تضمن الأبعاد الأخرى المدرجة في هذه العملية العالمية، التي تستعين ببيانات استقصائية حديثة موحدة مستقاة من 119 بلدا، حالات الحرمان في مجالي التعليم والبنية التحتية الأساسية "المياه، والصرف الصحي، والكهرباء". وتعد هذه السلع مهمة؛ حيث يعتمد توفيرها بشكل كاف، بطبيعة الحال، اعتمادا كبيرا على الإنفاق العام. وبسبب هذا الأمر، غالبا لا تتضمن المقاييس النقدية للفقر الفائدة الكاملة التي تتحقق للأسر المرتبطة بالحصول على هذه الخدمات. وعلى الصعيد العالمي، يخلص التقرير إلى أن نسبة الأشخاص الذين يعانون الحرمان المتعدد الأبعاد تزيد بمقدار 50 في المائة على نسبة من يعانون الحرمان في مجال الاستهلاك أو الدخل. ويتمثل أمر أكثر إثارة للاهتمام في أن إدراج الاستهلاك بوصفه أحد الأبعاد يتيح تحليل التفاعل بين الفقر النقدي والفقر غير النقدي. ولعله ليس من الغريب أن يرتبط الفقر النقدي بحالات الحرمان في مجالات أخرى، غير أن هذا الارتباط أبعد ما يكون عن الكمال. وفي الوقت الذي يواجه فيه كثير ممن لا يعانون الفقر النقدي الحرمان في مجال التعليم أو البنية التحتية "أو كليهما"، لا تواجه نسبة بسيطة ممن يعانون الفقر النقدي الحرمان في هذين المجالين. والأهم من ذلك أن الارتباط بين الفقر النقدي والفقر غير النقدي يختلف اختلافا كبيرا حسب المنطقة والبعد المستخدم. وإذا كان الفقر النقدي ينبئ بالقدر نفسه بجميع حالات الحرمان بسبب الفقر غير النقدي في جميع الأماكن، لن تكون هناك حاجة كبيرة لقياس أي شيء عدا الفقر النقدي؛ إذ يمكن للمرء أن يتنبأ بدقة بمدى حالات الحرمان بسبب الفقر غير النقدي، عن طريق قياس الحرمان في الدخل أو الاستهلاك اليومي. ويتضح أن لهذه الأبعاد علاقة أكثر تعقيدا بالفقر النقدي. فالبعد الأمني، الذي يقيس ما إذا كانت الأسر تعيش في حي يتسم بالخطورة، أو ما إذا كانت قد تعرضت لجريمة أو كارثة بيئية في العام الماضي، يرتبط أحيانا ارتباطا سلبيا بالفقر النقدي. ففي الإكوادور - على سبيل المثال - عادة ما تعيش الأسر المقيمة في أحياء خطرة، أو تعرضت لجريمة ما فوق خط الفقر الدولي مباشرة. ولهذا الأمر آثار كبيرة على التصدي للفقر في السنوات المقبلة. وإذا لم يكن من يعانون الفقر النقدي هم الذين يتعرضون لحالات الحرمان في أبعاد الفقر الأخرى، فمن هي إذن المجموعة الصحيحة التي يجب أن تستهدفها سياسات مكافحة الفقر؟ يتمثل أحد الطرق للإجابة عن هذا السؤال في الجمع بين حالات الحرمان المختلفة في مقياس واحد، وهو بالضبط ما يفعله مقياس الفقر المتعدد الأبعاد. ويميط هذا الأمر اللثام عن حقيقة أن صورة الفقراء تتغير تغيرا كبيرا عند احتساب مزيد من حالات الحرمان. وفي الإكوادور؛ حيث غالبا ما يشكل غياب الأمن قضية في المدن، يصبح الفقر أكثر انتشارا في المناطق الحضرية. ويمكن للفقر النقدي والفقر غير النقدي أن يشملا الظواهر المختلفة والأشخاص المختلفين. ومن أجل النجاح في قياس الفقر، نحن في حاجة إلى قياس مكونات الفقر المختلفة، وفهم كيفية تفاعل هذه المكونات مع بعضها بعضا.
مشاركة :