لا يمكن تقديم خطاب يرقى بوضوحه وصراحته وحسمه عددا من القضايا إلا خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشورى. هذه في الواقع منهجية الملك في تناول القضايا في كل أزمنتها ومراحلها، وهي منهجية تضع المسائل في أماكنها الصحيحة، وتحدد بأوضح الصور المستقبل الذي تصنعه القيادة العليا في السعودية. ومن هنا، من الصعب العثور على مفاجآت ضمن السياسة العامة التي تسنها القيادة، وإن وجدت لسبب أو لآخر، فإن التعاطي معها يكون سهلاً وسلساً. وعلى هذا الأساس، كان الملك سلمان واضحاً جداً في كل القضايا التي تحدث عنها، سواء تلك التي تختص بالشأن الداخلي، أو القضايا الخارجية التي تشكل المملكة حجر الزاوية فيها، بما في ذلك الاقتصاد العالمي. لا محرك رئيس للتنمية وأدواتها الفاعلة إلا المواطن السعودي. ومن هذا المواطن هناك الشباب والشابات الذين يشكلون عماد الإنجاز وأمل المستقبل. هذا ببساطة طرح خادم الحرمين الشريفين. وهو طرح يستهدف في الواقع بناء مستقبل على أسس قوية وطبيعية في آن معاً. فالشباب يظلون (وفق نهج القيادة) الأساس نحو المستقبل، وهم أيضاً الطاقة الحتمية لأي خطوات على صعيد التنمية والبناء الاستراتيجي، إلى جانب المشاركة الفعالة والضرورية للمرأة في "ورشة التنمية" الهائلة، لاسيما أنها تحصل على حقوقها كاملة وفق الشريعة الإسلامية السمحة. ومن هنا، يمكننا أن نفهم كيف يتواصل تنفيذ "رؤية المملكة 2030"، سواء على صعيد البناء الاقتصادي الذي يسير بصورة جيدة للغاية، أو من جهة تطوير القدرات البشرية الوطنية. كل هذا يأتي إلى جانب تأكيدات خادم الحرمين الشريفين على سياسة البلاد المالية، وتحديداً تحقيق التوازن بين ضبط الإنفاق ورفع كفاءته. وهذا ما يجري على الساحة بالفعل. يفخر الملك سلمان بالجنود البواسل الذين يقومون بواجباتهم الوطنية بكل تضحيات وشجاعة. فهم يدافعون عن الوطن والعقيدة، وسيبقون في القلوب. هكذا يرى خادم الحرمين الشريفين أبناء الوطن وشهداءه الأبرار. وهم بذلك يحمون الوطن والمواطن، ويواصلون حربهم ضد الإرهاب والتطرف، ونشر الأمن والسلام في ربوع المنطقة، لاسيما في اليمن الذي تقوم السعودية فيه بواجبها القومي والديني. ومع ذلك لم تترك الرياض مناسبة إلا وشددت فيها على ضرورة الحل السياسي في هذا البلد، ولكن في الوقت نفسه إنهاء التخريب الإيراني فيه عن طريق التمويل والتسليح لعصابات الحوثيين العملية. خادم الحرمين الشريفين تمسك -كما هي العادة دائماً- بالقضية الفلسطينية على أنها القضية المحورية الأولى للمملكة، وستظل على رأس أولويات السعودية حتى يستعيد الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة. بينما تبقى سورية أيضاً هماً سعودياً حاضراً منذ البداية، تسعى المملكة إلى حل سياسي فيها وعودة جميع النازحين السوريين إلى بلادهم. مع ضرورة العمل المتواصل على إقصاء جميع التنظيمات الإرهابية والتدخلات الخارجية في هذا البلد. السياسة السعودية واضحة على الساحتين العربية والعالمية، وتصب دائماً في صناعة الخير، لاسيما للشعوب التي تستحقه. وهذه أيضاً منهجية سعودية قديمة متجددة. ونظراً لالتزام المملكة العالمي بحكم وزنها وتأثيرها، فهي حريصة دائماً على أن يكون هناك توازن في الاقتصاد العالمي ككل، خصوصاً في مجال الإمدادات النفطية. والسعودية -كما هو معروف- عملت ولا تزال على إيجاد هذا التوازن، ومارست كل ما يمكن أن يحقق هذا الهدف الدولي. فنمو الاقتصاد العالمي يمثل للسعودية أيضاً مسألة محورية. إنها السياسة السعودية الواضحة والثابتة والهادئة والمحقة. وهي أيضاً التي ترسم معالم المستقبل على الصعيد الداخلي، وتشارك في صناعة الخير على الصعيد العالمي بما يفيد الإنسانية جمعاء.
مشاركة :