيقه، لأن أبناء هؤلاء يشكلون القوام الأساسي لكل المراكز وقالت وزارة التعليم، السبت، إنها قاربت على الانتهاء من إعداد مشروع قانون لتجريم الدروس الخصوصية، وتغليظ العقوبة على المعلمين لتصل إلى الحبس والغرامة معا، مع العزل من الوظيفة، ويحظى هذا التوجه بتأييد برلماني. ويعتقد أولياء الأمور أن غلق المراكز الخصوصية لن يحل الأزمة، وأنه على الحكومة تهيئة المدارس ليعود الطلاب إليها مرة أخرى بدلا من هجرها، مع تخفيف المناهج لتكون مناسبة مع عدد أيام الدراسة، وتقليص كثافة الطلاب في الفصول. وأشارت عبير أحمد، مؤسسة ائتلاف أمهات مصر من أجل التعليم، لـ”العرب” إلى “ضرورة تجريم عدم الشرح داخل المدارس أولا، وفصل المتقاعسين من المعلمين، وإصلاح المدرسة والانتباه إلى أن نسب الغياب وصلت إلى أرقام فلكية”. وأوضح خبراء تربويون أنه من السهل التحايل على القانون بإعطاء الدروس الخصوصية داخل المنازل، بدلا من المراكز، وبالتالي فإن القضاء على التعليم الموازي أو غير الرسمي، يتطلب التحرك الفوري لإعادة الاعتبار للمدرسة والمعلمين، ومنحهم رواتب ترضيهم بدلا من اللجوء إلى الدروس الخصوصية. وقال محمد زهران الخبير التربوي لـ”العرب”، “إن مواجهة التعليم الموازي بحاجة إلى حلول علمية، عبر سياسة تقييم جديدة ومفاهيم مختلفة لطرق الامتحانات وتوفير مقاعد للطلاب بالمدارس تكفي أعدادهم”. واعتبر أن “الالتجاء إلى الحل الأمني لن يكون كافيا، والقضاء على المراكز قبل إصلاح المدارس لا فائدة منه، وكان يفترض أن تختفي الظاهرة بإصلاح التعليم جيدا وليس باستخدام الترهيب”. ويبرر معلمون اللجوء إلى الدروس الخصوصية بضعف الرواتب وعدم القدرة على توفير الحد الأدنى لمتطلبات الحياة، في ظل رفض الحكومة ضخ زيادات مالية لهم منذ عام 2014، وأوضح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن “زيادة راتب كل معلم ألف جنيه تتطلب توفير 14 مليارا، وهذا مستحيل تحقيقه في الظروف الاقتصادية الراهنة”. وتعتمد وزارة التعليم على أولياء الأمور بشكل أساسي للإبلاغ عن أماكن المراكز تمهيدا لغلقها، وهذا أمر من الصعوبة تطبيقه، لأن أبناء هؤلاء يشكلون القوام الأساسي لكل المراكز ويجبرون أولادهم على الذهاب إليها. ويلجأ البعض من المعلمين إلى التراخي في تأدية واجباتهم تجاه طلاب المدرسة حتى يستقطبوا المزيد ممن يحتاجون إلى شرح المناهج بالمركز الخصوصي، ما دفع وزارة التعليم إلى التفكير في أن يكون الراتب الشهري مرتبطا بتقارير الأداء، والطالب من سيقوم بتقييم أداء المعلم داخل الفصل.

مشاركة :