تترقب الدوائر السياسية في تونس عقد جلسة عاصفة للبرلمان الإثنين المقبل، للمصادقة علي التعديل الوزاري الذي قدمه رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، ليضع بذلك حدا للجدل القانوني والسياسي الذي رافق هذا التعديل الحكومي، وأسند فيه بعض الوزارات لحركة النهضة الإخوانية التي يتزعمها راشد الغنوشي، دون استشارة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي وصف العملية بـ «الانقلاب»، محذرا بأن «حركة النهضة» تسعي للسيطرة علي الدولة عن طريق الشاهد». «إسرائيلي» وزيرا للسياحة في التعديل الحكومي «أزمة التعديل الوزاري»، أحدثت شرخا بين رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة)، رغم الروابط «الشخصية» التي تجمع بينهما، ويرجع السبب بحسب المراقبين في تونس، إلى حركة النهضة و«استمالتها يوسف الشاهد»، وزاد من تعقيد المشهد، عدد الوزراء الجدد من حركة االنهضة ومن بينهم: ابنة أخت زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، التي تولت وزارة التشغيل، وهي لم تبلغ الثلاثين سنة من عمرها ولا كفاءة لها في الحكومة التونسية، بحسب تعبير رئيس جبهة إنقاذ تونس، منذر قفراش. وأضاف «قفراش»،إن الخطوة الثانية التي أشعلت غضب الشارع السياسي التونسي، أن زعيم «إخوان تونس» الغنوشي، عين يهوديا تونسيا يحمل الجنسية الإسرائيلية ويدعي روني الطرابلسي، وزيرا للسياحة، لإرضاء أمريكا وإسرائيل، وقد لقي هذا التغيير الحكومي غضبا واسعا من كافة الأحزاب التي وصفته بـ «الانقلاب الإخواني علي السلطة». دعوة للعصيان المدني الإثنين المقبل وإذا كانت التعديلات التي أدخلها يوسف الشاهد علي حكومته، فجرت نقاشا دستوريا، أعقبه إعلان الرئيس الباجي قائد السبسي رفضه لهذا التعديل بسبب «التمشي المتسرّع والمباغت الذي انتهجه الشاهد في هذا الأمر»..فإن الاحتقان السياسي والشعبي، دفع بدعوات تطالب الشعب التونسي بالتظاهر ضد «إخوان تونس»، يوم الاثنين المقبل، موعد مصادقة البرلمان على التعديل الحكومي.. وتضمنت بيانات القوى المعارضة، الدعوة لعصيان مدني والنضال «لاسقاط هذه الحكومة الإخوانية التي تمثل خطرا علي الدولة والشعب». وانقسم الشارع التونسي، بين المعارضين «المناهضين» للتعديل الحكومي، وهم الأغلبية، من الداعمين لموقف الرئيس الباجي قايد السبسي، مؤكدين علي وجود خروقات دستوريةن حيث ينص الدستور علي أن «إحداث وزارة جديدة يتم بعد عقد اجتماع لمجلس الوزراء»، وهو الأمر الذي لم يتم، رغم إحداث وزارتين جديدتين في التعديل الحكومي الأخير.. بينما يؤكد المؤيدون للتعديل الحكومة، وهم من الموالين لحركة النهضة الإسلامية، أن رئيس الحكومة «الشاهد» لم يتجاوز الصلاحيات التي يمنحها له الدستور في هذا التعديل، وبحسب تصريحات حركة النهضة. فتح تحقيق في وثائق الإرهاب والاغتيالات السياسية وفي ظل أجواء التوتر والاحتقان السياسي الداخلي المصاحب للتعديل الحكومي المرفوض من رئيس الجمهورية، فصل البرلمان التونسي، الخميس الماضي. في هذا الخلاف القانوني. بعد مداولات ساخنة بين أعضائه، انتهت بتحديد عقد جلسة عامة للنظر في منح الثقة للوزراء الجدد المقترحين يوم الاثنين المقبل.. بينما تصاعدت أزمة «إخوان تونس»، بعد إعلان الناطق باسم السلك القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، سفيان السليطي، أن النيابة العامة سمحت بفتح تحقيق في الوثائق التي تم تداولها مؤخّرًا، وأثبتت امتلاك حزب «حركة النهضة» الإسلامية لجهاز تجسّس سرّي متورّط في الاغتيالات السياسية. النيابة العامة في تونس أحالت إلى أحد قضاة جهاز مكافحة الإرهاب، مُهمّة التحقيق في الوثائق التي قدّمتها هيئة الدّفاع عن المناضلين اليساريّين اللذين تم اغتيالهما في 2013، شكري بلعيد ومحمد البراهمي.. وكانت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، أكّدت امتلاكها لوثائق تؤكّد أن «حركة النهضة» شكّلت جهازًا سريًّا قام بالتجسّس على بلعيد والبراهمي، إضافة إلى تنفيذ عمليات تجسس على صحفيين وسياسيين ووزراء، وأن عمليات التجسّس امتدت إلى دول أخرى، من بينها الجزائر. مطالبات بكشف الحقائق للشعب الشارع السياسي والحزبي، والجمعيات الأهلية والحقوقية في تونس، طالبت بفتح تحقيق قضائي في ملف الاغتيالات السياسية في تونس.. وقال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل ـ أكبر منظمة نقابية في تونس ـ إن ما كشفت عنه هيئة الدّفاع عن بلعيد والبراهمي، شديد الخطورة، ويمثّل خطرًا على التجربة الديمقراطية التونسية.. وطالب سامي الطاهر، النيابة العامة والمحكمة العسكرية، بكشف الحقيقة وإعلانها للشعب، مشدّدًا على أن الرأي العام التونسي يمكن أن يُصبح أكثر تشاؤمًا إن لم يكشف حقيقة الاغتيالات السياسية. وتحركت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ودعت رئاستي الجمهورية والحكومة والوزارات المعنية، خاصة وزارات الدفاع والداخلية والعدل، إلى ضرورة الرّد عن ما ورد من هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، بالكشف عن «ضلوع جهاز مخابرات سري تابع لجماعة سياسية تونسية في اغتيال بلعيد والبراهمي، وهو جهاز يعمل تحت إمرة تنظيم جماعة الإخوان المسلمين الدولي، الذي تتعلق به قضايا إرهاب»، وفق ما جاء في البيان.. واعتبرت الرّابطة، أنه من الضروري التحقيق في قيام هذا الجهاز بتجنيد أمنيين ومواطنين، للتجسس على دول، مثل الجزائر وأمريكا وفرنسا، انطلاقًا من الأراضي التونسية. تنظيم أمني سري التحرك القضائي في تونس، جاء بعد أن كشفت هيئة الدفاع عن قضيّة اغتيال بلعيد والبراهمي، الأسبوع الماضي، معطيات تفيد بضلوع حركة النهضة الإسلامية، في إدارة تنظيم أمني سري مواز مهمته ممارسة التجسس واختراق مؤسسات الدولة وملاحقة خصوم الحزب، وتحدّثت عن وجود وثائق وأدلة تثبت علاقتها بتصفية المعارضين سنة 2013، فترة وجودها بالسلطة..وتقول هيئة الدفاع حسب الوثائق التي حصلت عليها، إن من أهداف هذا «الجهاز الخاص» بناء منظومة أمنية موازية واستقطاب القضاة وتتبع العسكريين إضافة إلى التعاون مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية والحصول على معلومات عن المؤسسة العسكرية الجزائرية وشركة غازها، ومحاولة اختراق سفارة الولايات المتحدة بهدف التجسس. «النهضة» تنفي.. وجمعية القضاة تحذر من المخاطر حركة النهضة «إخوان تونس» تنفي بشكل قطعي، هذه الاتهامات الموجهة إليها، وقالت في بيان لها، إنّ ما ورد في تقرير هيئة الدفاع هو «مغالطة وتضليل بتوظيف ملف قضائي يعود إلى سنة 2013 وبتّ القضاء في شأنه ولا صلة للمتهم فيه بحركة النهضة».. وبينما يعتبررئيس جمعية القضاة ـ التي تضمّ معظم القضاة التونسيين ـ أنس الحمادي، أن ما جاء من اتهامات، يمسّ كل مؤسسات الدولة، واصفًا المعطيات التي تم تقديمها بالخطيرة.
مشاركة :