بقرار وزاري تم إنشاء المركز الوطني للطب البديل والتكميلي والذي من أهدافه ضبط وتنظيم ممارسات الطب البديل والتكميلي بالمملكة لضمان السلامة والفعالية والجودة، ولا شك أن هذا مطلب مهم خاصة مع انتشار المعالجين بالطب البديل من كلا الجنسين- من أصحاب الأعشاب والوصفات والخلطات الذين يروجون لبضاعتهم بشكل احترافي من خلال فتح باب الأمل لكل من يعاني من أمراض مزمنة ومستعصية حتى بلغ حد اليأس خاصة بعد أن استفرغ وسعه في مراجعات لأطباء ومستشفيات ولم يحصل منها على أي فائدة تذكر. هؤلاء المطببون مما يؤخذ عليهم هو ضعف التشخيص وعدم إمكانية التحليل المخبري المسبق للمريض والذي معه يتضح مدى تأثير العقار المعطى للمريض من عدمه، وهل له مضاعفات على المريض مع مرور الوقت، وأيضاً مما يؤخذ عليهم المبالغة في أسعار الخلطات والوصفات وتنوعها وصعوبة إيجاد بعضها وعدم العناية بأماكن مزاولة المهنة أو تطوير المكان أو حتى صاحب المهنة، كما أنهم لا يملكون المؤهلات العلمية التي تؤهلــهم لمعرفة بعض معايير الطب وأساسياته التي تتطــلبه مهنتهم ولا تعرِّض الناس لأي مــضاعفات أو خطر، بالإضــافة إلى عدم الاطلاع على ما يستجد في عالم الطب من خلال ما تقدمه مراكز الإرشاد والتوعية في وزارة الصحة. ومع هذا فإنهم طاقات بالإمكان احتواؤهم وتثقيفهم ورفع مستوى الوعي لديهم، ولأنهم أصحاب خبرة في الطب البديل فحصرهم وتثقيفهم وتصحيح أوضاعهم وتبادل الخبرات بينهم وبين أصحاب الشهادات، أفضل بكــثير من إقصــائهم وإيقاع العقوبات عليهم سواء من وزارة التجارة أو الصحة أو حتى البلديات لمزاولة المهنة بلا ترخيص- ولأن وصفاتهم وأعشــابهم لا تخلو من فائدة فكم من مريض شفي على أيديهم وكم من مـزمن لم يجد دواء لدائه إلا عندهم، فلا يزال الطب البديل والتكميلي يُعد مــن المــوروثات الحضارية التي تقوم عليه حــضارات دول عظمى كالهند والــصين والتشــيك وغيرهما ممن لهما عناية وأبحاث ومراكز مستحدثة للحفاظ على هذا الموروث الطبي الحضاري. ووجود المركز الوطني للطــب البديل والتكميلي من شأنه أن يكون حلــقة وصل من خلاله يصل المرضى إلى من يثقــون بهم من أصحاب الطب البديل من المســجلين لديهم، وهذا سيحث كثيراً من مــزاولي الطب البديل على سرعة التسجيل لدى المركز سواء لكسب ثقة الناس أو للاستــفادة من التوجيهات والحصول على التراخيص المناسبة. ولكن مع هذا فإنه من غير المنطقي أن يحصر المركز الفئة المســتهدفة للاستفادة منه أو الحصول على تراخيص بعض المهن، على الأطباء والحاصلين على مؤهل جــامعي في العلاج الطبيعي والحاصلين على دبلوم فني صحي -كما هو موضح في موقعــه- فهذا فيه إقصاء لجهود وإهدار لطــاقات أصحاب خبرات طــويلة في هذا المجـال الذين غاية ما يكفيهم هو توجيهات ودورات أولية من خلال مختصين يضمنون للمركز مع الوقت تحسين كفاءة هذا المعالج بالطب البديل والاستفادة منه ومن خــبراته، وبذلك يكون قد حــقق أحـد أهدافــه وهو ضــبط وتنظيم ممارسات الطب البديل والتكميلي بالمملكة لضــمان السلامة والفعالية والجودة كمــا قدمت في افتتاحية المقال.
مشاركة :