محمد حنفي – ضمن الأنشطة الثقافية المصاحبة لمعرض الكويت للكتاب في دورته الـ43، استضاف المقهى الثقافي لقاء مع الأديب والناشر الأردني إلياس فركوح، أدار اللقاء الذي حمل عنوان «الكتابة احتراف أو هوى» الناقد فهد الهندال الذي حاور فركوح حول العديد من القضايا المتعلّقة بالأدب والنشر. قدّم الهندال للقاء بقوله إن اللقاءات الأدبية عندما لا تنقصها الصراحة والشفافية تكون ممتعة للجمهور، ووصف الهندال الكتابة بأنها تتأرجح ما بين الفتنة والفخ، واصفاً فركوح بالقامة العربية التي لها حضور كبير في عالم الأدب وعالم النشر، وأن أعماله كانت محور الكثير من الدراسات والأبحاث النقدية والأكاديمية. الوعي الزائف فركوح في بداية حديثه وجه التحية للكويت وإدارة المعرض على اختيار شعار «القدس عاصمة أبدية لفلسطين»، وأبدى فركوح تحفظه على عنوان الجلسة «الكتابة احتراف أو هوى»، حيث صنف نفسه نتاج أجيال ترعرعت واستقامت على حسم موقفها من الثنائيات الضدية، وشبه السؤال بالوعي الزائف، كما أبدى اعتراضه التأسيسي على صيغة «إما/ لو» الطالعة من عدمية تشاؤمية قصيرة النفس لا ترى طيفاً قزحياً من الألوان بين الأبيض والأسود. تمرد الكتابة ورأى فركوح أن الثقافة العربية مرت – وما زالت – بتاريخ ثقيل خلف كل ثنائية الاحتراف والهوى، وأشار فركوح إلى أن الاحتراف كناية عن عقل مجرب يفعل بانتظام وتدرج، والهوى استجابة منفعلة لمزاج متقلب مؤقت يبرق ثم يخبو، وقال فركوح: «إن الكتابة كما خبرتها تتمرد على أي صيغة تدوينية واحدة، أو انتظام كتابي وحيد يؤطرها، هي كتابة لا تختار، مسبقاً، كيف ينبغي ان تكون، كتابة لا تخضع لـ«خريطة طريق» تلتزم بها أمانة، كتابة إن كان لها أن تنحاز، فإن انحيازها هو لصيرورتها بينما تتكون بالتدريج». وأنهى فركوح كلامه بالتأكيد على أنه رغم مرور 40 عاماً على تجربته الإبداعية، فإنه ما زال يري نفسه كاتبا هاويا رافضا أن يكون محترفا، لافتاً إلى الفرق بين الاحتراف والخبرة، وأعلن انحيازه لمفهوم الراحل إدوارد سعيد عن المثقف «المحترف» و«الهاوي» وعلاقته بالمؤسسة والسلطة، منتصراً مع سعيد للهاوي. المثقف والسلطة الهندال وجه سؤالا عن موقف المثقف من السلطة، فرد فركوح إن السلطة السياسية لم تعد تخيف كما كان الأمر منذ 40 عاماً، وأن سلطة المجتمع أصبحت أكثر سطوة على المبدع من السلطة السياسة، وفي سؤال آخر عن الجوائز التي باتت تفرض نمطا معينا من الكتابة على المبدع العربي، قال فركوح إنه لا يستطيع حسم الموضوع، ولكنه يعرف أنه لا توجد معايير واضحة لهذه الجوائز. وعاد الهندال وسأله مرة أخرى إن كان يعيش صراعا بين عمله ككاتب وعمله الآخر كناشر لدار «أزمنة»، فرد فركوح بأن هذا الصراع لم يكن موجوداً في سنوات الشباب، لكنه الآن وهو في السبعين يعيش هذا الصراع، وأصبح بحكم السن يجد صعوبة في الفصل بين العالمين. خوف الرقيب وتساءل أيمن فخري إن كانت الثقافة العربية بحاجة إلى «السيرة الكتابية» لسرد تجارب كبار المبدعين للشباب وعن ضرورة وجود المحرر في دور النشر، وأجاب فركوح بالتأكيد على ضرورة وجود هذا النوع من الكتابة، حيث إن تجارب كبار المبدعين بمنزلة وثيقة نفتقد إليها. أما بالنسبة للمحرر، فرغم أن فركوح أكد ضرورة وجوده بسبب الأخطاء الفادحة في كتابات الشباب، فإنه أكد أن وجوده صعب لأن الأعمال الأدبية التي تشكل محور عمل المحرر لا تحقق ربحاً، وبالتالي صعب دفع راتب لمحرر في عمل لا يحقق ربحاً. وتساءلت الكاتبة هديل الحساوي عن سلطة المجتمع على الناشر، فرد فركوح بأن الرقيب «منا وفينا»، وأنه موظف يشعر بالخوف، ولذا فإن منع الكتاب هو الحل الأسهل بالنسبة له، مشيراً إلى أنه بعد 35 عاماً في النشر بات يعرف ذهنيات الرقباء، ولذا ينصح المؤلفين بالابتعاد عن بعض العبارات التي تصنع صداماً مع الرقيب وتتسبب في منع كتبهم.
مشاركة :