كيف تحتفل بوطنك في يومه المجيد؟ - د.عبد الله بن موسى الطاير

  • 9/24/2013
  • 00:00
  • 38
  • 0
  • 0
news-picture

لايجب أن نوافق على كل شيء في بلدنا حتى نحبه. حب الوطن ليس علاقة بين مقدم خدمة ومستفيد منها، الأوطان أكبر بكثير من مراكز خدمة العملاء. والتعبير عن حب الوطن ليس في الأزمات عندما تدق طبول الحرب أو يهدد عدو أمنه واستقراره بأية وسيلة كانت، كما أنه ليس احتفالا صاخبا تدمر فيه ممتلكات خاصة أو عامة وتعرض سلامة مواطنين آخرين للخطر. حب الوطن علاقة متجددة لاتخضع للربح والخسارة ولا للمزاج، إنها عناق بين الروح والمادة؛ حنين لاينتهي، واشتياق لاينقضي، وتضحية لا ثمن لها، وإيثار على النفس من أجل مواطن آخر. حب الوطن التزام بأنظمته، ومشاركة في البناء، وعطاء متواصل لا ترتجي منه نفعا شخصيا، وتقديم للمصالح العامة على مصالحك الشخصية، واحترام قيادته، والتمثل بتضحيات رموزه وأبطاله، والحرص على أمنه واستقراره. حب الوطن عمل دؤوب ليكون الأفضل بين الأمم، ومحافظة على مكتسباته، وانتفاعا بمرافقه دون إسراف، والتعامل مع المرافق العامة وكأنها أملاكك الشخصية. حب الوطن لايتحقق باللطم على الخدود، وانتقاد كل شيء في وطنك، وتأليب الآخرين عليه، وتقويض بنيانه بالتآمر عليه، وشد عضد أعداء الوطن بما تقدم لهم من خدمات جليلة من تثبيط شبابه، وتسفيه منجزاته، والتشكيك في مسؤوليه بدون تبين، وشق الصف، واستهداف كل مخلص لوطنه ووصفه بكل رذيلة واستدراج عامة الناس بأساليب ووسائل ماكرة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب، سعيا على منهاج عبدالله بن سبأ في عبارته الشهيرة "ابدأوا في الطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا قلوب الناس وادعوهم إلى هذا الأمر". وهو ما يحدث بكل أسف وينقاد له بعض الناس إما جهلا وإما ضغينة. لاتسأل نفسك ماذا قدم لك وطنك، بل اسألها ماذا قدمت أنت لوطنك؟ لايمكن أن تكون مواطنا صالحا وأنت تسرق المال العام، وتغش في عملك، ولا تضطلع بما وليته من مسؤوليات، ولا تقيم وزنا للنظام، ولا تعترف بحق الآخرين في العيش معك وخاصة في الطرقات. بمناسبة اليوم الوطني، ضع قائمة اكتب فيها إلى اليمين إيجابيات وطنك، وإلى الشمال السلبيات، وكن عادلا موضوعيا في ذلك لتعرف أن الميزان يميل لصالح الإيجابيات. وكذلك اصنع معها قائمة ترصد فيها ماذا قدم لك وطنك وماذا قدمت له أنت، وستجد أن لوطنك عليك فضلا كبيرا. كن فاعلا في وطنك بالبناء، واقتد برموزه الأحياء والميتين، واقرأ تاريخه وتعرّف على تضحيات من جعلوك في هذا النعيم الذي تعيشه بحمد الله آمنا في سربك، صحيحا في بدنك، تملك قوت يومك. انظر إلى قلب وطنك الكبير الذي يستوعبك آبقاً، ويحتويك غاضباً، ويترك لك خيارات العقل والتراجع عن الخطأ مشرعة أبوابها، يسمو فوق هفواتك، ويتجاوز عن عقوقك، يعطيك الفرصة تلو الأخرى حتى تصل إلى مرحلة اللاعودة وعندها يمنعك من نفسك ويحول بينك وبين إيذاء الآخرين. لكي تحب وطنك لا تكن سهما غادرا في يد عدوه، ولا تسهم بقلمك وفكرك وإبداعك في تأليب العامة بأنصاف المعلومات، وبالأخبار المجتزأة من أجل حشد الرأي العام وإثارة الفوضى، وتهيئة بيئة مناسبة لعدم الاستقرار. كن متحضراً في حب وطنك، بمعرفة رموزه، واحترام قياداته، والحرص على ممتلكاته، والإسهام الفعال في تنميته، والتعرف على أبطاله قديما ومبدعيه في شتى المجالات حديثا، وافتخر أنك تنتمي لنفس الوطن الذي ينتمون إليه. وتذكر تضحيات مواطنين آخرين من أجل أن تنعم أنت بحياتك. وكل عام والوطن بخير..

مشاركة :