التسيّب الوظيفي مشكلة مزمنة أرهقت كاهل الدولة، وتسببت في ضياع معاملات مواطنين، وفي تأخُّر البت في شكاوى مراجعين، وهي ظاهرة مزمنة لدينا في كثير من القطاعات الحكومية، ورغم وجود جولات هيئة الرقابة والتحقيق واتخاذ قرارات الحسم ولفت النظر، إلا أن الظاهرة تحتاج إلى تكاتف الأجهزة الحكومية المعنية، ورفع مستوى الوعي المجتمعي، وإلى عقد الدورات والندوات وورش العمل التثقيفية المتواصلة بشأن ذلك، حتى نحدّ من ظاهرة التسيّب الوظيفي، والمتمثلة في التأخير والغياب وعدم الأداء وفق المطلوب، ناهيك عن تسببها في قضايا أخرى تنطلق منها وتترتب عليها تتعلق بالفساد المالي والإداري، تصل إلى قضايا سرقة المال العام، واستغلال النفوذ والرشوة وغيرها من قبل البعض.. وقد وجَّهت الدولة وبحرصٍ وتخطيط منذ سنوات إلى ضرورة توظيف الحكومة الإليكترونية في الوزارات كبداية، ومن ثم تعميم الفكرة إلى القطاعات الحكومية في مختلف المناطق سعياً منها لمحاربة البيروقراطية، ومنع تكتل المعاملات وتكدس الأوراق في أدراج كثير من القطاعات الحكومية، وتخفيفاً على المواطن، الأمر الذي سهّل المهمة حتى على الموظف المختص في إدارته أو قطاعه، ولكن التسيّب الوظيفي والغياب وعدم التحاق الموظفين بدورات متخصصة عرقل العديد من أهداف هذا المشروع الهام، إضافة إلى أن العديد من الموظفين استغل لغة الأجهزة في التعذُّر بعطل الجهاز، أو النظام، ليُمارس تسيّبه وتقاعسه، رغم حضور التقنية والتطور. الشكاوى من سوء الخدمة وعدم إنجاز المعاملات تمثل عاملاً مشتركاً في العديد من الإدارات الحكومية، وخصوصاً الخدمية منها، والأسباب متعددة أولها يتعلق بوجود ثقافة متوارثة بالتسيّب بين الأجيال، إضافة إلى عدوى هذه الثقافة البائسة بين المدير والموظف وانتقالها بين الأقسام في بعض الإدارات، إضافة إلى غياب الأمانة لدى البعض، والتي تعود إلى الوازع الديني، وأهمية وجودها وارتباطها بالمال الحلال الذي يتقاضاه الموظف نهاية كل شهر، إضافة إلى قلة العقوبات في هذا الجانب، أو التساهل في تطبيقها وتطبيق اللوائح، إضافة إلى ضعف العقوبات والتي تنتهي بلفت نظر، حيث يقل الحسم والإنذار، ويندر النقل التأديبي والحرمان من العلاوات وغيرها، إضافة إلى ضعف الرقابة في أحيانٍ كثيرة، والتساهل فيها من قِبَل بعض منسوبي الجهات الرقابية التي تتحيّن أوقات المواسم لتُمارس العمل، بينما تغيب معظمها في أيامٍ أخرى. لذا، ومن هذا المنبر الإعلامي، أناشد هيئة مكافحة الفساد وهيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة أن يقوموا بإعداد مشروع وطني يرصد الظاهرة في السنوات الأخيرة، على أن يتم عمل دراسات من قبل متخصصين حول قياس مؤشرات الانخفاض والارتفاع سواء في الإجازات أو المواسم أو بدايات العمل أو العمل بعد الإجازة التي تكثر فيها حالات التسيب الوظيفي، من غياب وتأخير، وعدم القيام بالمهام الوظيفية على أكمل وجه، مما جعل العديد من إداراتنا الحكومية تتأخر في تقديم الخدمات للمواطنين والمراجعين، وهو ما أدى إلى سوء سمعة في بعضها يتعلق بالتأخير ومعانقة البيروقراطية في العمل والأداء، وإنهاء المعاملات. sbt@altayar.info
مشاركة :