خطاب العرش في مجلس الأمة – خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم "حفظه الله" بتاريخ 13 نوفمبر الجاري 2022، جاء مقتضبا وقويا وحاملا معاني وطنية كبيرة على شكل رسائل ملكية للشعب الأردني العظيم عكست شؤون الحاضر واستشراف المستقبل، ونحن في الأردن نستمد عزيمتنا دائما من عزيمة جلالة الملك الذي أطل علينا كعادته شامخا بالزي الملكي المهيب من تحت قبة مجلس الأمة، وجلالته دائما بين أهله وشعبه، يرفع معنوياتهم ويساند قضاياهم ويشد على أياديهم لمواصلة بناء الوطن بهمة عالية لا تلين. ولقد ركز خطاب جلالة الملك على الجهد الأردني المتميز في ترسيخ قواعد تحديث الدولة وتعزيز منعتها ورسم مسار مئويتها الثانية وسط حالة فريدة من التوافق الوطني. ورؤية ملكية ثاقبة في التحديث الاقتصادي الملزمة للحكومات والمرتبطة بمعيار قياس أدائها أمام مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان، وبأن التحديث الشامل هو مشروع وطني أردني كبير، وتَبْني مفهوم جديد للإنجاز الوطني يلمس نتائجه المواطنون، وتحسين مستوى معيشة المواطنين وتوفير فرص التشغيل. وكلام الملك لا يعلو عليه كلام عندما يصرح هنا بأن الوطن لا يبنيه المتشائمون ولا المشككون، وبأنه تقدم بجهود المؤمنين به، ويؤكد جلالة الملك على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة بحكم أن الأردن هو الأقرب للأشقاء الفلسطينيين، وتحية ملكية ملؤها الاعتزاز بالوطن لمنتسبي القوات المسلحة الأردنية الباسلة- الجيش العربي، ضباطا، وضباط صف، وجنودا، وهو الذي قوبل بتصفيق حار ووقوفا من قبل أعضاء مجلس الأمة ومجلس الوزراء. وجدد جلالة الملك التحية لنشامى الجيش العربي والأجهزة الأمنية (الخط الأحمر، والخط الأول) المدافع عن حدود الوطن داخله وامتداداته على خارطة العالم، داعيا لمواصلة بناء أردن جديد، ودولة حديثة أساسها المشاركة والمواطنة الفاعلة وسيادة القانون، وتكريس الإمكانيات للتنمية، وترسيخ طموح شباب الوطن بلا حدود. وتعليقي هنا، وبعد خالص التحية للجميع، هو أن بناء الوطن يحتاج فعلا لعزيمة أبنائه وفي مقدمتهم الشباب والشابات والمرأة، وعبر إيجاد المشاريع، والمصانع، والشركات في المحافظات كافة، لتنتج جنبا إلى جنب المدارس والمعاهد والجامعات، والربط بين مخرجات التعليم وميدان العمل الوطني، ولعبور المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية عبر التحديث المستمر المبرمج والحكيم من خلال التخلص من كافة أنواع البيروقراطية، ومواصلة بناء البنية التحتية للوطن على مستوى المواصلات أولا والمرافق التابعة لها من طرق للمشاة، ومظلات لركاب الباص السريع، وإعادة العافية لطائرات الملكية الأردنية لتجوب أقطار العالم حيث يدرس ويعمل الأردني، ويمثل البلد في العمل الديبلوماسي، وليستفيد الأردني من مخزون البلد الاقتصادي، ومن البنية التحتية الاقتصادية العامرة بالبوتاس، والفوسفات، واليورانيوم، والسياحة ومنها الدينية، وليتعزز دور وزارة الاتصال الحكومي في محاربة ثقافة العيب، وضبط النسل، ولتطويق آفة المخدرات الخطيرة التي تهاجم حدودنا مع بزوغ شمس كل صباح، ولتحصين الداخل الأردني من الإشاعات وكل أنواع الفوبيا وفي مقدمتها السياسية الغازية والأيدولوجية، وتفعيل دور سفاراتنا في الخارج لتوازن بين الدبلوماسية والاقتصاد والسياسة والتعليم والثقافة. المواطن الأردني محب لمليكه ولوطنه، وباحث عن العدالة وتكافؤ الفرص، ولتطبيق القانون وعدالة الدستور، وشعار الوطن للجميع هو ما يناسب المرحلة، وسد الفجوة بين الطبقات مطلب شعبي، وفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في الإعلام مثل إظهار وكالة أنباء خاصة عمل وطني هام للمساهمة في رفع سقف الحرية في بلدنا تماما كما يريدها جلالة الملك لتلامس عنان السماء، وحصر البناء الوطني بشخصيات وطنية محدودة أمر وجب تغييره، وانتشار الإحباط وسط الشباب غير محبذ، والانفتاح السياسي أكثر على دول الجوار وأبعد يعزز من الانفتاح على فرص العمل للطبقة الفقيرة الواسعة، ولدينا فرص عمل في وطننا يعزف عنها شبابنا فقط لان مجتمعنا يرفضها، وبسبب غياب العدالة المطلوبة في المقابل. نعم المشككون لا تقوى أيديهم على البناء، والمتشائمين كذلك، تماما كما قال جلالة الملك، وفي المقابل النقد البناء مطلوب شريطة طرح البديل، والهبوط والانحدار على طريقة معارضة الخارج الإعلامية والسياسية لدرجة الردح مرفوض، والبناء الحقيقي لا يتم إلا داخل الوطن وببناء علاقات خارجية متوازنة ومن زاوية الند للند، والمصالح المشتركة والمتبادلة، وها هو الأردن اليوم يستوعب المعارضة التي كانت تستوعب في القرن الماضي، ويعمل على تقريبها لتساهم في البناء بدلا من الهدم، وآن الآوان لبناء حاضر ومستقبل قادر على بناء الحزبية دون المساس بنسيج المجتمع، وشريطة أن يأتي البناء تدريجيا عبر المدارس، والمعاهد، والجامعات، والأندية، والنقابات، وصولا لبرلمانات وحكومات حزبية برامجية واقعية وميدانية مقنعة تأخذ بأولويات الوطن وقضاياه مثل (الفقر، والبطالة، وشح وتلوث المياه، والتصحر والصحراء، والفساد)، بهدف المعالجة السياسية والاقتصادية والإعلامية الناجعة، وعبر ديمقراطية ناجحة توازن بين الرأي والرأي الآخر. نعم كلنا في خندق الوطن والملك نجدف باتجاه أردن جديد معاصر عبر مئوية ثانية ارتكزت على مئوية البناء الأولى حيث الثورة العربية الهاشمية الكبرى المجيدة بقيادة ملك العرب وشريفهم الحسين بن علي طيب الله ثراه، والأمير الملك المؤسس عبد الله الأول صانع صحافة الاستقصاء، والمنادي حينها لبناء دولة العرب والمنطقة الشامية بالارتكاز على بناء دولة إمارة الأردن، وملك الدستور الملك طلال، والملك العظيم الباني الحسين، وعهد جلالة الملك عبد الله الثاني الميمون، ونحمد الله على نعمة الأمان والاستقرار وسط منطقة عرفت بهياجانها، وما يملكه الوطن الأردن الغالي من جامعات، وجيش، وأجهزة أمنية موقرة، ومؤسسات طبية، وتجارية، وتكنولوجية، وقنوات إعلامية، ومناطق أثرية وسياحية فريدة من نوعها في العالم، وزراعة ناجحة خاصة في إقليمي الباقورة والغمر، يبعث فينا الفخر والاعتزاز. وقدرنا في منطقتنا العربية التي نتبوأ فيها صدارة الحضور الجيوسياسي، والتميز في المحافل الدولية الذي يقوده جلالة الملك، هو أننا نعاني من شح المصادر الطبيعية في زمن هي قوانا البشرية غنية، وحاجتنا كعرب للوحدة العربية الحقيقية التي دعانا إليها ملك العرب الشريف الحسين بن علي تبقى هي مطلب العصر، وكلنا أمل بالجيل الصاعد ليحقق المطلوب، وليزدهر الوطن.
مشاركة :