نساء عربيّات يبحثن عن منفذ للحياة في "قوارب الموت"

  • 11/18/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مخاطرة نساء من دول عربية مختلفة كتونس والمغرب ومصر بالهجرة عبر طرق غير شرعية إلى دول أوروبية تكشف أنهن على استعداد للمجازفة بأرواحهن في سبيل التخلص من واقع اقتصادي واجتماعي مرير وفي سبيل تحقيق طموحاتهن التي ضاقت بها أوطانهن. ترتبط صورة النساء المهاجرات في المجتمعات العربية، بالنابغات اللاتي لم يستطعن تحقيق طموحاتهن العلمية فلجأن إلى الهجرة نحو دول غربية، وأخريات تمت إعارتهن للعمل بإحدى الدول العربية، بعد أن تقدمن لوظائف شاغرة بها، أو بمن اخترن الهجرة تذمرا من التضييق على حرياتهن. لكن في العقد الأخير برز انتشار نوع آخر من الهجرة ظل حكرا على الرجال، يعرف بـ”الهجرة غير الشرعية” أو “السرية” وأحيانا “غير النظامية”، يعني دخول المهاجرات بشكل غير شرعي دون أوراق ثبوتية، أو عبور الحدود بشكل قانوني والبقاء بعد انتهاء المدة المصرح بها في التأشيرة الممنوحة. ورغم خطورة التجربة لم تتردد نساء بتونس في امتطاء قوارب الهجرة غير الشرعية هربا من ظروف معيشية صعبة ازدادت سوءا منذ اندلاع انتفاضة يناير 2011 وبسبب تداعيات فترة الانتقال الديمقراطي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وتزايدت معدلات الهجرة غير الشرعية في تونس، منذ ثورة يناير مستغلة الغياب الأمني آنذاك، ورغم أنها سرعان ما تراجعت بعد تشديد السلطات الخناق على منظمي هذه الهجرة غير القانونية إلا أن قوارب الموت مازالت تغري الشباب التونسي حتى أنها لم تعد حكرا على الذكور بل اجتذبت النساء أيضا. الطيب الطويلي: 4 بالمئة هي نسبة مشاركة التونسية في ركوب قوارب الموت وهي تشير إلى أنها جديرة بمكانتها الاجتماعية المرموقةالطيب الطويلي: 4 بالمئة هي نسبة مشاركة التونسية في ركوب قوارب الموت وهي تشير إلى أنها جديرة بمكانتها الاجتماعية المرموقة تونسيات على القوارب السرية شهدت سواحل تونس حادثتي غرق مأساويتين على الأقل هذا العام أدتا إلى وفاة أكثر من 80 مهاجرا قرب سواحل جزيرة قرقنة في يونيو الماضي، ووفاة ثمانية آخرين قرب جزيرة جربة جنوبا في أغسطس الماضي. وهذه أكبر كارثة تشهدها عمليات الهجرة غير الشرعية عبر سواحل تونس وتأتي بعد كارثة مشابهة في أكتوبر الماضي بسواحل قرقنة عندما غرق مركب مهاجرين إثر اصطدامه بخافرة عسكرية خلال عملية مطاردة. وكان من ضمن ضحايا كارثة قرقنة نساء من بينهن حوامل، ويعتقد خبراء أن اليأس الذي أصابهن في أوطانهم بلغ ببعض النساء أن يرغبن في وضع مولود جديد في الأراضي الأوروبية ليسهل عليهن الحصول على وثائق إقامة على أمل أن يمنحن أطفالهن واقعا أفضل، وحتى هذه الآمال تصطدم بقيود قانونية مشددة في أوروبا. وقبل حادثة قرقنة المأساوية تفطنت السلطات التونسية إلى أن تونسيات تسللن بطريقة غير شرعية إلى أوروبا، بعد إحباط نحو 164 محاولة للهجرة السرية (خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2017، من بين المهاجرين 1300 تونسي)، بينما تمكن 2700 آخرون من الوصول إلى السواحل الإيطالية، كما انتشر في وسائل إعلام آنذاك فيديو لسيدتين تونسيتين تتحدثان عن هجرة النساء التونسيات بطريقة غير شرعية إلى أوروبا. وفي مقطع نشرته صفحة “مجلة ميم” على فيسبوك تحدثت خديجة عن حلمها بالهجرة إلى أوروبا وخاصة فرنسا، هربا من الظروف التي وصفتها بـ”القاسية” في تونس والتهميش الشديد لأبناء الأحياء الشعبية. وكانت وزارة الداخلية التونسية قد كشفت في أكتوبر عام 2017 أن نسبة مشاركة النساء في الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وخاصة إيطاليا قد ارتفعت إلى خمسة بالمئة بعد أن كانت لا تتجاوز واحدا بالمئة في 2016. وأوضح رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مسعود الرمضاني أن “نسبة مشاركة النساء التونسيات في الهجرة غير الشرعية ضئيلة رغم استمرار الظاهرة”. ووفقا للمنتدى، تشارك التونسيات بنسبة 4 بالمئة في عمليات الهجرة غير النظامية، في حين ترتفع نسبة مجموع النساء من مختلف الجنسيات إلى قرابة الـ60 بالمئة حسب المفوّضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة. النساء أصابهن اليأس من توفير ظروف عيش محترمة في أوطانهنالنساء أصابهن اليأس من توفير ظروف عيش محترمة في أوطانهن وبين الرمضاني لـ”العرب” أن”الواقع المعيشي الصعب لم يحجب نساء ينتمين إلى مجتمع محافظ من الهجرة بطرق غير نظامية”. ولفت إلى أن “التونسيات يعانين من ارتفاع البطالة بشكل مضاعف مقارنة بالذكور، إذ أن أكثر من 30 بالمئة من النساء يشتكين من قلة فرص العمل وانعدامها الأمر الذي يحرضهن على مغامرة خطرة”. وتلفت الهيئات الأممية والمنظمات الحقوقية إلى أن النساء في المنطقة العربية يواجهن مجموعة من الضغوط تحدد أين ومتى يمكنهن العمل، ما يتسبب في ضيق المجال المتاح من الوظائف أمامهن ويجعلهن يفكرن في البحث عن آفاق أرحب بعيدا عن أوطانهن. وأشار الطيب الطويلي المختص التونسي في علم الاجتماع لـ”العرب” إلى أن “المرأة لا تركب قوارب الموت إلا في وجود خطر اقتصادي أو اجتماعي حقيقي محدق بها، ذلك أن العوامل الدافعة بالإناث إلى الهجرة تختلف عن الذكور، باعتبار أن الذكر يبحث عن ظروف اقتصادية واجتماعية أفضل، وقد يكون التفكك الأسري أو الصعوبة في الاندماج الاجتماعي دافعا بالذكور إلى ركوب الخطر بحثا عن أرض جديدة لتحقيق الأحلام. أما الأنثى فغالبا لا تركب خطرا بهذا الحجم إلا بعد اعتبارها أن الحياة في مجتمعها صارت مستحيلة بالفعل وأن المجازفة والمخاطرة أمر لا بد منه. أو عندما يكون النسيج الأسري متمزقا بغياب زوجها حيث نسجل عددا هاما من النساء اللاتي يهاجرن للالتحاق بأزواجهن”. ويلفت الطويلي إلى أن “تسجيل المرأة التونسية لـ4 بالمئة فقط من نسبة المشاركة في ركوب قوارب الموت يشير إلى أنها جديرة بمكانتها الاجتماعية المرموقة التي راكمتها منذ سنين عديدة وبوضعها السوسيو- ثقافي داخل بلدها والمتطور عن بنات جنسها من بلدان أخرى”. وأضاف أن “ارتفاع نسبة المهاجرات غير الشرعيات في قوارب الموت أو انخفاضه يجب أن نعتبره مؤشرا حقيقيا دالا على نسبة خطورة الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي في البلد، فكلما زادت نسبة المهاجرات كلما وجب التفطن إلى أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية شارفت على وضع خطير وجب معالجته، فالمرأة التونسية لا تختار ‘الحرقة’ إلا إذا كان محيطها يحترق فعلا”. مسعود الرمضاني: أكثر من 30 بالمئة من النساء في تونس يشتكين من قلة فرص العمل وانعدامها الأمر الذي يحرضهن على الهجرة غير الشرعيةمسعود الرمضاني: أكثر من 30 بالمئة من النساء في تونس يشتكين من قلة فرص العمل وانعدامها الأمر الذي يحرضهن على الهجرة غير الشرعية هجرة المرأة المغربية تونس ليست البلد الوحيد الذي ظهرت فيه هجرة النساء بطرق غير شرعية فالمغرب البلد المغاربي المجاور يعاني أيضا من هذه الظاهرة، وليست البطالة والتهميش اللتين تطبعان حياة بعض الشباب والشابات السبب الوحيد وراء تنامي الهجرة السرية بالمغرب، بل هناك عوامل أخرى كالانبهار بأوروبا التي ترى فيها الكثيرات أرض الأحلام والسعادة، وهذا الحلم جعل من إحدى الفتيات ضحايا قوارب الموت تقر في مقطع فيديو مباشر على فيسبوك مؤخرا، أنها “إذا غادرت إلى إسبانيا لن تعود ففي إسبانيا كل شيء موجود”. وقال نائب رئيس المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية، حسام هاب، لـ”العرب” إن “هجرة المرأة المغربية إلى أوروبا عبر قوارب الموت ليست بالظاهرة الجديدة في المجتمع المغربي، بل كانت موجودة وإن بنسب أقل خلال موجات ‘الحريك’ التي عرفها المغرب خلال التسعينات، لكن الجديد هذه المرة في الظاهرة هو انتشارها الواسع إعلاميا بسبب رواج شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب والتي أضحت توثق عبر بث مباشر للحظات هجرة المغاربة نحو الفردوس الأوروبي”. ورغم جهود السلطات المغربية لمكافحة الظاهرة إلا أن المواقع الاجتماعية قدمت فرصة للتواصل بين المهربين والباحثين عن الهجرة، عبر صفحات وغروبات مفتوحة للعموم وأخرى مغلقة، تقدّم كلها معلومات عن طرق وأساليب التهريب التي تسمح بالوصول إلى أوروبا. وشدد هاب على ضرورة التعامل مع إشكالية هجرة الشباب وخاصة العنصر النسوي باعتبارها ظاهرة اجتماعية ناجمة عن خلل وجب إصلاحه، ويجب أن يتم ذلك وفق استراتيجية اجتماعية واقتصادية وتربوية متكاملة تشرك كل الفاعلين وتراعي مصلحة كل الأطراف. وأشار إلى أن الزيادة الديموغرافية للشباب في الهيكل العمري السكاني بالمغرب ستكون نتيجتها حتما ارتفاع احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، بالنظر إلى أن المرحلة العمرية الشابة هي المرحلة الأكثر تأثيرا في تكوين الاتجاهات والقيم السلوكية والمدركات الاجتماعية، وبالتالي سترتفع معدلات لجوء المرأة إلى الهجرة إذا لم يستوعب الطلب الاقتصادي في الأفق القريب النمو الديموغرافي. وبعيدا عن المغرب فقد تسللت النساء في مصر إلى قوارب الموت، منهن هاربات من تسلط ذكوري، وبعضهن مهاجرات بمفردهن وأخريات بصحبة أزواجهن، وبعضهن حملن أطفالا على الأكتاف أو أجنة في الأرحام. وكانت بداية كشف إقبال المصريات على الهجرة غير الشرعية في سبتمبر 2016، عندما غرق مركب “رشيد” بالقرب من سواحل محافظة البحيرة، وإعلان وزارة الصحة العثور على جثث لفتيات في عقدهن الثاني من محافظات مختلفة، فيما نجت 10 نساء. لكن سبقت هذه الحادثة، حادثة مماثلة قبل ثلاثة أشهر حين عثرت القوات البحرية المصرية على 9 جثث متحللة بينها جثة سيدة مصرية، كما غرق مركب كان متجها إلى سواحل أوروبا، وانتشلت القوات البحرية 12 شخصا، بينهم 3 سيدات. تذكرة موت مصرية المخاطرة من أجل حياة أفضلالمخاطرة من أجل حياة أفضل تدفع مجازفة النساء بسلامتهن في قوارب الهجرة، إلى التساؤل هل وصل الحال بالمرأة إلى الاستقواء على طبيعتها الأنثوية والتفريط في حياتها بهذه السهولة؟ إجابات النساء المهاجرات تختلف من امرأة إلى أخرى بسبب اختلاف المبرر للإقدام على مغامرة قد تكون عواقبها إما الموت أو الفقد وإما السجن، ومع اختلافها فهي بحاجة إلى دراسة عميقة غابت عن جميع المراكز البحثية في مصر. أمل وجيه، وهي سيدة مصرية ثلاثينية، تعيش حاليا مع زوجها (47عاما) في إيطاليا بعد وصولها إليها عبر هجرة غير شرعية، كلفتها الرحلة حوالي 2248 دولارا، وخلال اتصال هاتفي مع “العرب” تروي قصتها مع قوارب الموت التي تقول إنها اختارت أن تمطيها هربا من مرارة الواقع. وأشارت إلى أن فتيات كثيرات يعشن في مناطق شعبية وقرى فقيرة نشأن في كنف مجتمع يقبع في مخيلته أن كل أنثى هي الست “أمينة” جارية لـ”سي السيد” في الفيلم المصري “بين القصرين”، وهي شخصية تخضع للفكر الذكوري بكل ما يحمله من تسلط. نشأت أمل في “الزاوية الحمراء”، وهي منطقة شعبية بوسط القاهرة، وأدركت أنه لا حقوق ولا كرامة للمرأة في منطقتها، فلم تسلم يوما من التحرش اللفظي أو الجسدي، وعندما تزوجت كان سبب سعادتها التخلص من العنوسة. وبعد أربعة أشهر تركها الزوج في رحلة هجرة غير نظامية للعمل بمجال السياحة في إيطاليا، وبعدها بأيام فاجأها بزواجه من إيطالية حتى لا يتم ترحيله، حينها راودتها فكرة السفر إليه وعزمت على الالتحاق به عندما تأكدت أنها تحمل جنينا بين أحشائها. ولم تكن خطوة السفر فقط تحت تأثير العاطفة بل كان السفر للفتاة أمنية تخالجها كلما رأت احتفاء أهالي المنطقة بالقادمات من دول الخليج محملات بالهدايا للأقارب والجيران، في حين أنها كانت تعاني من ظرف مادي صعب. لم تبال حاملة الشهادة الجامعية بما سيلحق بها وبطفلها، فهو أقل ضررا من نظرات الشفقة أو التشفي في عيون المحيطين بها، حيث سافرت على متن مركب استقلته من ميناء الإسكندرية حمل على ظهره 250 فردا من جنسيات مختلفة. تشير أمل إلى أن ما طمأنها هو وجود أخريات على المركب، فهناك نساء بصحبة أزواجهن، وأيضا سيدة هربت من حكم بالطاعة وأخرى من السجينات قضت عقوبتها وعندما غادرت السجن لم تحتمل النظرة المجتمعية وغدر الزوج، وما لفت نظر أمل وجود خمس فتيات في العشرينات أو أقل، بشرتهن سوداء، علمت بأنهن في طريقهن لصديقات تعرفن عليهن من خلال فيسبوك ووفرن فرص عمل لهن بمدينة صقلية. لا تتذكر أمل عدد الأيام التي قضتها على المركب، لشدة الألم والدوار اللذين ألما بها طوال الرحلة، لكن ما زال عالقا بأذنها صرير الرياح وهدير الأمواج التي تنفض المركب بين فينة وأخرى لتلطمه فتطرحهم أرضا، قائلة إن الرحلة بالنسبة لنساء كثيرات كانت “تذكرة موت”، حيث استحضرت عنوانا قرأته لمشروع تخرج اختاره فريق طلابي بقسم الإعلام في كلية الآداب بجامعة عين شمس، في إطار حملة أطلقت لمعالجة الظاهرة، لكن بالنسبة لها فهي “تذكرة موت من أجل الحياة” وللنجاة من الواقع البائس الذي كانت فيه. حسام باه: توثيق لحظات الهجرة نحو "الفردوس الأوروبي" عبر بث مباشر ساهم في تحفيز مغربيات على الهجرة غير النظاميةحسام باه: توثيق لحظات الهجرة نحو "الفردوس الأوروبي" عبر بث مباشر ساهم في تحفيز مغربيات على الهجرة غير النظامية ورغم القصص المؤلمة لم تتحول هجرة المصريات بطرق غير شرعية حتى الآن إلى ظاهرة بعدُ طبقا لتصريح لوران دي بويك، مسؤول برامج المنظمة الدولية للهجرة في مصر، كما لم يذكر عدد المهاجرات لصعوبة ذلك بسبب طبيعة هذا النوع من التحركات التي تجري خارج القنوات النظامية. وأدت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لمكافحة الظاهرة إلى تراجع معدلاتها بصورة كبيرة، لكن هناك تخوفات من عودتها، أمام توقعات بأن تشهد السنوات المقبلة ارتفاعا في نسبة النساء المهاجرات على قوارب الموت، نتيجة التدهور الاقتصادي والعزوف عن الزواج والاتكالية الذكورية. وأوضحت هناء عشماوي، أستاذة علم الاجتماع، لـ”العرب” أنه رغم إصدار الحكومة القانون 82 عام 2016 المتعلق بالهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، والتشديدات الأمنية، وتحريم رجال الدين لها باعتبارها محاولة انتحار، كل هذا الحزم لم يثن النساء على امتطاء قوارب الموت كما لم يكترثن لاحتمال موتهن غرقا أو المعاناة التي ستنتظرهن. ودللت على ذلك بأن محاكمة 50 شخصا منذ أسابيع بتهمة القتل العمد بأحكام تتراوح ما بين 3 و25 سنة، لتسببهم في غرق مركب “رشيد” لم يكن رادعا لتكرار المحاولة، فقد أعلنت البحرية الليبية أن قوات حرس السواحل أنقذت 16 مهاجرا غير نظامي، بينما اعتبر أكثر من 100 شخص في عداد المفقودين، بينهم رضيع مصري في إشارة إلى أسرة مصرية كاملة، أفرادها من النساء. وتقول إحدى الفتيات من قرية برج مغيزل بمحافظة كفر الشيخ في شمال مصر لـ”العرب” إن “المخاطر في عرض البحر لن تثني رغبتي الدفينة للوصول إلى شواطئ اليونان والالتحاق بمن أحب حال توفر الفرصة المناسبة”. وتريد الفتاة التي درست علم النفس الالتحاق بمن تحب بعد أن سافر منذ 4 سنوات إلى اليونان، لكنه لم يستطع إلى الآن توفير متطلبات زواجهما، وبسبب ذلك فسخت خطبتها، ثم وافق والدها على زواجها من رجل آخر وتحولت إلى ما يشبه سلعة تباع لمن يدفع أكثر. وبينت أن هذا حال الكثير من صديقاتها اللاتي ينتظرن الفرصة المناسبة للهروب من قيود المجتمع، والانتقال إلى دول أخرى حتى إن كانت الوسيلة قوارب متهالكة، وأردفت بقولها “ركوب المجهول بتذكرة موت، ليس أشد قسوة من اغتراب داخلي في مجتمع لا يرى في المرأة إلا جسدا لإرضاء الغرائز وإنجاب الأطفال”. وتكشف تجارب العربيات الراغبات في الهجرة عن حقيقة مهمة، وهي أن المرأة اليوم على استعداد للمخاطرة من أجل تحقيق طموحها، وهذا بدوره يبرهن على أن حركة النساء من الدول التي فشلت في توفير حياة كريمة لهن، إلى الدول المتقدمة، هي حركة لا مناص منها.

مشاركة :