سدانيات: «إني أتنفس تحت الماء»

  • 11/17/2018
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

يُعرِّف العلماء الفساد بأنه حالة من انتهاكات المبادئ النزيهة والتعدي على الحقوق والعدل، باختصار أن تكون فوق القانون الذي من المفروض أن يكون سائدا على الجميع، ولعل أعظم مثال للفساد ما شاهدناه في الفترة الأخيرة للأمطار التي جرفت الأخضر واليابس، فلم تترك منطقة راقية ولا نائية إلا غطتها، ونتساءل ونحن بين هذه المياه عن المسؤول الحقيقي عن هذه الفوضى العارمة التي عمت البلاد فلم تترك لا أخضر ولا يابسا إلا أكلته! إنِّ البطولات الزائفة التي يحاول البعض أن يتسلق من خلالها ليحوز مجدا هشا ومدحا مقززا ما هي إلا تصرفات لستر عورة التقصير في الأداء وغياب الهدف الرئيس للمؤسسة التشريعية التي فرغت من محتواها الرقابي والتشريعي، فبعدما كنت تسمع زئير نواب الأمة وهم يتصدون لقصور الحكومة، ويحاولون إقرار القوانين التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن، رأينا نوابا يُعدِّلون "عقال" وزير، وآخر "يدلك" كتف وزير آخر، ورأينا نوابا يدافعون عن وزراء أكثر من دفاع الحكومة عنهم، بتنا هذه الأيام نتابع نقاشات النواب وتراشقهم بالألفاظ والسُّباب، فهذا ينعت زميله "بالمزدوج" والثاني ينعت الأول "بابن الحلاق"، والضحية بين هذا وذاك هو الشعب الذي انتخب أشخاصاً من المفترض أن يجتمعوا على مصلحة الأمة ومصلحة الوطن، لا أن يلتفوا حول مصالح ناخبيهم ومصالحهم الشخصية. إن الساذج وحده من يصدق أن نزول المسؤولين في الشوارع هو خطوة إيجابية أو أنها تحسب له كأداء متميز، فلم يكن نزول "البطل الخارق" والمسؤولين المعنيين بالمشكلة إلا لأنهم قصروا في أداء مهامهم التشريعية والتنفيذية، فبدلاً من الحركات "القرعة" كما يسميها المصريون، لماذا لم تناقش الحكومة في خطتها أي طارئ أو عارض من الممكن أن يحدث في البلاد كحادثة الأمطار والغبار وغيرها؟ بكل بساطة لا يوجد أحد يتعامل مع المؤسسة التشريعية أو التنفيذية في الدولة بطريقة صحيحة أو علمية، فكل ما يحدث هو اجتهادات وارتجال لحظي لكل ما يواجهنا، وأفضل وصف للجهتين أنهما جهتا "ردات الفعل". شباب الكويت الذين رأيتهم في الطرقات يقومون بواجبهم بكل صدق وتفانٍ شكلوا لوحة رائعة للشعب الكويتي، وكما قمتم بهذا الواجب على أكمل وجه يجب عليكم أن تحرروا بلدكم من أسر من يخدعكم باسم الوطنية أو من يتشدق باسم الدين أو المذهب أو القبيلة، لست ملزماً كل عام أن ترفع أوساخ الشارع بيديك لأن أحدهم محرجٌ من محاسبة وزير مختص أو أحد أقربائه الذي يملك شركة صيانة الطرق التي غرقت فساداً وماء... اختاروا الأفضل للكويت لكي تكون الكويت هي الأفضل. خارج النص: • بعد سيول الكويت صدقت المرحوم عبدالحليم حافظ عندما تنفس تحت الماء، فالكويت كلها تنفست فساد المفسدين. • بيوتهم وحصونهم كانت خارج نصوص الغرق والخطر والهلع؛ لذلك لا يشعرون بما أصابنا من ضرر فسادهم.

مشاركة :