خصّص منتدى أسبار الدولي في دورته الثالثة «عصر المستقبل - السعودية غداً»، الذي عُقد برعاية أمير منطقة الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، جلسة لمناقشة التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية، الذي أصدرته المؤسّسة تحت عنوان: «الابتكار أو الاندثار، البحث العلمي العربي: واقعه وتحدّياته وآفاقه».وحضر الجلسة رئيس مجلس إدارة مؤسّسة الفكر العربي الأمير بندر بن خالد الفيصل، وتحدّث فيها مدير عام المؤسّسة البروفسور هنري العَويط، والدكتور عبدالعزيز الخضيري، والمندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى منظّمة اليونسكو سابقاً الدكتور زياد الدرّيس، ووكيل وزارة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامّة الدكتور سعود كاتب، والإعلامي عماد الدين أديب.وأدار الجلسة فائق منيف، وقدّم البروفسور العَويط مداخلة، هنّأ فيها القائمين على «مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام» على حُسن اختيارهم عنواناً لمنتداهم «عصر المستقبل - السعودية غداً»، مؤكّداً أنّه ينسجمُ تمامَ الانسجام مع توجّهاتِ رؤية المملكةِ العربية السعودية 2030، ويتواءمُ مع خطّةِ الأممِ المتّحدة 2030 وأهدافِها الإنمائيةِ المُستدامة.وطرحَ العَويط خمسة أسئلة ترسم الإجابة عنها بعضُ ملامحِ التقرير، وهي: لماذا هذا التقرير؟ وماهي أبرز الاستنتاجات التي خلص إليها؟ وما هي أهمّ التوصيات؟ وبماذا يمتاز التقرير؟ وإلى من يتوجّه؟.وأوضح أنّ التقرير خلُص إلى استنتاجات عدّة حول الجهود التي تبذلها الدول العربية على صعيد تعزيز أنشطة البحث والتطوير، تكلّلت بعددٍ من الإنجازات المضيئة، أهمّها: صياغة سياسات تنموية، وإنشاء مراكز للأبحاث وحاضنات للتكنولوجيا، وتعزيز فُرَص الالتحاق بالتعليم العالي، واعتماد معايير حديثة لأنظمة الجودة والتميّز.ولفت إلى أنّ هذه الإنجازات ما زالت بُرعميّة في معظم البلدان العربية، ولا تحظى بالموارد المادّية والبشرية الكافية.وأشار إلى وجود قصور مُزمن تعانيه الدول العربية في تمثّل، واستثمار، وإعادة إنتاج المعرفة العلميّة والتكنولوجية، والذي تنعكس آثاره السلبية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما تؤكّد المؤشّرات المُعتمَدَة أنّ البلدان العربية ما زالت في الصفوف الخلفية بين دول العالم.وذكر العَويط أنّ التقرير طرحَ مجموعة كبيرة من الأسئلة، وسعى إلى الإجابة عنها، ومنها: كيف يمكن للبلدان العربية أن تبني قدرات علمية وتكنولوجية ذاتية ومُجدية؟ وكيف نربط البحث العلمي بمتطلّبات التنمية الشاملة والمستدامة؟ وكيف نجعل من البحث العلمي أداةً لتحقيق التكامل العربي؟ وبناء على الأجوبة المقدّمة، أوصى التقرير ببذل عناية فائقة بالتعليم في جميع مراحله، وبالأخصّ على صعيد مؤسّسات التعليم العالي، وزيادة المساهمات الحكومية، وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص، وتنمية القدرات العلمية والتكنولوجية، وتحفيز الابتكار ضمن تخصّصات محدّدة، وإعادة ترتيب الأولويّات وجهود الفِرَق البحثية في عددٍ من المجالات الحيوية والملحّة، وتكوين كُتَل حَرِجة من الباحثين والتكنولوجيّين ضمن عددٍ من المحاور الإستراتيجية، والإفادة من العلميّين العرب في بلاد الانتشار.وأكّد العَويط أنّ المستقبلَ الزاهر الذي نطمحُ إليه رهنٌ بوعينا التحوّلات الكبرى التي يشهدها العالَم بأسره، وما تُرتّبه على دولنا من تحدّياتٍ وتَبِعات؛ ورهنٌ أيضاً بالنهج الذي سنتبنّاه والخُططِ التي سنعتمدها، لإعدادِ مجتمعاتنا ومواطنينا للتعاملِ بنجاح مع هذه التحوّلاتِ والتحدّيات وتداعياتها.وختم كلمته بتوجيه الشكر باسمِ رئيس مؤسّسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل، وباسمِ أعضاءِ مجلسَي أمنائها وإدارتها، إلى منظّمي منتدى «أسبار» وإلى لجنته العلمية، لحِرصهم على تخصيص هذه الجلسة لمناقشة تقرير مؤسّسة الفكر العربي.وركّزت مداخلات المشاركين على دور البحث العلميّ وأنشطة التكنولوجيا في تقدّم مسيرة الدول والمجتمعات في التنمية، ومن بينها تطوير الابتكار التكنولوجي ودعمه، وضرورة التحوّل من استهلاك التكنولوجيا إلى إنتاجها، ومواجهة التحدّيات التي يتعرّض لها الاستثمار في الابتكار.وكانت فعاليات المنتدى قد امتدّت على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة 90 متحدّثاً من 19 دولة حول العالم، وعقدت خلاله 12 جلسة، و6 ورش عمل و8 محاضرات، فضلاً عن اللقاءات والندوات وتبادل المعارف والخبرات. وناقشت جلسات المنتدى محاور رئيسة هي: «التعليم والصحة والطاقة والبيئة في المستقبل».وأعلن في ختام المنتدى رئيس مجلس إدارة منتدى أسبار الدولي الدكتور فهد العرابي الحارثي، إنشاء «معهد المستقبل» في مدينة الرياض، وإصدار «معجم المستقبل» بالتعاون مع منظّمات ومؤسّسات علمية عربية ودولية.يشار إلى أنّ المؤسّسة كانت قد أطلقت التقرير العربي العاشر من دبي، عشيّة افتتاح مؤتمرها السنوي «فكر16» في أبريل 2018، وذلك برعاية وحضور معالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في دولة الإمارات العربية المتّحدة، ورئيس مؤسّسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل، ورئيس مجلس الإدارة الأمير بندر بن خالد الفيصل، وأعضاء مجلس أمناء المؤسّسة، وشخصيات ثقافية وأكاديمية وعلمية وسياسية، ودبلوماسية.وقد حظي التقرير منذ إطلاقه باهتمامٍ ملحوظ في مختلف الأوساط المعنيّة، وعُقدت حوله مجموعة من الندوات، في بيروت في مقرّ لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، وفي مؤسّسة شومان في عمّان، وفي القاهرة بالشراكة مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا. وسيخصّص له بتاريخ 19 نوفمبر يومٌ بحثيّ كامل، في معهد العالم العربي في باريس.
مشاركة :