الإسلام الحركي والدولة الوطنية.. العلاقة المأزومة “1”

  • 11/6/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أنمار الدروبي.. كاتب وباحث عراقي مقدمة:- يشكل الوعي الاجتماعي ديناميكية تفاعل الأمم والشعوب في عملية إنتاج وجودها الحضاري، حيث يمثل الدين أهم العوامل التي تحكم سلوك المجتمعات إضافة إلى دوره في تنظيم العلاقة بينها وبين المقدّس في الحياة.وإذا نظرنا إلى الدين من وجه كونه منظومة أخلاقية وروحيّة فمن بالغ الخطورة أن يتم إقحامه في السياسة أو استثماره أيديولوجيا لإنتاج فكر حزبي،لأن هذا الاستثمار سيؤدي إلى إحداث شرخ كبير داخل الدين وينتهي من كونه عقيدة عامة وفطرية إلى مؤسسة حزبية تمثل من ينتمي إليها بشروط اجتهاد طبقة معينة وفق اعتبارالزعامة.إن عدم الانتباه لهذه الخطورة دفع مُنظري الإسلام السياسي المعاصر نحو ركوب سفينة الدين في محاولة تحقيق أهدافهم الحزبية ولم يفطنوا بأن فشلهم سينعكس على الدين أو ينتهي بتدميره، و يعتبر الفساد والغلو من الممارسات اللصيقة لتيارات الإسلام السياسي،حيث تعد هاتان الظاهرتان من الأمراض التي كانت معوقة لظهور حراك سياسي بالمعنى الدقيق للقيام بتحولات فاعلة على الساحة الإسلامية،بل كانت حاجزا منيعا لإخفاء كل تألق فكري حدث خلال تاريخنا الإسلامي. لقد أدت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م إلى نشوء اختلافات وغموض كبير في تعريف (الحركات والجماعات الإسلامية).ووفق المفهوم المغلوط والمشوش الذي فرض نفسه بعد هجمات سبتمبر،والذي حاول الخلط بين الإسلام كدين والحركات والجماعات التي تتخذ من الدين الإسلامي كأيديولوجية أولا،وثانيا جرى تصنيف كل الحركات والجماعات الإسلامية وكأنها ذات طبيعة مشتركة وتعريف واحد،حيث أُدرجت تحت عنوان الحركات والجماعات الإرهابية، سيما أن هذا التصنيف غيرعلمي لأنه ينفي التنوع في طبيعة هذه الحركات واختلاف نهوجها السياسية والفكرية. وصف الدولة وموقف الشريعة منها في تراث الفكر الإسلامي:- لايوجد مفهوم للدولة في الإسلام لأنه دين جاء لكافة الناس.أن الثنائية التي نحن بصددها، ثنائية الدين والدولة، تطرح تساؤلا مهما هل الإسلام دين أو دولة؟ يعتبر موضوع (الدين والدولة) في الإسلام وقضية تطبيق الشريعة من الموضوعات التي تتأثر بالسياسة وتخضع لمنطقها واصولها.لقد اثبتت التجربة التاريخية عند العرب والإسلام ان المرجعية الأساسية في مجال العلاقة بين الدين والدولة وتطبيق الشريعة هي عمل الصحابة، بمعنى أن عهد الخلفاء الراشديين بعد وفاة الرسول الكريم، يمثل المرجعية الأصل والسابقة على كافة المرجعيات.إن كل ماجاء في القرآن والسُنة،لايُشرع لأمورالحكم وشؤون السياسة، حيث لم يتعرضا (الكتاب والسُنة) للعلاقة بين الدين والدولة بنفس الدقة والوضوح اللذين تناولت بهما قضايا أخرى مثل الميراث والزواج،بيد ان مشكلة العلاقة بين الدين والدولة لم تكن ملائمة للواقع العربي الفكري الحضاري.فكان الرسول الكريم يجتهد برأيه ويشاور أصحابه وكثيرا ما أخذ بآرائهم أو أقر بأفعالهم،حيث الزم رسول الله صلى الله عليه نفسه بالشورى،ولكنه لم يضع قواعد لآليه الحكم وكيفية تداول السلطة ـ بحسب حاجة ذلك الزمن ـ ولو أوصى بها لاتخذها المسلمون دينا، وحاولوا العمل بها في كل زمان ومكان.إن عدم تحديد آلية حكم وكيفية تداول السلطة نراها بصيرة نبوية ودلالة من دلالات النبوة،إذ مثل هذا الأمر يختلف باختلاف أحوال الأمة الاجتماعية، في الزمان والمكان، وهذا مايدل دلالة قاطعة على ” إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يضع في جملة أهدافه،في بداية دعوته،إنشاء دولة. أنه ليس هناك لا في الحديث ولا في المرويات عن الصحابة مايمكن الاستشهاد به لإثبات هذه المسألة، بل بالعكس هناك خبرمتواتريؤكد أن النبي رفض رفضا مطلقا العرض الذي قدمه له أهل مكة عند أبتداء دعوته،بعد أن يقترحون عليه فيه أن ينصبوه رئيسا عليهم مقابل تخليه عن الدعوة إلى دينه الجديد،مما يدل على أن هدف النبي الكريم في البداية على الأقل كان نشر الدين الجديد وليس تكوين دولة ولا الحصول على زعامة، كما انه ليس في القرآن مايفيد بصورة واضحة أن الدعوة الإسلامية دعوة إلى  إنشاء دولة أو مُلك أو إمبراطورية”.إذن فحديثنا هو حديث سياسة وإشكالية تاريخنا الإسلامي إن ماهو سياسي يتحول إلى موقف ديني عقدي وقد ” حذر رسول الله عليه الصلاة والسلام من إشكالية تحول الموقف السياسي إلى موقف ديني،ببصيرته النبوية،لأن ضرورات السلطة وهي وليدة اللحظة،وهي بنت وقتها،وعليه لاتعد مثل هذه الممارسات من الدين. بيد أنه مع مرور الوقت وتراكم الحجج يتحول الموقف السياسي إلى عقيدة دينية،تأخذ ملامح قوة منافسة للدين،فتكون جزيئة السلطة وتراكم الحجج تنال من الاهتمام أكثر مما ينال الدين نفسه،ولايبقى سوى خيط رفيع بين دعاة السلطة والدين إلا الأسم،ألا وهو الإسلام”. وكما أشرنا سابقا لم تكن للتجربة التي قادها الرسول عليه الصلاة السلام أية ملامح سياسية، بمعنى لم يكن النظام في وقت الرسول عليه السلام ذات طابع سياسي يشمل مواصفات الحكومة والدولة،لاسيما أن النظام الذي أقامه الإسلام في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في شبه الجزيرة العربية لايمت بصلة للحكم والدولة،بل أن هذه التجربة لاتعدو أن تكون دينا خالصا وروحانية بحتة لاتشوبها شائبة حكم أو دولة أو سلطان، وأن تلك الوحدة العربية التي وجدت في زمن النبي عليه السلام لم تكن وحدة سياسية بأي وجه من الوجوه، ولا كان فيها معنى من معاني الدولة والحكومة،بل لم تعد أن تكون وحدة دينية خالصة من شوائب السياسة،وهي وحدة الإيمان والمذهب الديني لا وحدة الدولة ومذاهب الملك،وذلك يعني أن السياسة والدولة والحكومة بمعناها المدني كانت أمور متضمنة وداخلة في طبيعة النظام الذي أقامه الرسول عليه السلام. وبالتالي فإن من خلال دراسة منظومة العمل السياسي في تداول السلطة، يتبين لنا أن النظريات السياسية وأنظمة الحكم غير ثابتة بل هي في تغير مستمر، فليس من المنطق أن يحدد الدين الإسلامي آلية واحدة للحكم غيرقابلة للتجديد، لذلك جاءت الشريعة الإسلامية بمنظومة قيم ومجموعة ضوابط للحاكم وليس تحديد صيغة حكم مثل الشورى والعدالة والمساواة وسيادة القانون لهذا إن وجود شكل ثابت لنظام حكم عن رسول الله عليه الصلاة والسلام سينتج نظرية حكم يتناقلها المسلمون سُنة مؤكدة،مما يعني الخروج عليها يعد خروجا عن الدين،عندها ستصبح نظرية الحكم في الإسلام قالبا جامدا،عاجزا عن استيعاب متغيرات العصر والعصور القديمة، وهذا ماذهب إليه الباحث النمساوي (ليوبولد فايس) بقوله أننا فحصنا الأحكام الخاصة بالشؤون السياسية في القرآن والسُنة فلن نجد من بينها ماينص على شكل معين للدولة، بمعنى أن الشريعة لاتضع لنا نموذجا محددا يجب على الدولة الإسلامية أن تتشكل على مثاله.لقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بين السلطتين الدينية والسياسية وبهذا ارست قواعد الحكومة الإسلامية، فالإسلام جامعة كبرى تنظم علاقة الفرد بمجتمعه  وتربطه بخالقه في نفس الوقت. والحياة الدنيا دار انتقال يعيش فيها المؤمن وقتا محدداً ينتقل بعدها إلى حياة الآخرة وهي دار البقاء والخلود.كان رسول الله نبيا مبلغا لرسالة ربه مؤسسا لدولة وفق الدين الإسلامي وبمقتضى التكاليف الشرعية التي أمره الله بتبليغها،حيث كان النبي يُصرف سياسة الدنيا بمقتضى رعايته لمصالح الناس. لقد ذكر القرآن آيات كثيرة للدلالة على قيام النبي الكريم بارشاد المسلمين إلى مافيه صلاح دينهم ودنياهم، وادائه لدورالرئيس في نواحي عديدة، وكان له دورالرياسة في إقامة الحدود والعقوبات وقتال الأعداء وتحديد الموارد المالية، وغيرها من المهام التي أداها وقام بها كأفضل مايقوم به رجل الدولة. فمظاهرالدولة كلها متوفرة في الشريعة الإسلامية واعظمها الحرب والصلح وبيت المال والامارة والقضاء وسن القوانين والعقوبات. لم يرث الرسول الكريم أو أدعى لنفسه ملكا وإنما شق رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقه في سبيل نشر الرسالة بصعوبة بالغة وعانى من العذاب ألوانا، لقد كان النظام الجاهلي العتيد والعبادات المتوارثة في قبائل العرب جيلا عن جيل والمراكز المرموقة لرؤساء القبائل من الناحيتين السياسية والاقتصادية كل هذه الظروف تكاتفت لتجعل من أداء الرسول الكريم لمهمته أمرا شاقا عسيرا. وقد حاول بعض الباحثين الغربيين أن ينسبوا نظام الحق الآلهي على عصر رسول الله وانقلابه إلى حكم مطلق (اوتقراطي) ولكن إطلاق هذه الفكرة كان جزافا على عهد الرسول الكريم،وذلك نتيجة الخلط بين فكرة الحق الآلهي المطلق وبين الوحي الآلهي وهي رسالة من الله للبشرعن طريق الأنبياء والرسل، لأن الرسول الكريم لم يدعي يوما المُلك بل على العكس كان يؤكد على أنه إنسان وعبد لله إلى جانب كونه نبي. نشوء جماعات وحركات الإسلام السياسي:- لقد شكلَ انهيار الخلافة الإسلامية العثمانية صدمة هزت الوعي والوجدان الإسلامي، وكان لهذا الانهيار العامل الأساسي لولادة تيارات إسلامية جديدة،وتحديدا بعد قيام الدولة الحديثة (الدولة الوطنية) محل دولة الخلافة العثمانية (دولة الأمة).على الرغم من أن أصحاب الخط الإسلامي الإحيائي من أمثال جمال الدين الأفغاني وعبد الرحمن الكواكبي عملواعلى بث الروح بنظام الخلافة وتجديده ليواكب تطورات الحداثة والنهضة الأوربية.ويعتبر الإمام محمد عبده من الذين كانوا ضد تصفية الدولة العثمانية،حيث أعلن وبشكل صريح أنه يجب المحافظة على الدولة العثمانية،التي تمثل ثالثة العقائد بعد الله ورسوله وبحسب رأيه. كان سقوط الخلافة العثمانية وإقامة كيانات وطنية على انقاض نظام الولايات العثماني، السبب في ظهور تيار إسلامي احيائي غايته الأسمى إقامة الدولة الإسلامية. لكن بعد نشوء الدولة الوطنية في العديد من البلدان العربية على أنقاض نظام الولايات العثماني،وبدعم مباشر من السلطتين الاستعماريتين،بريطانيا وفرنسا، ظهرت بعض الجماعات التي اتخذت من الدين الإسلامي كأيديولوجية، لتغير المجتمع. وكان أول هذه الجماعات،حركة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 وانتشرت فروعها في العديد من البلدان. وقد  ظهرت مقابل حركة الإخوان المسلمين،في فترة لاحقة في نهاية خمسينيات القرن الماضي، بعض الجماعات في الوسط الشيعي، التي تحاكي حركة الإخوان في أهدافها السياسية لتغير المجتمعات ذات الكثافة السكانية الشيعية،وكان من إبرزها حزب الدعوة الإسلامية في العراق. موقف الإسلام السياسي من الدولة الوطنية:- حفزت الأسباب التي أدت إلى إنهيار عدد من الدول العربية،بعد الاحتجاجات والإنتفاضات الشعبية، إلى دراسة العوامل التي  قادت إلى سرعة أنهيار ليس السلطات الحاكمة فحسب،بل أن بعض الدول شهدت انهيار في مؤسسات الدولة الذي مضى على تشكلها عدة عقود بحيث لم تستطع هذه المؤسسات التكييف مع الأوضاع الجديدة التي خلقتها الظروف المحلية والإقليمة والدولية. ان الظروف التي نشأت تحت تأثير ما يطلق عليه (الربيع العربي) قد وفرت عواملاً مناسبة  لعودة تيار الإسلام السياسي إلى واجهة الأحداث في الدول العربية بعد ان خفت دوره خلال السنوات الماضية. وبتحليل الأسباب التى أدت إلى تصدر تيار الإسلام السياسي،خلال هذه الاحتجاجات،وإنطلاقا من دراسة موقف الفكر الإسلامي،بشكل عام وموقف تيار الإسلام السياسي من الدولة بشكل خاص،وفهم الاسباب التي أدت إلى خلق التباسات كثيرة لدى أغلبية المواطنين حول الدولة الوطنية العربية ومدى شرعيتها وسبل التعامل مع هذه الشرعية. كما يجب تحليل موقف الجماعات والحركات الإسلامية الفاعلة في تيار الإسلام السياسي من الدولة وكيف تم التعامل معها عندما توفرت الفرصة لبعض تيارات الإسلام السياسي من السيطرة على الدولة من خلال استغلال الشرعية الإنتخابية التي توفرت لها بعد نجاح (الانتفاضات الشعبية) في تغيير السلطات في بعض البلدان العربية،كما حصل لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وتفرعاتها في بعض الدول العربية وتحديدا حركة النهضة التونسية. مع التنويه أن مصطلح الإسلام السياسي أصبح أكثر شيوعا بعد تصدر عدد من حركاته أحداث (الربيع العربي) وما أنتج من تحولات وتداعيات في عموم الشرق الاوسط. ان الظروف الموضوعية التي أدت إلى تصدر الإسلام السياسي في مشهد الأحداث مع بداية الألفية الثالثة يمكن إرجاعها إلى الفراغ السياسي والخلل الكبير  في السياسة العالمية وما رافق ذلك من زلزال داخل اليسار الثوري وإحباط آمال الشعوب في التحررمن أخطبوط الهيمنة الرأسمالية الإمبريالية التي كانت تغذي  تيارالإسلام السياسي حركيا وتدعمه ليشكل درعا ضد المد الشيوعي في عموم منطقة الشرق الأوسط من أفغانستان إلى المغرب العربي إضافة إلى دوره في إثارة الصراع الحاد مع التيارين الرئيسيين في البينة السياسية في المجتمعات العربية، أعني بهما التيارين القومي واليساري، الأمر الذي  أدى إلى نشوء تناقضات حادة على مستوى الإنتماء والهوية في كثرة من البلدان العربية. تجدر الإشارة الى الحقيقة التي يجب عدم اغفالها التي تتلخص بالطلاق الذي حصل بين أطراف الإسلام السياسي والغرب الرأسمالي بعد انتهاء مهمته في أفغانستان،ولكي ننصف الإسلام ونبرئ ساحته السمحاء يُلزم وضع الأشياء في نصابها الصحيح واثبات حقيقة ان تيار الإسلام السياسي لايمثل إلا نفسه ولايخرج عن كونه فرقة أو طائفة سياسية تستند إلى أيديولوجية ورؤيا خاصة هدفها السيطرة على سلطة الدولة لتحقيق المصالح الخاصة لها.إن النظرة الواقعية إلى فعالية الإسلام السياسي واستثماره في موازين ومعايير السياسة الدولية لا تقتصر على تيار الإسلام السياسي السُني بل  تشمل تيار الإسلام السياسي الشيعي الذي توسع نشاطه مع إنتصار الثورة الإيرانية في عام 1979م،ونجاحه في مصادرة الثورة  لصالح مشروعه السياسي ليقيم جمهورية إسلامية وفقا لنظرية ولاية الفقيه التوسعية التي عملت على توسيع  نفوذها في منطقة الشرق الأوسط من خلال الأحزاب والحركات السياسية التي  تبنت نظرية ولاية الفقيه. وهنا يمكننا الوقوف عند نقاط التقاء بين الإسلام السياسي السُني والإسلام السياسي الشيعي من خلال ” الآراء المطروحة السابقة للبنا والخميني،والتجسيد الحي والواقعي لفكر الخميني في جمهورية إيران الإسلامية، توجد مساحة واسعة مشتركة بين الرؤيتين، تصلح لكي تشكل أرضية واسعة لاعتبار إيران ـ الدولة نقطة انطلاق نحو الدولة الإسلامية العالمية التي تنتظم في إطارها جموع الأمة الإسلامية هي دولة الأمة، والتي طالما حلم بها حسن البنا وكل من تولى قيادة الإخوان المسلمين من بعده”. إن تزايد نشاط  التيار الإسلامي السياسي بكل تجلياته وألوانه على ساحة الأحداث في ظروف معينة يثير تساؤلات كثيرة عن حقيقته والأدوار التي يؤديها على الساحة  العربية والإقليمية. وإذا ما تفحصنا طبيعته بدراسة تحليلية واجرينا مراجعة تاريخية فسوف نجد ان تيارالإسلام السياسي ظاهرة يتزايد نشاطها في أحوال معينة لتؤدي وظيفة ما،ثم ينخفظ تدريجيا مع انتفاء الحاجة لهذا التوظيف. ولتوضيح ذلك نشير إلى فعالية نشاط تيارالإسلام السياسي الذي يرتبط، بحالة الدولة، فعندما تعاني الدولة الوطنية من المشاكل والأزمات وما ينتج عنها من ضعف سلطة القانون وظهورعوامل الضد المزعزعة لاستقرارها،المتمثلة بنشاط عصابات الجريمة المنظمة وتفشى الفساد في الأجهزة الإدارية ودوائر حفظ الأمن،يشتد نشاط حركات الإسلام السياسي بدعوى الإصلاح والعدالة الاجتماعية ويصبح شعار الإسلام هو الحل لمواجهة الدولة ومؤسساتها، وسيلة لتأجيج الصراع في المجتمع وسعي هذا التيار إلى فرض إدارته على المجتمع وأطراف البينة السياسية التي تختلف معه في الرؤية والمنهج. إن التنوع الذي أشرنا له سابقاً، كان قد أكدته عدد من الأبحاث والدراسات المتخصصة التي بينت وجود تصنيفات عديدة للحركات والجماعات الإسلامية:السلفية والأصولية والمتشددة والإرهابية والمتطرفة. لكن هذه التنظيمات التي تشترك جميعها  في اعتمادها على الإسلام كأيديولوجية كما تزعم، تنشط وتعمل على تطبيق الصورة التي تراها ملائمة للإسلام في مجتمعاتها،وقد تختلف تلك الجماعات والحركات في تفسيرها للقواعد والأصول لكنها تبقى تعتمد صحة انتساب مشروعها للإسلام وتظل تطلق على نفسها صفة إسلامي.وسنتكلم لاحقا عن مفهوم الجماعات والحركات التي ينطبق عليها مصطلح الإسلام السياسي و طبيعة ونمط الجماعات وحركات الإسلام السياسي. المصادر:الجابري، محمد عابد، الدين والدولة وتطبيق الشريعة، الناشر ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1996م،ص9الجابري، محمد عابد، الدين والدولة وتطبيق الشريعة، مصدر سابق، ص65المشهداني، سعدون، الإسلام السياسي من الخوارج إلى المنطقة الخضراء، دار ورد للنشر والتوزيع،عمان،2009م،ص21عبد الرازق، علي، الإسلام وأصول الحكم، بقلم، عمارة، محمد، الناشر، المؤسسة العربية للدراسات، بيروت، 2000م، ص44حلمي، مصطفى ، نظام الخلافة في الفكر الإسلامي، الناشر، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م، ص27ص28يوسف، أحمد، الإخوان المسلمون في إيران جدلية الدولة والأمة في الفكر الإمامين البنا والخميني، تقديم، الهندي، محمد، الناشر، بيت الحكمة للدراسات ، القاهرة ، 2010م ص13

مشاركة :