آخر إصدارات عالم الاجتماع الفرنسي من أصول إيرانية فرهاد خسروخوار كتاب بعنوان "الجهاد الجديد في الغرب"، يحلل فيه الوضعيات المؤدية إلى التطرف ثم إلى الجهاد، من خلال بحوث أجراها في عدة بلدان، من أوروبا وأمريكا الشمالية إلى أستراليا والمغرب العربي، ليبين أن الجهادية فعل مجتمعي شامل، يتولد من عوامل مدينية واجتماعية وسياسية وأنثروبولوجية وسيكوباتية، وأن ثمة نقاطا مشتركة بين المرشحين الغربيين للجهاد، رغم تنوعهم واختلاف هوياتهم. من هذه البحوث التي امتدت زهاء عشر سنوات، اصطفى خسروخوار مائة جهادي غربي، من أهل البلاد وشباب المهاجرين، لفهم جذور كراهيتهم للغرب وعوامل مرورهم إلى الفعل، وانتهى إلى حقيقة مرعبة وهي أن نجاح الجهاد لدى الشبان مرده إلى أزمة الديمقراطيات الغربية، وهي في رأيه أزمة عميقة قد تكون لها عواقب دائمة. حقوق الإنسان والقانون القانون لم يعد يحكمالقانون لم يعد يحكم في كتابه "القانون الطبيعي وحقوق الإنسان" يرى بيير مانان أستاذ الفلسفة السياسية بمعد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية أن مذهب حقوق الإنسان صار المرجع الشرعي الوحيد لتنظيم عالم البشر وتوجيه الحياة الاجتماعية والفردية، وأن القانون السياسي لم يعد يصلح إلا لضمان الحقوق البشرية التي تزداد اتساعا. فالقانون لم يعد يحكم، أو يوجه، أو يهدي بل يسمح فقط. لم يعد القانون يحمي حياة المؤسسات كالأمة والجامعة والأسرة بل يمنح كل فرد حقا غير مشروط في الوصول إليها، وبذلك لم تعد المؤسسة محمية ولا منظمة بقانون يواجَه به الفرد، لأن الفرد صار يتمتع بحق غير مشروط يواجه به المؤسسة. ما يعرّض الحياة البشرية إلى نقد اعتباطي غير محدود يرحم الحياة الفردية والحياة الاجتماعية من كل معيار تقييمي. النخبة العالمية والشعوب يعتقد ميشيل جوفروا في كتاب بعنوان "الطبقة العالمية السوبر ضد الشعوب" أن الغرب لم يعد يعيش في نظام ديمقراطي بل في نظام ما بعد ديمقراطي، لأن الحكومات ما عادت تحكم بل تطيع الأسواق والبنوك، وقوى المال تقود الميديا، والشعوب تفقد سيادتها وحرياتها. لماذا؟ لأن السلطة الاقتصادية والمالية شبت عن الإطار القومي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي ورامت الحكم بدل الدول. ولأن نهاية الشيوعية حررتنا من الحرب الباردة، فنابت عنها رغبة أنكلوسكسونية عنيدة في فرض رؤيتها للعالم على الناس أجمعين، ولو بالقوة. هذه الحركة المضاعفة تجسدها طبقة جديدة تمارس الحكم في مختلف البلدان الغربية عوضا عن الحكومات، ألا وهي الطبقة السوبر، مركزها في الولايات المتحدة وفروعها ممتدة في كافة البلدان الغربية، ولا سيما الأوروبية، وهي طبقة تدافع عن مصالح الأثرياء الكبار والشركات العملاقة المعولمة، تحت ستار أيديولوجيتها: الليبرالية المتحررة والكونية، التي تطمح إلى فرض مشروعها أي إقامة حكومة عالمية، تقود إلى تسليع العالم واستعباد البشرية كلها. علاقة العنف بالدين في أفريقيا العلاقة الوثيقة التي يعقدها الدين مع العنف باتت من المواضيع الممجوجة في الجدل العام، مثلما باتت أفريقيا حالة خاصة بعد أن صارت فريسة للجهادية والراديكالية والمسيحية التبشيرية، بيد أن هذه الحقيقة المزعومة تثير أسئلة أكثر مما تقدم أجوبة. عن أي عنف، وأي ديانات، بل وأي أفريقيا؟ فالحرب في أفريقيا كانت سياسية وليست دينية، وكان هدفها السيطرة على الدولة وخيراتها أكثر من السيطرة على نفوس أهلها، حتى وإن اتخذت هنا وهناك لغة الله. ومن ثم يعتقد جان فرنسوا بايار الأستاذ بمعهد الدراسات العليا العالمية والتنمية بجنيف في كتابه “العنف والدين في أفريقيا” أن تشابك العنف والدين لا ينبغي تعميمه على كل البلدان، بل ينبغي دراسته حالة بحالة، حيث يبرز عامل سوسيولوجي متحدد ويقصد بها الحركات المسلحة ذات التوجه الديني المتباين، إسلامي ومسيحي، التي تقود تمردات اجتماعية، ولكنها لا تحتل سوى مكانة هامشية في التداخلات بين الرب وقيصر. وفضل الكتاب أنه يسلط على القارة السمراء نظرة جديدة. سوسيولوجيا الجهاديين الفرنسيين دراسة تستند إلى ما يزيد على مئة وثلاثين ملفا قضائيا لقُصّر متهمين بجرائم إرهابدراسة تستند إلى ما يزيد على مئة وثلاثين ملفا قضائيا لقُصّر متهمين بجرائم إرهاب كان من آثار القلق الذي تولد عن الأعمال الإرهابية في فرنسا وعن سفر المئات من الشبان إلى سوريا تدفقُ التحاليل بشكل تخفي كثرتها غيابا شبه كلي لمعطيات واسعة عمن يعتنقون القضية الجهادية. هذا النقص هو الذي حرص على تداركه لوران بوريلي وفابيان كاريي أستاذا العلوم السياسية بجامعة باريس 8 في كتاب بعنوان “مصنع الراديكالية”، استنادا إلى دراسة ما يزيد على مئة وثلاثين ملفا قضائيا لقُصّر متهمين بجرائم إرهاب أو يشتبه في كونهم راديكاليين، تسمح بمقاربة الطريقة التي تكيف بواسطتها الأوضاع العائلية والعلاقات مع المؤسسات والمسيرة الدراسية والصلات الاجتماعية بالأتراب تَملُّك الأيديولوجيا الجهادية. ويكشف البحث راديكاليات شتى، من التمرد على الأسرة أو المؤسسات إلى الانخراط لإحلال يوتوبيا سياسية ودينية. وبخلاف الكليشيهات عن “المنحرفين الإرهابيين” يمكن أن يشمل هذا الانخراط شبانا من أسر مستقرة، موهوبين في المدرسة، وبلا سوابق عدلية. مولد الوجودية ينطلق الكتاب من لحظة حاسمة، في باريس عام 1932 حين التقى ثلاثة أصدقاء في مقهى شهير بمونبرناس. كان جان بول سارتر وسيمون دو بوفوار يصغيان إلى ريمون آرون، العائد من برلين، وهو يحدثهما عن فكر جديد بأتم معنى الكلمة اكتشفه، هو الفينومينولوجيا أو علم الظواهر، ثم خاطب سارتر قائلا وهو يشير إلى كوب أمامه “انظر، يمكن أن تتحدث عن هذا الكوكتيل، وتلك فلسفة!”، من هنا، وضع سارتر نظرية فلسفية قائمة على الوجود المعيش الذي سيصبح سان جرمان دو بري رمزا له. من المقاهي إلى نوادي الجاز، ومن حلقات المثقفين إلى ليالي السهد مع بوريس فيان وجولييت غريكو، سوف تهز الوجودية باريس وتجتاح العالم، من فترة ما بعد الحرب إلى الحركات الطلابية في مايو 1968. بإلمام كبير وأسلوب طريف، تروي الإنكليزية سارا باكويل في كتابها “في المقهى الوجودي: الحرية، الكائن والكوكتيل بالمشمش” الحياة الثقافية في باريس في تلك الفترة، وتعيد إلى الأذهان تيارا مؤسسا لتاريخ الفكر في القرن الماضي، وتحمل قارئها إلى الأجواء المتأججة لباريس الوجودية.
مشاركة :