كشفت تركيا منذ اليوم الأول لسريان الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران عن خططها لملء الفراغ التجاري، الذي ستحدثه الخطوة على الاقتصاد العراقي، رغم أن بغداد حصلت على إعفاءات استثنائية جديدة من واشنطن للتعامل مؤقتا مع طهران. بغداد – تسعى تركيا إلى استغلال فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران، ليصبح سوقها مصدرا لواردات العراق من السلع، وكبديل عن نظيرتها الإيرانية المحظورة. ويقول محللون إن هذه المحاولات تأتي في ظل الصراع التجاري الخفي بين أنقرة وطهران لتوسيع نفوذهما في العراق الذي يحاول جاهدا الخروج من كبواته الكثيرة بهدف إعادة الروح إلى الاقتصاد العليل. وتعرضت طهران إلى حزمتي عقوبات اقتصادية، كانت الأولى في السادس من أغسطس الماضي، والثانية في الخامس من الشهر الجاري، وطالت قطاعات استهلاكية ونفطية ومالية ومصرفية وملاحية. ولكن بغداد حصلت من واشنطن على إعفاءات استثنائية ولمدة شهر ونصف الشهر كان آخرها أمس، حيث أكد مسؤولان حكوميان لوكالة رويترز أن بلدهما اتفق مع طهران على مبادلة منتجات أغذية عراقية بإمدادات غاز وطاقة إيرانية. وقال العضوان في لجنة الطاقة الوزارية العراقية، لم تذكر رويترز هويتهما، إن بغداد تسعى حاليا للحصول على موافقة الإدارة الأميركية للسماح لها باستيراد الغاز الإيراني المُستخدم في محطات الكهرباء، وإنها تحتاج إلى المزيد من الوقت للعثور على مصدر بديل. ويرى مجلس العمل التركي العراقي، التابع لهيئة العلاقات التجارية الخارجية (دييك)، أن الأسواق العراقية تفضل بشكل عام المنتجات الأساسية من إيران لتدني أسعارها، مثل اللحوم بأنواعها والبيض والبقوليات والأدوات البلاستيكية، فضلا عن مواد البناء، ولكنها لن تحصل عليها بعد اليوم. ويقول أمين سعدون طه، رئيس المجلس المشترك، إن العراق سيقوم باستيراد كل احتياجاته من تركيا، وأن هذا الأمر يعتبر فرصة مهمة لأنقرة، حيث سيملأ تجار العراق، الفراغ الناجم عن غياب المنتجات الإيرانية بفعل العقوبات، من خلال استيرادها من تركيا. وأشار إلى أنهم قاموا بتعريف المستوردين العراقيين على الكثير من الشركات التركية، لافتا إلى أن العلاقات التجارية بين تركيا والعراق، تعد أدنى من المستوى المطلوب، في الوقت الحالي. أمين سعدون طه: العراق سيستورد كل احتياجاته من تركيا وهذا الأمر يعتبر فرصة لأنقرةأمين سعدون طه: العراق سيستورد كل احتياجاته من تركيا وهذا الأمر يعتبر فرصة لأنقرة كما أكد ضرورة تحسين العلاقات التجارية بين البلدين وزيادة الصادرات إلى العراق، وأن مساعي الحكومتين للتعاون في هذا الشأن، تحمل أهمية كبيرة. وتتواجد بين العراق وتركيا، بوابتان جمركيتان فقط، وهذا يؤثر سلبا على العلاقات التجارية، حيث يؤدي إلى زيادة أجور المنتجات، لذلك يجب فتح بوابة جديدة، وافتتاح معبر أوفاكوي. ويرى الباحث في القسم التجاري، التابع لوقف الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا)، شريف ديليك، أن التبادل التجاري بين العراق وإيران ليس مقتصرا على مجال الطاقة فقط. وأوضح أن الشركات الإيرانية تعد من أشد منافسي نظيراتها التركية الناشطة في تصدير المنتجات الأساسية إلى الأسواق العراقية. ونسبت وكالة الأناضول لديليك قوله إن “ازدياد النفوذ السياسي الإيراني في المنطقة، عقب غزو الولايات المتحدة للعراق، لعب دورا كبيرا في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين”. ولكن مع تعرض إيران للعقوبات الاقتصادية في الفترة الأخيرة، ستجد صعوبة في التواجد بالأسواق العراقية بشكل مريح وسهل كما هو الحال سابقا. ويعتقد الخبير التركي أنه يجب على تركيا نقل علاقاتها التجارية مع حكومتي بغداد وأربيل، إلى مستويات أعلى خلال هذه المرحلة. وأشار إلى أن المناطق التي تديرها الحكومة العراقية المركزية، ومدينتي السليمانية وأربيل الواقعتين تحت إدارة حكومة إقليم كردستان العراق، تعتبر من أهم الأسواق التجارية في البلاد. وأوضح أنه يمكن لتركيا السعي لتصدير الكثير من المنتجات إلى العراق في مجالات شتى، مثل الغذائية والزراعية ومواد البناء والنسيج وصناعة السيارات والآلات والكهربائيات. وتظهر بيانات وزارة التجارة التركية أن العراق ارتقى إلى المرتبة الثانية بعد ألمانيا من حيث استيراد المنتجات التركية في عام 2011، وأن قيمة الصادرات التركية إلى العراق ارتفعت لتصل إلى حدود 12 مليار دولار في 2013. وفي حين سجلت قيمة الصادرات التركية إلى العراق في 2003 نحو 870 مليون دولار، فإن حجم التجارة الخارجية ارتفع العام الماضي ليبلغ 10.6 مليارات دولار. وخلال العام الماضي، بلغت حصة السوق العراقية حوالي 5.8 بالمئة من مجموع الصادرات التركية، إذ حلت في المرتبة الرابعة في استيراد المنتجات التركية. وبلغت قيمة الصادرات التركية للعراق حوالي تسع مليارات دولار العام الماضي، في حين تجاوزت قيمة المنتجات التي استوردتها تركيا من العراق 1.6 مليار دولار. وتتمتع شركات الإنشاءات التركية بمكانة هامة في سوق التعهدات العراقي، حيث دخلته للمرة الأولى في عام 1981، وازدادت أنشطتها في البلاد بشكل كبير بعد غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003. وساهمت الشركات التركية في إنجاز 645 مشروعا في مجال البنى التحتية في الفترة ما بين 2003 و2012، بقيمة 12.9 مليار دولار.
مشاركة :