تعلمنا أن النصح بناء، ولا شيء يصدمك في هذا الشأن كالناصح الذي يقف على منبر أو في مجلس عام أو خاص ثم ينطلق باسم النصح بصوت كالرعد ولغة كالرصاص مدعياً رغبته في صلاحك وإصلاحك. وليت هذا الناصح توقف مع نفسه لبرهة ليسأل عن دوافعه في النصح؛ فإن كانت دينية؛ فالدين قد وجه إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والبعد عن الغلظة والخشونة والفظاظة، وإن كان بدعوى الإخاء أو الصداقة فكلاهما عطف ورحمة ودفء مشاعر. وإن لم يحظ أخوك أو صديقك بالنصح اللين والكلمة الرقيقة الطيبة فمن أولى بذلك منهما؟! ثم هل سألت نفسك أيها الناصح عن مدى تيقنك من صواب نصحك إلى الحد الذي يدفعك إلى الصراخ واللوم جازما بحقيقة ما تقول؟! هذه بعض احتمالات الناصح فهل ثمة احتمالات أخرى؟! كأن يكون الناصح منطلقاً من إحساس بغياب الذات أمام المنصوحين فيحاول استعادتها بصورة الناصح العارف الأمين؟! أيَّاً ما يكون؛ فالنصح أسلوب والناصح الأمين يفترض أنه ذو عقل رصين وقول يلين يمتح من معين يعبق بالحب والصدق والثراء المعرفي، يدرك جيداً متى يقول ولمن سيقول!!
مشاركة :