صادق مجلس الوزراء التونسي أمس، على مشروع قانون المساواة في الإرث خلال اجتماع أشرف عليه الرئيس الباجي قايد السبسي، ومن المنتظر أن يثير القانون الجديد نقاشا حادا تحت قبة البرلمان، في ظل مؤشرات تؤكد أنه سيحظى بثقة أغلبية النواب، بينما سيجد حزب حركة النهضة الإخواني نفسه في موقف محرج، حيث يرى المراقبون أن قضية المساواة في الميراث تمثل بالنسبة إليه امتحانا حقيقيا وخاصة أمام العواصم الغربية التي يقدم نفسه إليها على أنه حزب مدني حداثي. وكان رئيس المجلس عبدالكريم الهاروني، قال إن النهضة ترفض أي مشروع يتنافى مع الدستور والنصوص الدينية، وأن الحركة ترفض تغيير أحكام الميراث وكل مشروع يتعارض مع الدستور ويناقض هوية البلاد، مضيفا أن تونس دولة مدنية لشعب مسلم تلتزم بتعاليم الدستور وبتعاليم الإسلام ودولة مدنية تعبر عن إرادة الشعب. وشدد الهاروني على أن النهضة ستشارك في الدفاع عن حقوق المرأة المتعلقة بالميراث، ولكن ضمن المشاريع والقوانين التي تحترم هوية البلاد. البرلمان سيصادق على القانون ويشير المراقبون إلى أن السبسي يسعى إلى الدفع بإخوان تونس إلى زاوية ضيقة، بعد أن أعلن انتهاء توافقه معها في سبتمبر الماضي، رداً على تحالفها ضده مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد وينتظر أن يصوت لفائدة مشروع قانون المساواة في الميراث عند عرضه على البرلمان، عدد من الكتل من بينها نداء تونس، والائتلاف الوطني، والجبهة الشعبية، ومشروع تونس، إضافة إلى عدد من أعضاء الكتلة الديمقراطية وكتلة الولاء للوطن وبعض النواب المستقلين، في حين سيعارضه نواب حركة النهضة. نتيجة منطقية وقالت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة والمحامية راضية الجربى إن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة قابلة للتنفيذ في تونس طبقا للدستور والقانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، واعتبرت أن تطبيق المساواة في الإرث يعد اليوم «نتيجة منطقية» لتطور دور المرأة في المجتمع واعترافا بحقوقها. وأضافت «ينص الدستور التونسي اليوم في فصله الـ46 عل المساواة بين الرجل والمرأة في كل المجالات، كما يتعرض القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب يوم 26 يوليو 2017 إلى العنف الاقتصادي. ومسألة حرمان المرأة من حقها في الحصول على نصف تركة والديها مثل أخيها يعد نوعا من الاستغلال الاقتصادي الذي يستوجب العقاب». ولاحظت في هذا السياق أن العديد من النساء والفتيات يساهمن في تنمية «الثروة العائلية»، لكنهن يجدن أنفسهن في المقابل محرومات من حقهن في نصف الميراث، وترى رئيسة المنظمة النسوية أن المساواة الفعلية والكاملة بين الرجل والمرأة «ممكنة» غير أنها تبقى مرتهنة أساسا بتغيير العقليات وبمدى تطبيق القانون والإرادة السياسية. إصلاحات تشريعية وكان الرئيس التونسي شكل لجنة في أغسطس 2017، وكلفها بإعداد تقرير يتضمن إصلاحات تشريعية متعلقة بالحريات الفردية والمساواة منها إقرار المساواة في الميراث، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في تونس وخارجها. وبعد عام من تلك الخطوة، اقترح السبسي مراجعة قانونية تضمن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة مع احترام إرادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة، وقال: «نقترح أن تصبح المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة قانونا لكن بما أن رئيس الدولة رئيس الجميع ومن واجبه التجميع أكثر من التفرقة نقترح أن المورث الذي يريد تطبيق القواعد الشرعية في ورثته له ذلك». لافتا إلى «أن الدستور ينص على أن تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة، كما ينص على مساواة التونسيين أمام القانون من دون تمييز». وأشار السبسي إلى ضرورة «تغيير المجلة المتعلقة بالأحوال الشخصية، كما أنه تم بالفعل تأليف لجنة لتوسيع النظر في الحريات الفردية، وأن اللجنة طلبت فتح الحوار، لكن العديد من الأحزاب لم يستجب لطلبها».طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :