عندما أعلن الديوان الملكي نبأ وفاة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - فجر أمس الجمعة الموافق الثالث من ربيع الآخر جاء الخبر مدويا كالصاعقة على المواطن، صغيرا وكبيرا، ولم يكن رحيله فقدا على أبناء الشعب السعودي، أو المقيمين على أرض المملكة العربية السعودية، بل فقده على أبناء الدول العربية والإسلامية، وحتى الدول الصديقة، وبرحيل ملك الإنسانية فقدت المملكة العربية السعودية رجلا أمضى 90 عاما من عمره في خدمة دينه ووطنه وأمته، واهتم بالتنمية بمفهومها الشامل وبمختلف مكوناتها ومقوماتها. لم يكن هذا اليوم يوما عاديا، بل كان يوما حزينا على أبناء الشعب السعودي، فملك الإنسانية ملك أحب الشعب، فبادله الشعب بالحب، فقد أحب الصغير، واحترم الكبير، وعطف على الفقير، وبرحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله فقدت المملكة العربية السعودية رجل دولة وهب عمره لخدمتها وتنميتها، وعمل الكثير من أجل تطوير كافة المجالات الخدمية، فقد أمضى حياته - رحمه الله تعالى - لخدمة دينه، ووطنه، وشعبه بكل تفان وإخلاص، كان ملك الإنسانية يتمتع بنظرة شاملة لكافة المجالات التي تهم الوطن والمواطن في جميع مناطق ومحافظات ومراكز وهجر المملكة، فشملت مشاريع الخير، ونماء الإنسان والمكان، فيعد برنامج الابتعاث من أهم إنجازات الملك عبدالله في تنمية الإنسان، حيث تم ابتعاث العديد من أبناء وبنات المملكة في مختلف التخصصات إلى الجامعات العالمية العريقة ليتعلموا ويعودوا لوطنهم مسلحين بالمعارف والمعلومات والخبرات والمهارات، ليسهموا في استمرار تقدم الوطن ورقيه، كما شهد التعليم العالي نقلة نوعية من حيث الكيف، والكم، وتم تخصيص مبالغ كبيرة من ميزانيات الأعوام الماضية لمؤسسات التعليم العالي، وكان هناك تركيز كبير على جودة ما يقدم في الجامعات من خدمات تعليمية، كما تم التوسع في عدد الجامعات، حيث شملت جميع مناطق، وأغلب محافظات المملكة، وفي المجال الصحي تم تخصيص ميزانيات كبيرة للخدمات الصحية في مختلف مناطق المملكة، وذلك حرصا منه - رحمه الله - بصحة المواطن، وفي مجال خدمة الحرمين الشريفين فقد شهد الحرمان الشريفان توسعة تاريخية وذلك لحرصه - رحمه الله - على راحة ضيوف الرحمن من الحجاج، والمعتمرين، والزوار. وفي السنوات الماضية كان هناك حراك تنموي، حيث شهدت مدن ومحافظات المملكة ومراكزها مشاريع عديدة أنجز منها الكثير والجزء الآخر في طريقه إلى الإنجاز، ولم تقتصر إنجازات الملك عبدالله على المستوى المحلي، بل كان له العديد من الخطوات الإيجابية على المستوى الإقليمي، أو العالمي التي لها دور كبير في تعزيز علاقات المملكة بالدول المجاورة، والدول الصديقة، وكان آخرها ما قام به في لمّ شمل دول مجلس التعاون الخليجي، وتوحيد صفوفهم، والمطالبة بالتحول إلى الاتحاد بدلا من نظام مجلس التعاون، والحديث عن إنجازات ملك الإنسانية عديدة ولا يمكن حصرها في المساحة المحددة للمقال، وكان له دور واضح في مجال حوار الحضارات، والأديان، وكانت له رؤية واضحة حيال الإرهاب، وأكد للعالم أن الإرهاب خطر ويجب التعامل معه بكافة الأساليب التي تتوافق ومعطيات المواقف التي تتعرض لها كل دولة. ولقد رحل ملك الإنسانية وغيبه الموت عنا، ولكنه سيظل في قلوبنا حاضرا، وستظل أعماله المتنوعة وإنجازاته على مختلف الأصعدة باقية ومستمرة، وستذكره الأجيال القادمة من خلال ما قدمه لوطنه، وشعبه، وأمته، وللعالم، وحقيقة الأمر أن فقده ليس على الشعب السعودي فقط، بل على دول العالم، ومن يحاول البحث والتقصي في تاريخ وإنجازات ملك الإنسانية - رحمه الله - لن يجد صعوبة في الحصول على ما يريده من معلومات، وإنجازات فهي كثيرة، ومتنوعة، وبرحيل فقيد الأمة نقدم التعزية لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أعانه الله -، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز - حفظه الله -، وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، والأسرة المالكة، والشعب السعودي، والأمة العربية، والأمة الإسلامية، وما نقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمك الله يا ملك الإنسانية وأسكنك فسيح جناته، وأعان الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده، وولي ولي العهد.
مشاركة :