شكرا للتجارب الأليمة التي منحتني القوة لأحارب وأستمر

  • 11/8/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

صاحبة أول مجلس نسائي ثقافي منتظم.. بدأت مشوارها سكرتيرة وصعدت إلى مدير إدارة بعد 25 عاما خبرة في الموارد البشرية.. تنحَّت عن المنصب المرموق من أجل الدراسة والعمل الحُر.. المستشارة سهى الغوزي لـ«أخبار الخليج»: حلمها للمرأة لا يتوقف، وطموحها لتطوير أوضاعها بلا حدود، لذلك جاءت خطوة إنشاء أول مجلس نسائي ثقافي منتظم لتعكس هذا الاهتمام البالغ بالوضع النسائي بالمملكة، في محاولة للارتقاء بالمجالس النسائية إلى المستوى الذي حققته المجالس الرجالية. المستشارة سهى الغوزي، صاحبة خبرة طويلة في مجال الموارد البشرية تمتد إلى أكثر من خمسة وعشرين عام، استطاعت خلالها التدرج من وظيفة سكرتيرة إلى منصب مدير إدارة، ورغم ذلك قررت المخاطرة، وضحت بهذا المركز المرموق، لتتفرغ لاستئناف مشوارها الدراسي، ولإطلاق مشروعها الخاص الذي شعرت بأنها سوف تعطي من خلاله بدرجة أكبر. ورغم النجاحات، فإن رحلة الصعود لم تخل من الإخفاقات، حيث كانت مزيجا بين الحلو والمُر، وبين الألم والأمل، إلا أنها تشعر بسعادة بالغة تجاه التجارب الصعبة التي مرت بها، لأنها هي التي منحتها القوة والصمود والاستمرار. «أخبار الخليج» توقفت معها عند أهم محطات الرحلة وذلك في الحوار التالي: كيف جاءت فكرة إنشاء المجلس النسائي؟ لقد لاحظت وجود عدد كبير من المجالس الرجالية المنتظمة والمؤثرة في المجتمع، في حين لا توجد مجالس نسائية على الساحة اللهم إلا مجلسين يعقدان بشكل موسمي كل عام، فقررت إنشاء أول مجلس نسائي ثقافي منتظم نظرا إلى الحاجة الفعلية إليه، على أمل أن يكون خطوة نحو الارتقاء بالمجالس النسائية، لترقى إلى مستوى المجالس الرجالية. وما دور المجلس؟ لقد أنشأت المجلس عام 2015 بحيث ينعقد مرة كل شهر، لطرح قضية تهم قطاعا كبيرا من النساء، ووضعت خطة له كي يغطي كل الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي تهم المرأة بشكل عام، ولكنني حرصت على أن أفتح المجلس للرجال أيضا من وقت لآخر للمشاركة في فعالياتنا، وللتحدث عن القضايا المُلحّة على الساحة. وما درجة الاستجابة؟ هناك شبه عزوف من النساء عن الحضور المنتظم، وقد يكون ذلك بسبب غياب الوعي بأهمية المجالس النسائية، أو عدم بلوغه الدرجة المطلوبة، وذلك رغم الدور المؤثر الذي تلعبه المجالس الرجالية العريقة في المجتمع، وفي النهاية يعتمد الأمر على نوع القضية المطروحة. وما القضايا الأكثر إقبالا؟ في كل شهر نختار قضية محددة، وقد لاحظت أن المرأة تهتم بالقضايا الاجتماعية والنسائية بشكل خاص، أما قضايا الشارع فلا تجذبها كثيرا مثل غيرها، ومع ذلك يمكن القول بأنه في الفترة الأخيرة بدأت المرأة تسجل نوعا من الاهتمام بحضور المجلس بدرجة أكبر من السابق. وما القضية التي تشغل المرأة حاليا؟ لقد نظمت لقاءات مفتوحة مع النساء للوقوف على رأيهن حول أهم القضايا التي تشغلهن والمشاكل التي تتصدر اهتمامهن، واكتشفت أن قضية الأمن الاقتصادي هي أكثر القضايا التي تشغل بال المرأة اليوم، وذلك بعد تصاعد أعباء الحياة وتشعُّب مسؤولياتها، ومن ثم زيادة النفقات في ظل محدودية الدخل. ثم ماذا؟ بعد الأمن الاقتصادي تأتي قضية التواصل الاجتماعي الذي أصبح من القضايا الشائكة اليوم، سواء بين المرأة وأسرتها أو بين أفراد الأسرة بعضهم بعضا، وفي المرتبة الثالثة تحتل الصحّة البدنية اهتمامات النساء اليوم من خلال التوجه نحو الحفاظ على الصحة واللياقة البدنية والنفسية. وكيف ترين دور المجالس اليوم مقارنة بالسابق؟ أنا من سكان المحرق، وهم من أكثر أبناء البحرين معرفة والتصاقا بالمجالس منذ قديم الأزل، وخاصة في صورتها التقليدية داخل بيوتنا التي كانت مفتوحة دوما لاستقبال الناس من كل الفئات والأجناس والأعمار، ولذلك أحاول من خلال مجلسي إظهار طاقات النساء وتعزيزها وتشجيعها وتحفيزها على العطاء والإنجاز، وهو مفتوح لكل الأعمار، وأكثر المترددين تتراوح أعمارهن بين الثلاثينات والأربعينات، كما أنظم كذلك ورش عمل تدريبية للمرأة في مختلف المجالات. ما أهم قضية تم طرحها منذ إنشائه؟ أهم القضايا التي طرحناها من خلال المجلس كانت تتعلق بالتحرش الجنسي ضد الأطفال، وهي قضية اجتماعية تحتل حيزا كبيرا من اهتمامات المرأة، بل والأسرة بشكل عام، تليها قضية الدعم، وخاصة ما يتعلق باللحوم، وعادة أجد أن القضايا السياسية هي الأقل جذبا، وقد أنشأت قناة على اليوتيوب للمساهمة في تحقيق أهدافنا. ما أصعب مرحلة في حياتك؟ أنا حصلت على دبلوم في السكرتارية، ثم درست إدارة أعمال وتسويق في مرحلة الجامعة، بعد أن عملت مدة عامين، وشعرت أنني بحاجة إلى تطوير مهاراتي العلمية والعملية كذلك، فقررت الالتحاق بالدراسة المسائية بالجامعة لاستكمال دراستي وحدث ذلك في الوقت الذي كنت فيه زوجة وأمًّا وحصلت على البكالوريوس بعد خمس سنوات، وكانت تلك الفترة من أهم وأصعب الفترات في حياتي، وواصلت بعد ذلك دراساتي العليا. وما أهم تلك الدراسات؟ لقد حصلت على درجة الماجستير في مجال الموارد البشرية والتنمية من جامعة بريطانية، والآن بصدد إعداد رسالة الدكتوراه في مجال سيكولوجية المؤسسات، وهو مفهوم شبه غائب في مجتمعاتنا. وما أهمية سيكولوجية المؤسسات؟ مازالت النظرة إلى مفهوم الموارد البشرية الصحيح قاصرة، حيث تنحصر في أمور محددة كالتوظيف والترقية والرواتب، بعيدا عن العلاقة السيكولوجية التي تربط بين الموظف وجهة العمل وهي علاقة مهمة ترتبط بالتحفيز والانتماء والإنتاج، كما أن هناك نقطة في غاية الأهمية وهي ضرورة مشاركة الموظف في قرارات الشركة، وتطبيق قياس الأداء الوظيفي، والإدارة بأسلوب علمي، وهي أمور تندرج كذلك تحت ما يسمى بسيكولوجية المؤسسات. كيف جاءت فكرة العمل الحر؟ لقد بدأت حياتي العملية في وظيفة سكرتيرة لمدير الشؤون الإدارية والمالية واستمررت في عملي في المجال نفسه مدة خمس وعشرين عاما تنقلت خلالها بين القطاعين الخاص والحكومي، ودول الخليج والشرق الأوسط، ووصلت إلى منصب مدير إدارة وهي نفس وظيفة مديري عند بداية المشوار، وكانت رحلة صعبة وممتعة في الوقت نفسه إلى أن قررت التفرغ لمشروعي الذي شعرت بأنني سأعطي من خلاله أكثر. وماذا عن مشروعك؟ لقد قررت التقاعد المبكر والتفرغ للمجال الذي أحبه، وهذا ما تسعى إليه المرأة دائما، أن تطور نفسها مهنيا وحياتيا وأسريا وعلميا، وأنشأت شركة استشارية في الموارد البشرية وتطوير المؤسسات، وهي محطة مهمة في حياتي أهدف من ورائها إلى نشر الوعي بأهمية هذا المجال وباستراتيجيات التعامل مع الموظف، وخاصة أن التراجع الاقتصادي العالمي أثر على مسألة التوظيف، حيث دفع كثير من المؤسسات إلى تقليص الميزانيات وجاء ذلك على حساب العمالة وتدريبهم وتطويرهم المهني وتحفيزهم، وبالتالي أصبحت الموارد البشرية هي أول من تضحي به المؤسسات عند الأزمات، وهذا خطأ أتمنى تصحيحه من خلال مشروعي. ما القرار الذي شعرتِ بالندم تجاهه؟ لم يكن قرار التفرغ لمشروعي بالأمر الهين، بل كان يمثل بالنسبة إليّ تحديا كبيرا ومع ذلك لم أندم عليه، أما القرار الذي شعرت بالفعل بأنني أخطأت تجاهه فهو تركي لعملي في فترة من الفترات مدة ثلاث سنوات لأتفرغ لأسرتي. ولماذا الندم؟ لأنني أدركت من هذه التجربة أنه ليس شرطا أن تتواجد المرأة بالمنزل وتترك عملها ضمانا لرعاية أسرتها بالشكل المطلوب، فكثير من النساء يعذبن أنفسهن ويشعرن بتأنيب ضميرهن بسبب عدم التواجد مع أبنائهم طوال الوقت خاصة وقت المرض أو الاختبارات وغيرها، الأمر الذي يشكل ضغوطا نفسية على الأم ويؤثر في أدائها في العمل والحياة بشكل عام وهذا خطأ كبير تقع فيه الكثير من الأمهات. وما الدرس من هذه التجربة؟ لقد علمتني هذه التجربة أن باستطاعتي أن أعطي لأبنائي بنفس القدر أو أكثر حتى لو لم أتفرغ لهم، بل إنني اكتشفت أن عطائي كان أكبر أثناء عملي وتحقيق ذاتي وانفتاحي على الدنيا وعدم الانغلاق في عالم المنزل المحدود، لذلك قررت العودة إلى الدراسة والعمل، كما أنني أؤكد هنا أمرا مهما وهو إيماني بأن نجاح المرأة في العمل ليس مقياسا لنجاحها بشكل عام في الحياة، لأن النجاح لا بد أن يتحقق في كل المجالات، لنفسها ولمن حولها وللمجتمع. ما الذي يعطل المرأة؟ لا شيء يكسر المرأة إلا نفسها، فهي صاحبة القرار في كل شيء، حتى لو تعرضت للانكسار، فسرعان ما تحوله إلى قوة للعطاء والإنجاز، وأنا شخصيا مررت بتجارب صعبة وأليمة كثيرة، لكنها منحتني الدافع لأن أحارب واستمر، وهي من أوصلتني إلى ما وصلت إليه اليوم، فالألم هو المحفز الأول للصمود، والإصرار، ومن المهم هو كيف نتعامل مع المشاكل التي تواجهنا، وإذا كان من حقنا أن نحزن، فعلينا كذلك البحث عن مخرج. كيف تنظرين إلى الرجل الشرقي اليوم؟ أنا أحترم عقلية الرجل الشرقي الذي يخاف على المرأة، وأتحفظ على بعض الأشياء خوفا عليها، وفي الوقت نفسه يثق فيها، كما أنني أتمسك كثيرا بعاداتنا وتقاليدنا الشرقية الأصيلة، ولا أؤيد مبدأ الاستقواء على الرجل. وماذا عن الجيل الجديد؟ أرى الجيل الجديد في موضع يثير الإعجاب والتقدير من قبلي، فهو منطلق في العطاء المجتمعي من دون مقابل ويتمتع بفكر جديد، وبالحرص على التغيير إلى الأفضل، وهناك قصص نجاح كثيرة لبرامج شبابية نفخر بها، ودائما أحرص على استقطاب الشباب نحو مجلسي.

مشاركة :