فقراء مصر أكبر الخاسرين من زحف البناء على الأراضي الزراعية

  • 11/28/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دخلت السلطات المصرية في معركة مع ظاهرة استغلال الفلاحين للأراضي الزراعية لبناء مساكن تؤويهم في ظل عجز الحكومة على تأمين وحدات سكنية مقبولة الأسعار، رغم وفرة مشاريع البناء الجديدة، التي تحوّلت إلى مدن أشباح. أكياد دجوي (مصر)- بدأت السلطات المصرية حملة لمكافحة ظاهرة البناء العشوائي المنفلت في الأراضي الزراعية، دون أن تقدم بدائل تذكر لمن يحتاجون إلى مساكن في متناول اليد في ظل النموّ السكاني السريع. وتعتبر منطقة دلتا النيل واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان بالبلاد، كما أنها الأكثر تضررا من البناء غير المرخص. وتستهدف الحملة التي بدأت الاثنين الماضي، لإزالة التعديات غير القانونية على 19 ألف فدان من الأراضي الزراعية. ويشكو سكان قرية أكياد دجوي بدلتا النيل في محافظة القليوبية إلى الشمال من العاصمة المصرية القاهرة من قلة الحيلة بعد أن طالتهم الحملة. وفي منزله الذي كان يعيش فيه مع إخوته الأحد عشر لم يكن لدى محمد عبدالحميد غرفة يبدأ فيها حياته الزوجية. وفي عام 2016 بدأ بناء منزل جديد في حقل عائلته القريب لكنه دفع منذ ذلك الحين 80 ألف جنيه (4500 دولار) غرامات بسبب البناء على أرض زراعية. حامد عبدالدايم: الافتقار إلى السكن ليس مبررا من أجل التعدي على الأراضي الزراعيةحامد عبدالدايم: الافتقار إلى السكن ليس مبررا من أجل التعدي على الأراضي الزراعية وقال عبدالحميد لوكالة رويترز وهو يقف أمام منزله في القرية “لا يوجد بديل، سأضطر لتأجير شقة في القاهرة وأنا لا أتحمل عبء ذلك”. وينمو سكان مصر البالغ عددهم حوالي 100 مليون نسمة بسرعة، ويعيش نحو 38 مليونا منهم في مناطق عشوائية. وعلى مدى عقود تآكلت الأراضي الزراعية المحدودة نتيجة النموّ السكاني والزحف العمراني الخارج عن السيطرة غير أن وتيرة البناء المخالف انطلقت بسرعة منذ عام 2011. وأجرت مصر تعديلا قانونيا دخل التعديل حيّز التنفيذ في يناير الماضي، يمكن بمقتضاه الحكم على من يبني على الأرض الزراعية بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات وغرامة تصل إلى 5 ملايين جنيه (280 ألف دولار). وكانت الغرامة القصوى من قبل 50 ألف جنيه (2800 دولار) ولم تكن عقوبة السجن محدّدة قبل التعديل. وتقول السلطات إنها تريد إنهاء البناء غير المرخص على الأراضي الزراعية والحدّ من الزحام وتوفير المسكن للفقراء، لكن محللين يقولون إن الكثير من الوحدات في مشاريع الإسكان الحكومية الجديدة غالية الثمن وإن الخدمات فيها غير كافية. ونتيجة لذلك يظل عدد كبير من الوحدات السكنية الجديدة خاليا، بينما يواصل الناس إقامة مبانٍ غير مرخصة على الأرض الزراعية. وتؤكد ميشيل دنّ الباحثة الأولى في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط وهي مؤسسة أبحاث عالمية أن هذا الوضع يبين أن سوق الإسكان مشوهة ولم تفلح حوافز الأسعار وسهولة التعامل. وقالت إنه “يبدو أن أحد هذه الطرق هو التحكم في التطوير العقاري وتوجيه الناس نحو التجمعات السكنية التي تبنيها الحكومة بدلا من التجمعات التي تنمو بشكل طبيعي في الأماكن التي يرغب الناس في العيش فيها بالفعل”. وفقا لبيانات وزارة الزراعة أتى البناء بالمخالفة للقانون على ما يقرب من 85 ألف فدان من الأراضي الزراعية في السنوات الثماني الأخيرة. ويمثّل هذا الرقم زيادة بنسبة 40 بالمئة في المتوسط سنويا مقارنة بفترة ما قبل 2011 استنادا إلى بيانات تعود إلى عام 1983. وتقول الوزارة إنها استعادة السيطرة على 28 ألف فدان من هذه المساحة، لكن معظم هذه الأراضي لم يتم زراعتها مرة أخرى. ويعتقد حامد عبدالدايم المتحدث باسم وزارة الزراعة أن الافتقار إلى السكن ليس مبرّرا للتعدي على الأراضي الزراعية. وقال إن “الحكومة لديها مشاريع إسكان كبيرة”. كيفن غراهام: أغلب الأراضي المخصصة للإسكان في مصر باهظة الثمن في العادةكيفن غراهام: أغلب الأراضي المخصصة للإسكان في مصر باهظة الثمن في العادة وفي محاولة لمعالجة الاحتياجات السكنية المتزايدة، أطلقت مصر سلسلة من مشاريع الإسكان وتقوم بتطوير 42 مدينة جديدة، لكن الكثير منها لم يشغل وحداته السكنية. وقالت ليلاني فرحة مقررة الأمم المتحدة للحق في السكن الملائم إن “معدل إشغال الوحدات السكنية في القاهرة الجديدة والشيخ زايد والشروق يبلغ 65 بالمئة و50 بالمئة و55 بالمئة على التوالي”. وأوضحت أن إحدى أقدم المدن الجديدة، وهي 6 أكتوبر، يبلغ معدل الإشغال فيها 75 بالمئة فقط. وأكدت أن معدلات الإسكان المنخفضة تعني أن الناس في بعض المدن الجديدة يعانون من نقص خدمات التعليم والصحة والطوارئ والنقل ومصادر الأغذية. وقالت عقب زيارة لمصر الشهر الماضي “يبدو أن هناك تفاوتا في الدخل في المناطق السكنية، وميلا نحو مجتمعات مسورة لإسكان أصحاب الدخل المرتفع”. ولدى الحكومة برنامج للإسكان الاجتماعي للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، لكن أصحاب المداخيل الضعيفة لا يستفيدون سوى من 2.2 بالمئة فقط من ذلك. ويؤكد كيفن غراهام مدير تحرير مجموعة أكسفورد للأعمال في مصر أن الأرضي المخصصة للإسكان باهظة الثمن في أغلب الأحيان. ويقول محمد حلمي عبدالحميد المدير التنفيذي للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إن الحكومة تحاول زيادة الرقعة الزراعية من خلال استصلاح الأراضي في الصحراء.

مشاركة :