رياح وأوتاد: وفي المطر درس آخر للفاسدين والأنانيين

  • 11/19/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أفهم أن السيول قد تقتلع الأشجار وقد تهدم الجسور أو تقصم ظهر الطرق، كل ذلك ممكن حسب قوة اندفاع السيول وحجم المياه التي تحملها، ولكن أن تؤدي أمطار كالتي شهدناها في الأسبوع الماضي إلى تقشير الشوارع التي لم تصلها السيول، ولم تأتِ حتى على مقربة منها في معظم شوارع الكويت، فهذا يصعب تصديقه، لأن دولاً كثيرة ومدناً أكثر لا يكاد المطر ينقطع عنها طوال العام لم تشهد مثل هذا التقشير وانكشاف الحصى، وهذا يدل على أن شوارعنا مغشوشة، أي تم غش المواد الأولية فيها، أو تم التلاعب في إعداد وخلط مكوناتها، أو تم رميها في المكان المخصص بإهمال وبلا اكتراث وكان المراقب ينظر إلى جهة أخرى. لذلك فإن الوصول إلى الفاسد أو المتلاعب المسؤول عن هذا التقشير والحصى الذي تقذفه السيارات كالرصاص هو أمر سهل وميسر إذا تتبعت لجان التحقيق خريطة العمل التي استعرضتها في مقالي السابق. المهم أن إصلاح جميع طرق وشوارع الكويت سيكلف أموالاً طائلة، وستؤخذ بالطبع من احتياطي الدولة، وعفية (بالكويتي) على هذا الاحتياطي الذي أنقذنا بفضل الله من أكثر من كارثة. فاحتياطي الأجيال الذي تجمع فيه قبل الغزو نحو 130 مليار دولار أنفقنا منها نحو 100 مليار لدفع كلفة التحرير وإعادة الإعمار والإعاشة، وأما الاحتياطي العام فقد أنفقنا منه مليارات لسد العجز في الميزانية في سنوات التسعينيات بعد انخفاض سعر برميل النفط، وأيضاً تمت الاستعانة بالاحتياطي العام لسد العجز في السنوات الثلاث الماضية 2015، 2016، 2017، كما تم صرف المليارات منه لتعديل الحسابات الاكتوارية في التأمينات وتسوية حساب ميزانية التعزيز. وحسب البيانات المنشورة مؤخراً فقد انخفض الاحتياطي العام من 46 مليار دينار إلى 24 مليار نتيجة لهذا السحب المتكرر، واليوم تتجه الأنظار إلى الاحتياطي مجدداً لدفع قيمة تعويضات المواطنين وإصلاحات الطرق والبنية التحتية لأن إيرادات الميزانية لهذا العام لا تكفي وقد تعجز، وهذا الصرف ضروري ومطلوب حسب المادة ٢٥ من الدستور. ورغم دلالة هذه الأحداث التاريخية والأرقام التي تبين أهمية وجود وتنمية احتياطي كبير لمواجهة المصائب والكوارث المستقبلية إلا أنه هناك مجموعة من الأنانيين يسعون بعلم أو بجهل إلى صرف واستنزاف هذا الاحتياطي باقتراحاتهم التي وصفها صاحب السمو بأنها "مشاريع عبثية تسعى إلى تكسب انتخابي على حساب مصلحة الكويت ومشاريع براقه ترويجاً لمكاسب شخصية"، وذلك في خطاب افتتاح دور الانعقاد الثالث للمجلس الحالي. ولأن المستقبل لا يخلو في أي بلد من مصائب أو كوارث مشابهة، يجب مكافحة استنزاف الاحتياطي والتصدي للأنانيين أينما كانوا واقتراحاتهم الذين لا يفكرون إلا في أنفسهم وأجيالهم الحاضرة ويتناسون المستقبل وما قد يجلبه من أخطار للأجيال القادمة.

مشاركة :