«الشارقة للكتاب» يؤبّن إسماعيل فهد إسماعيل

  • 11/7/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة – أحمد ناصر أمسية أدبية جميلة ذات نسائم وفية، شهدها معرض الشارقة للكتاب ٣٧ كان نجمها الراحل رائد الرواية الكويتية إسماعيل فهد إسماعيل، أقيمت في قاعة الفكر بالمعرض بحضور عدد من عشاق الرواية والأدب العربي والخليجي. قدم الأمسية الكاتب الإماراتي محسن سليمان، بكلمات معبرة عن الراحل، ثم تحدث فيها بعض تلاميذ الراحل من الروائيين بداية بالروائية ميس العثمان، عن آخر أيام الراحل وكيف ترك أثرا عظيما في نفوس كل من عرفوه وتقربوا منه خلال مسيرته الأدبية وتحت عنوان «العود إسماعيل» قالت: كتبتُ يوما.. تزداد معزّة هذه الأرض الكويت،كلما ضمّت عزيزا علينا تحت ترابها.. فهد العسكر..أحمد البغدادي.. عبدالحسين عبدالرضا وأحمد الربعي.. الشيخ عبدالله السالم.. خلدون النقيب، عبدالله العتيبي، عبدالعزيز النمش، مبارك الحديبي، وإسماعيل فهد إسماعيل، ولم يتوقف منجل الموت عن الحصد من قلوبنا باتجاها لدّفن هذه المرّة،لم يكن سهلا أبدا أن نضرب موعداً مع «بوفهد» لزيارته في مكتبه دون الاتصال المباشر به، وسماع كلمته الترحيبية «حُيّيتما، بل كان تنسيق الزيارة و الاجتماع مع جمعٍ من الرفقاء الشباب تمّ من خلال والدنا رفيق دربه الكاتب محمد جواد «أبومازن».. لم يكن سهلا أبدا، هذه المرّة ،أن لا ينشغل ذهني بسؤالي المعتاد لنفسي، ماذا سنأخذ لإسماعيل؟ باقة ورد؟ أصيص زرعٍ مُزهر؟ أم طعام يُحلي بهشايه؟ أم لوحة يعلّقها على جدران روحه؟ وتابعت: لم يكن هيناً عليّنا عقيل «زوجها» وأنا، هذه المرّة أن نقرر الذهاب لمكتبه كزيارة جديدة بينما هو لم يعد هناك منذ ٢٥ من سبتمبر الماضي. كل شيء تغير منذ ذلك النهار، منذ التاسعة صباح «الثلاثاء» الذي كان موعده للغياب.. يوم جفّ عِرقٌ في روحي.. وذوى. كلمة طويلة تحمل المثير من المشاعر الجميلة التي كانت دافئة أحيانا.. وساخنة أحيانا أخرى، ولكنها لم تبرد. ثم قدم الكاتب عقيل العيدان ورقة قال: قِيل لغُصنٍ تثقلُه الثِّمار: إنك بَطلْ.. فقال الغُصْنُ: البطلُ، هو الجَذْرُ الراقِدُ تحتَ الأرض، يَكْدَحُ ويَشُقُّ الصخرَ، لكي يُعطي للأبطالِ الأزهار وأكاليلَالغار. وأضاف: إنها قليلةٌ، حتى لا أقولُ نادرة، هي تلك الأسماءُ الإبداعيةُ المعاصرة، التي أثمَرت في جيلَيْن، على الأقل، من الكتّاب والقرّاء في الكويت وحولِها، مثلمافعل اسم الأديب والروائي الأستاذ إسماعيل فهد إسماعيل. من هنا، كانت ملاحقةُ دُنيا إسماعيل زاخرة برأسمالٍ واسعٍ وجَمْ، سيجعلني أقتصرُ في كلاميَ السريعِ على مَلمحَيْن فقط، من حياته الواعية التي امتدّت إلى أكثر من نصف قرن. لم يكن الأستاذ إسماعيل، كاتباً مُعلِّماً لجيلٍ أو أكثر من الأجيال الكويتية والعربية فقط، أو أديباً مُبدعاً شكّل انْعِطافاً مهماً في تاريخ الأدب الكويتي والعربي، و مثقفاً ملتزماً بقضايا الإنسان والحريّة وترقية الوعي في الكويت المنطقة أيضاً،وإنما جزءاً أصيلاً منّا؛ نحنُ أصدقاؤه وحواريُّوه،قُرّاؤُه ومُتابعُوه. الملمحُ الآخر، يتعلّق بالعطاء الكبير للأستاذ إسماعيل وأَخْذِه بيدِ أجيالٍ من المبدعين الكويتيين وغير الكويتيين في الكويت وخارجِها خلال حياته، تصْديقاً للحرية العقلية التي هي أساس الإبداع والعبقرية من جهة، وإيماناً بأقلامِهِم ومَرْئيّاتِهِم وحقِّهِم في قولِ ما يَتُوقون لقولِه. إنّ الأستاذ إسماعيل فهد إسماعيل، هو «فيملّتي واعتقادي»، كلمتيّ أبي العلاء المعري، كان وسيبقى واحداً من أعاظِمِ من مسَكَ القلم وكتَبْ، وتصادَقَ مع الناس وأَحَبْ.. في بلدي الكويت، كما في حَوض الخليج والمنطقةِ العربيّةِ أيضاً. وتحت عنوان المعلّم الذي أعرف تكلم الكاتب وأحد رفقاء درب الراحل محمد جواد، قال: لعلّكم لا تعلمون بأن من يرافق كاتباً فإن عليه أن يتحمّل تبعات هذه الرفقة في اللحظات كلها، تقلباته بين الشدة في التدوين و في مراحل تعسّر الكتابة،إلا إسماعيل فهد إسماعيل فهو السامي على كل اللحظات خلال عمله الأدبي، فهو من الندرة الذين تجدهم في عز محطاته الكتابية بكامل الألق والترحيب، فما أن تدخل عليه حتى تعلو وجهه الابتسامة فيستقبلك بعبارات الترحيب بصدق وبهجة، يضع قلمه الرصاص وورقته المخططة التي يستخدمها كدليل مرئي أسفل ورقته الأولى كي لا يزوغ منه السطر ولاتنحرف الكتابة على ورقه الأبيض، وبعد استبدال الورق بالحاسوب اللوحي «آيباد» فإنه يحفظ سريعا ما كتبه ثم ينهي نشغاله ويتفرغ للضيف. وأضاف جواد: إن من يرافق إسماعيل فهد، لا يمل رفقته، لأنه كحامل المسك، إن لم تشترِ منه فإنك تنال منه العطر، فيوم يبدأ بمشروع الكتابة لا بد أن يكون قد مهّد لنفسه، وسبق الكتابة بقراءات غزيرة ومتنوعة وعميقة، وبرغم كونه كاتبا محترفا، غير أنه لا يتوقف عن السؤال للوصول لمعلومة يبحث عنها، ويدقق في بحثه حتى لا تفوته صورة أو كلمة أو ملمح، لأنه حريص على كل شاردة وواردة، فيوم كتب روايته «بعيدا إلى هنا» التي صدرت عام 1997 وبرغم معرفته الدقيقة في أحوال المنتهكة حقوقهن من عاملات المنازل في الكويت عبر ما تتناقلنه العاملات أنفسهن ممن يعشن معه أو مع أفراد أسرته الكبيرة من قصص وحكايات، غير أنه ولأجل تقديم مشهد حقيقي للوقوف على حال هذه الشريحة ومعاناتها اللاإنسانية، فقد اضطر للسفر فعليا إلى سريلانكا، وتجوّل في مدنها وقراها البعيدة حتى تمازج مع الناس هناك وتشبّع بأهوال ما تعانيه النسوة هناك، فعاد ليكمل ما ابتدأه حول قصص الاستغلال عند بعض المخدومين هنا في الكويت، لذا فإن قارئ الرواية سيجد صوراً إنسانية حقيقية تكفّل بحملها عبر مشاريعه الروائية، وهو الذي قال «الفعل الكتاب وظيفة إنسانية بالأساس». أما في روايته «السبيليات» الصادرة في 2015، وبرغم أن مدينة «السبيليات» في البصرة تعدّ مسقط رأسه، إلا أنه أبى إلا أن يتحقق من ذلك الخط الأخضر الذي تسببت به «أم قاسم» بطلة روايته وأقامته بين بيتها وشط العرب، خلال أشرس أوقات الحرب العراقية الإيرانية حيث ضراوة القصف وشدته ، حسب ما جاء في النص، وهي الرواية التي تحمل الحب في زمن الحرب والموت. وتحدثت صاحبة دار بلاتينيوم الكويت شمايل بهبهاني، عن رعاية الراحل لها كأديبة وكيف أخذ بيدها إلى عالم النشر إلى أن أصبحت صاحبة أكبر دور نشر في الكويت ترعى الشباب الكويتي الموهوب علي غرار ماكان يفعله إسماعيل فهد إسماعيل، من رعاية لمواهب الرواية والقصة في الكويت والعالم العربي. وختمت بأن آخر إبداعات الراحل صندوق أسود آخر خرجت من دار بلاتينيوم للعالم وبها ختم إسماعيل فهد إسماعيل حياته الروائية. كما ختمت بهبهاني حديثها عنه: يا إسماعيل فهد.. يا معلمنا الذي نعرف.. كن مطمئناً وأنت هناك في «الضفة الأخرى» بأنك ستظل نبراساً ينير وعي الكتّاب الشباب، وهم أبناؤك ممن سيكملون الدرب الذي شققته بفكرك وفعلك الإنساني العالي وحضورك الأصيل بيننا جميعا.

مشاركة :