طفت في رحلتي الصيفية لهذا العام في كثير من الدول الأوروبية، وجدت ان ما لديهم من مؤسسات عمرانية وخلافه لا يختلف بشيء عما هو موجود في بلداننا، لا من الناحية الهندسية المعمارية ولا من الأساسات الإنشائية واللمسات الفنية، سواء في الطرق وأرصفتها، أو المباني، والإنارة في بلداننا قد يكون إنشاؤها مكلفاً أكثر مما هو عليه في البلدان الأجنبية، حتى الألوان التي تصبغ بها الأرصفة، والتي تحدد وقوف المركبات متشابهة، الأشجار في بلداننا لا تختلف عن تلك الأشجار التي شاهدتها في شوارع البلدان الأجنبية. حتى المخلوقات البشرية، الوجوه واحدة تحتوي عيوناً وآذاناً، وحتى ألوان البشر لا تختلف، الخلاف ليس باللون الأبيض الذي هو غالب في البلدان الغربية، واللون الأسمر الذي هو سمة مخلوقات سكان بلداننا، كل شيء تقريباً متشابه. لكن الاختلاف بين سكان بلداننا وسكان البلدان الأجنبية يكمن في السلوكيات العامة المغايرة تماماً، هناك الكل يؤمن بحبه للوطن، ولذا فهم يحافظون على ما يملكون، وما تقدمه لهم الدولة من مؤسسات وأدوات ومنافع لتسهيل حياتهم اليومية، أما أهلنا هنا فهم للأسف الشديد يهدمون ما تقدمه الدولة لهم. تهدم الأرصفة وتكسر الطرقات نتيجة لسوء الاستعمال، نحطم هنا بأيدينا وسائل النقل، ونقطع أسلاك الكهرباء، ونشوه مقاعد وسائل النقل التي هي الوسيلة التي تسهل للإنسان منا سبل مواصلاته. لقد سمعت أن بعض الطلبة في بلداننا، الذين يعتبرون الصفوة، يعملون على تحطيم مقاعد وطاولات الكتابة (الرحلات)، التي أعدت لهم في صفوفهم المدرسية. تأملت وأنا أمام هذه الظاهرة الغريبة، لماذا يحصل هذا التفاوت الأخلاقي والسلوكي العام بين أهلنا هنا في بلداننا وسكان بلدان الدول الغربية؟ وجدت أن ذلك بعد التفكير يعود إلى التربية بالدرجة الأولى، التي تغرس في نفس الإنسان الأخلاق والقيم وحب البلدان واحترام السكان في نفوس الأبناء. وهنا يقول الشاعر: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا محمد سالم البلهان*mohamadsalbalhan@gmail.com * سفير سابق
مشاركة :