في غسل الأموال ودعم الإرهاب، والتخريب المنهجي، تبقى إيران والعصابات التي تعمل لمصلحتها على رأس القائمة. وهي تتصدر هذا الجانب المشين منذ سنوات طويلة، وطورت آليات على مدى هذه السنوات حيث تستطيع أن تواصل أعمالها غير المشروعة، التي تتصادم مع القانون الدولي. والحقيقة أن النظام الإيراني مارس كل أساليب تداول الأموال القذرة، بما فيها تجارة المخدرات، والتهريب، وسرقة المال العام، إلى آخر تلك الأساليب التي لا تتبعها في الواقع إلا العصابات وقطاع الطرق. والأمر مكشوف تماما في هذا المجال، إلى درجة أن صدرت أصوات من داخل إيران تحذر من هذه الأعمال المالية القذرة، بما فيها مصير ما يقرب من نصف الدخل الإيراني المحلي، الذي يسيطر عليه ما يسمى "الحرس الثوري". وتحذير مجموعة العمل المالي الدولي "فاتف"؛ التي تعنى بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من التعامل مع إيران بسبب تورطها المباشر في هذين القطاعين القذرين، هذا التحذير أطلقته في السابق أغلبية الحكومات في العالم، ولا سيما الحكومات الغربية، ما أدى إلى مخاوف كبيرة لدى شركاتها من خوض غمار الاستثمار في إيران؛ حتى إن كان ذلك بصورة مشروعة ومعلنة. فالسراديب المالية الإيرانية المشينة كثيرة، ومداخل المال ومخارجه من وإلى إيران مموهة، وأصول نسبة كبيرة من الأموال الإيرانية مشكوك فيها. فقد فضلت أغلبية الشركات الأجنبية التريث والانتظار خوفا من التورط المباشر، وتجنبا بالطبع لعقوبات قاسية، طالت بالفعل مؤسسات ومصارف كبرى في السنوات الماضية بسبب إيران والتعامل معها. وكما كان متوقعا، فشلت إيران في اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفق المعايير التي وضعتها "فاتف"، ولا عجب أن تكون دولة مثل كوريا الشمالية تقف إلى جانب إيران في هذا المجال. ولأن الأمر كذلك، بات من الخطورة على أي طرف التعامل المالي مع إيران، وإلا صار ضمن نطاق الرقابة التي يفرضها المجتمع الدولي، والمعايير الخاصة بمجموعة العمل المالي الدولية. وهذه الأخيرة باتت منذ سنوات الجهة الأكثر مصداقية وقوة في تحديد الدول الراعية للإرهاب، وتلك التي تستخدم غسل الأموال كنوع من أنواع الممارسة الاقتصادية. ومع ذلك، فإن أهمية كشف "فاتف" أن الأنشطة التي قامت بها إيران عالية المخاطر، تكمن في هوية الجهة الكاشفة لذلك، وليس في الحقائق التي يعرفها الجميع عن إيران ونظامها التخريبي. ويبدو واضحا، أن الخلاف الذي نشب داخل إيران بسبب توقيع حكومة حسن روحاني على الاتفاقية الخاصة بغسل الأموال ودعم الإرهاب، يكشف حقيقة الأجنحة الحاكمة الحقيقية في هذا البلد الذي يعد فيه مجرد التوقيع على مثل هذه الاتفاقية، يعني ضررا مباشرا لـ"الأمن القومي الإيراني"! ما يؤكد مجددا، أن طهران لا يمكنها أن تكون عضوا طبيعيا في المجتمع الدولي في ظل سياسات الخراب التي تتبعها، بل التي وضعتها ضمن استراتيجية طويلة الأمد. كما يبدو واضحا أيضا، أن ما كانت حكومة روحاني تأمله في فتح المعاملات المالية بين إيران والعالم لن يتحقق، والسبب إيراني وليس خارجيا، يتمثل في استمرار الممارسات المالية غير المشروعة على الساحة الإيرانية، وتعميمها في المناطق التي تشهد نفوذا إيرانيا ما. سترتفع الأصوات مجددا من أجل قيام البلدان الغربية، على وجه الخصوص، بفرض مزيد من العقوبات على إيران، ولا سيما بعد أن تأكد للعالم يوما بعد يوم، أن النظام الإيراني لا يمكنه الاستمرار في الواقع إلا بسياسات تخريبية على كل المستويات وفي كل القطاعات.author: كلمة الاقتصادية
مشاركة :