الدوحة - الراية: توقع تقرير QNB أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول أفريقيا جنوب الصحراء، 3.1% خلال العام الجاري من 2.7% في عام 2017. مشيرا إلى أن، هذه الدول سوف تحتاج إلى الاعتماد بشكل أكبر على الإيرادات المحلية والضريبية لمعالجة القضايا المرتبطة بالتنمية الاقتصادية المستدامة عند المستويات المعدلة بالمخاطر. وقال التقرير إنه على الرغم من الانتعاش العام في النمو، فإن أحد أهم المخاوف المشتركة لمعظم البلدان في أفريقيا جنوب الصحراء هو الزيادة في المديونية بالعملات الأجنبية، المدفوعة برغبة المستثمرين في الحصول على عوائد أعلى والاحتياجات الاستثمارية الهائلة للبنية التحتية والتنمية الاجتماعية. كما سيزيد تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة من مخاطر إعادة التمويل وتمديد آجال السداد في الأسواق الحدودية في أفريقيا جنوب الصحراء، وقد كانت تدفقات المحفظة قوية في النصف الأول من عام 2018 مع إصدارات قياسية من السندات باليورو، ويضاف هذا إلى الطفرة التي حدثت في الإصدارات السيادية الأفريقية في العام الماضي. وأوضح البنك أنه بالنظر إلى ضخامة عدد الدول في هذه المنطقة، فإنه سيتم التركيز في التحليل على الاقتصادات المتفوقة أو المتأخرة من حيث الأداء فيما يتعلق بخلفية الاقتصاد الكلي الإقليمي، حيث سيتم التناول بالتفصيل أكبر اقتصادين في أفريقيا جنوب الصحراء، وهما نيجيريا وجنوب إفريقيا، اللتان شهدتا تباطؤا في النمو على الرغم من انتعاش أسعار السلع، ثم إثيوبيا وغانا، اللتين تعتبران أبطال النمو في الإقليم. ووفقا للتقرير تمثل نيجيريا وجنوب إفريقيا مجتمعتان حوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة، وكلا البلدين من الاقتصادات كثيفة الاستخدام للموارد وتكافحان من أجل تحقيق نمو أقوى منذ صدمة أسعار السلع في أواخر عام 2014، وفي ذلك الوقت، انهار صافي صادرات النفط الإسمية لنيجيريا وتضاءلت الإيرادات الخارجية لجنوب أفريقيا من البلاتين وخام الحديد والفحم. ولكن بعد التراجع الأول للإنتاج منذ أكثر من عقدين في عام 2016، وتحقيق نمو بطيء جدا بنسبة 0.8% في عام 2017، ستشهد نيجيريا توسعا اقتصاديا بنسبة 1.9% في عام 2018، وقد كانت العوامل الرئيسية وراء هذا الانتعاش هي ارتفاع أسعار النفط، واستقرار إنتاج المواد النفطية، والقطاع الزراعي. ارتفاع النفط ولفت التقرير إلى أن ارتفاع أسعار النفط قد ساعد في دعم فوائض الحساب الجاري وكذلك في تقليص العجز المالي، بما ساهم، بالإضافة إلى إصدارات السندات وتدفقات المحافظ الأخرى، في رفع الاحتياطات الخارجية والحفاظ على نظام الصرف الأجنبي الجديد. وأفاد التقرير بأن التوقعات تشير إلى تحسن الأداء في 2019، لكن من المتوقع أن يظل النمو منخفضاً عند 2.3%، وتتزايد المخاطر مع توقعات بتراجع أسعار النفط، كما تشكل اضطرابات إنتاج النفط تهديداً محتملاً للنشاط الاقتصادي. وأشار البنك إلى أنه رغم ارتفاع أسعار السلع ومجيء قيادة سياسية جديدة تعزز التفاؤل بشأن الإصلاح وتتبنى برنامجاً اقتصادياً ملائماً أكثر للأعمال، فإن النمو في جنوب أفريقيا قد تراجع في العام الجاري، ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.8% هذا العام وذلك من 1.3% في 2017، وكان هذا التراجع مدفوعاً بقطاعات الزراعة والنقل والتجزئة، كما أن الانخفاض خلال الأرباع الأخيرة زاد من إدخال البلد أكثر في أول ركود فني منذ فترة ما بعد الأزمة المالية الكبيرة في 2009. ونوه البنك إلى أنه مع العجز الهيكلي الذي تواجهه جنوب أفريقيا في الحساب الجاري، فإنها تظل معرضة للتأثر بمزاج المستثمرين الأجانب، وقد تضررت بتشدد الأوضاع المالية العالمية وباضطرابات أسعار الصرف في أسواق ناشئة أخرى، وعانى الاقتصاد من خروج كبير لرؤوس الأموال، كما تراجعت قيمة الراند الجنوب أفريقي بنسبة 16.7% أمام الدولار الأمريكي حتى الآن هذا العام. أكثر إيجابية ووفقا للتقرير ففي عام 2019، سيكون الوضع أكثر إيجابية، إذ أنه من شأن تعافي القطاع الزراعي وتخفيف السياسة المالية أن يقودا إلى رفع النمو إلى 1.4%، لكن المخاطر لاتزال مرتفعة أيضاً، حيث تتأثر أسعار السلع بشكل كبير بتراجع النمو العالمي، كما أن تطبيع السياسات النقدية في الاقتصادات المتقدمة قد يولد ضغوطاً إضافية على عملات الأسواق الناشئة، مما يضطر معه البنك المركزي إلى تشديد السياسة النقدية. قال التقرير إن إثيوبيا وغانا هما أهم الاقتصادات ذات الأداء المتفوق في القارة الإفريقية، ولطالما وُصفت إثيوبيا بأنها «الصين الإفريقية» وقد حافظت باستمرار على مستويات أدائها ضمن أسرع الاقتصادات نمواً في العالم منذ مطلع الألفية الثانية، وتمكنت غانا أيضاً، بفضل الاستقرار السياسي المتجذر وقاعدة الموارد المتنوعة والغنية التي تشمل النفط الخام والذهب، من تحقيق معدلات نمو طويل الأجل تتجاوز بكثير متوسط معدلات النمو لدول أفريقيا جنوب الصحراء. وأضاف البنك أنه من المنتظر أن تشهد إثيوبيا عاماً آخر من النمو القوي، حيث يُتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 7.5% في عام 2018، ولا يزال الاستثمار الأجنبي المباشر في مشاريع البنية التحتية والتصنيع يقود التوسع الصناعي السريع، لافتا كذلك إلى أنه رغم أن النشاط المحلي القوي المدفوع بالإنفاق الكبير على مشاريع البنية التحتية والاستثمار يؤدي إلى زيادة الإخلال بتوازن الحسابات الداخلية والخارجية، وأصبح بدء التشغيل الفعلي للمشاريع المرتبطة بالتصدير يستغرق وقتاً أطول مع الارتفاع الكبير في الواردات وتدهور ميزان الموازنة، وتشهد إثيوبيا كذلك توسعاً مستمراً في العجز التجاري وعجز الحساب الجاري، لكن الحكومة نجحت في تمويل جزء من ذلك العجز برأس المال الأجنبي، لا سيما الاستثمار الأجنبي المباشر المرتبط بالمناطق الصناعية الجديدة وبرامج الخصخصة. توقعات 2019 ونوه التقرير بأن توقعات عام 2019 تشير إلى أن البلاد ستحقق نمواً حقيقياً قوياً تبلغ نسبته 8.5%، ومع تدني تكاليف العمالة في إثيوبيا بالمقارنة مع نظرائها من الدول الإفريقية، من المتوقع أن تستمر البلاد في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاعات الرئيسية المولدة لفرص العمل، مثل صناعة المنسوجات والأحذية، وهو ما من شأنه أن يدعم التحوّل التدريجي نحو اقتصاد أكثر اعتماداً على التصدير. ولفت التقرير كذلك إلى انتعاش الاقتصاد الغاني، وذلك رغم التوقعات بتباطئه قليلا في العام الجاري إلى 6.35% من نموه السريع الذي بلغ 8.4% في 2017، وتشمل محركات النمو الرئيسية للاقتصاد الغاني إنتاج الهيدروكربون والدعم من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وخاصةً النفط الخام والكاكاو. وأشار البنك إلى أنه رغم اتساع دائرة العجز في المالية العامة، تقلص في المقابل العجز في الحساب الجاري على خلفية الإيرادات الخارجية القوية، ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو إلى 7.6% في عام 2019، كما تميل آفاق النمو إلى الجانب السلبي حيث من المفترض أن تتراجع أسعار السلع قليلاً في العام المقبل.
مشاركة :