لم يتوقف الصراع داخل السلطة في إيران يوماً، منذ انتصار الثورة التي أطاحت نظام الشاه، واحتكرتها المؤسسة الدينية التي تتحكم بكل مفاصل الحكم في إيران. وبلغ الصراع بين الجناحين الإصلاحي والمتشدد من ناحية، وبين تيارات المتشددين أنفسهم من ناحية أخرى، مستويات دموية على خلفية الحركة الخضراء لعام 2009، التي كادت أن تسقط المحافظين المتشددين الموالين للمرشد علي خامنئي، لولا القمع الدموي للمظاهرات المليونية التي كان يقودها الإصلاحيون.واليوم يتربع على رأس السلطة التنفيذية، حسن روحاني، وهو رئيس معتدل، يده اليمنى بيد الإصلاحيين المعتدلين من جهة واليد الأخرى بيد المحافظين المعتدلين، في الوقت الذي تواجه فيه إيران، تحديات نوعية على وقع العقوبات الأمريكية المشددة، إلا أن المحافظين المتشددين لم يتركوا فرصة إلاّ واستخدموها لإزاحة روحاني ومن والاه.والخلافات بين أجنحة النظام الإيراني، تدور هذه الأيام رحاها، حول قانونين عرضا منذ أشهر على البرلمان الإيراني، الأول بخصوص انضمام إيران إلى «المعاهدة الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب»،ومن ضمن عملها محاربة تزوير العملات وتمويل الإرهاب، والمعروفة ب«CFT»، والثاني بشأن التحاق إيران ب«مجموعة العمل المالي»، والمعروفة ب«FATF»، وهي منظمة حكومية دولية، مقرها في العاصمة الفرنسية باريس، أسست سنة 1989، وتعمل في مجال محاربة غسل الأموال، وفي عام 2001 التحقت المنظمة بمكافحة الإرهاب.وكان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أكد يوم الاثنين الماضي في مقابلة مع موقع «خبر أونلاين»، أن «غسل الأموال في إيران مسألة حقيقية»، مشيراً إلى أن «المصالح الاقتصادية» لبعض الضالعين في غسل الأموال تدفعهم إلى معارضة انضمام إيران إلى معاهدتي«CFT» و«FATF» لمكافحة الإرهاب وغسل الأموال، متهماً المعارضين بافتعال الأجواء ضد المعاهدتين.وكان مجلس الشورى (البرلمان) قد صادق على القانونين، إلا أن مجلس صيانة الدستور الذي يتمتع بصلاحيات كبرى في إيران رفضهما، وفي هذه الحالة يتم عرض القانونين على «مجلس تشخيص مصلحة النظام» للفصل بين البرلمان ومجلس الصيانة.وأثارت تصريحات ظريف بخصوص انتشار غسل الأموال في إيران، زوبعة في مؤسسات السلطة بإيران، مما دفع لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان أول أمس الأربعاء، لاستدعاء الوزير إلى البرلمان لتقديم إيضاحات حول تلك التصريحات. وقال حشمت الله فلاحت بيشه، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، إن أعضاء اللجنة، طالبوا الوزير بتقديم الأدلة المتعلقة بغسل الأموال في إيران. ووصف تصريحات ظريف ب«المرفوضة» و«غير تخصصية» و«غير موثقة». وقال إنه «يجب كشف الحقائق بشأن غسل الأموال وبخصوص ما صرح به ظريف».وقال ظريف في مقابلة ان مسؤولين يربحون آلاف المليارات في مجال غسل الأموال، هم قادرون مالياً على تخصيص عشرات أو مليارات للدعاية وإثارة الأجواء في البلاد ضد قوانين مكافحة غسل الأموال». (وكالات)
مشاركة :