غاب البدن وبقي فخر الوطن | صالح بكر الطيار

  • 1/25/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

توخى حِمام الموت صقر العروبة وحكيمها ، منتقياً من جواهر الخليقة أثمنها ، ومن درر البشرية أروعها ، هكذا غيبت المنية من بيننا زعيماً تاريخياً وقائداً استثنائياً ، فترجل الفارس في زمن والعالم أحوج ما يكون لرأيه الثاقب وفكره الصائب ، في خدمة الإسلام والمسلمين والعدالة العالمية ، مما ضاعف من وقع الفاجعة الأليمة وآثارها الموجعة ، التي أدمت قلوب الأحبة والأصدقاء إقليمياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً ، هكذا يتضح أن الخطب عظيم والمصاب جلل ، فلا شك أن أقل ما يخالج نفوس أبناء الوطن المكلوم من آلام ، وما يعتمل في دواخلهم من مشاعر الحزن والأسى ، يبقى شاهداً على فداحة الخسارة وفظاعة المصاب ، رحل صاحب الأيادي البيضاء والكرم والعطاء ، رجل المبادرات المميزة والمواقف الشجاعة ، تاركاً شوامخ نهضة كبرى شملت كافة المرافق ، لتتبوأ المملكة في عهده الرشيد الحافل بالعطاء والإنجاز مكانها المرموق بين الكبار ، متصدرة المحافل الدولية ، كدولة قوية ومملكة فتية ، عبر مسيرتها الظافرة التي عجزت فتن الزمن من زعزعتها ، وفشلت قلاقل العصر من إيقافها وتعطيلها ، فتجاوزت بكل ثقة سائر المنعطفات الخطيرة والتحديات الكبيرة المحدقة بالعالم ، وذلك بفضل الإيمان الراسخ للراحل العزيز وقيادته الرشيدة وسياسته الحكيمة ، هكذا اتسم عهده بالعمل والبناء والخير والعطاء ، وتميز بدعم السلام والاستقرار ، حيث بذل يرحمه الله الغالي والنفيس للم شمل وجمع شتات الدول العربية عموماً والخليجية على وجه الخصوص ، من خلال المصالحات التي رسم خارطة طريقها حتى أتت أكلها ، فكل تلك المواقف الجليلة تشهد لفقيدنا بالحنكة والفطنة ، إن هذه الكارثة أكدت بوضوح مكانة الراحل الجليل بين الأشقاء والأصدقاء فشاركوا المملكة محنتها مؤكدين أن المصاب عالمي ، ومع ذلك نقول : إن عزاءنا الذي يملأ قلوبنا ثقة وطمأنينة ، أن هذا الكيان الشامخ والوطن الرائع (مملكة الإنسانية) يحزنها فقد عَلم من أعلامها السامقة ، ورحيل قامة من قاماتها الغالية ، ومع ذلك تظل واقفة شامخة ، لأنها ولود ولود كلما ودعت قائداً استقبلت قائداً مثله كما قال الشاعر : وليس يهـــــلكُ منا سيدٌ أبداً *** إلا افتلينا جـــــديداً سيداً فينا إن تبتدر غايةٌ يوماً لمكرمة *** تلقى السوابق منا والمصلينا ومن أوجاعنا نتعلم كيف أسس الملك عبدالله يرحمه الله نظاماً حضارياً لانتقال السلطة بسلاسة غير مسبوقة ، وبصورة لم يشهد لها العالم مثيلاً ، فقبل أن يوارى جثمانه الطاهر الثرى كانت المملكة تنعم بملكها الجديد وولي عهده الأمين وولي ولي العهد ، فقبل أن نهنئ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالولاية التي هو أهل لها ، به نهنئ الولاية ،فهو خير خلف لخير سلف . والآن تحضرني خاطرة عن الرياض التي أصبحت بقيادته حينما كان أميراً عليها مدينة عصرية رائعة ، فالتحية لقائد المسيرة القادمة والمنطلقة لغدٍ أكثر إشراقاً ، إننا نعاهده على السمع والطاعة ، وأن نكون عصاه التي لا تعصاه ، مستشرفين تحت قيادته عهداً رائعاً لمواصلة النهضة الكبرى التي يشهدها الوطن العزيز ، سائلين الله أن يمده بمدده وأن يسدد على طريق الخير خطاه . sbt@altayar.info

مشاركة :