قدم مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي حدثاً فنياً مميزاً لجمهوره من خلال الاستعراض الغنائي الأضخم لهذا الموسم «أبيض وأسود» الذي يحتفي بفترة فنية زاخرة أسرَت الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، إذ كانت لمصرَ الريادةُ العربية في مختلف المجالات الأدبية والفنية، ومن بينها السينما بما احتوتْهُ من إبداعاتٍ كان للغناء والموسيقى نصيبٌ كبيرٌ منها، حيث تألَّقت نخبة من المطربين والملحنين والشعراء في الأعمال الغنائية السينمائية، وستكون آخر العروض التي ستقدم يوم غد فوق خشبة مسرح الشيخ جابر الأحمد الثقافي. العرض الذي أنعش الذاكرة بأجمل الذكريات، وظّف 14 أغنية من أغاني الأفلام، تعود كل منها إلى فنانٍ مختلف من روّاد تلك الحقبة، في رواية قصة حب بين البطلة الفنانة عبير نعمة والبطل الفنان طارق بشير، بمصاحبة فرقة مركز جابر الموسيقية بقيادة الدكتور محمد باقر التي كانت على عاتقها قصة تحد اجتازتها بكل سلاسة وإتقان واحترافية، وبقيادة المخرج اللبناني هشام جابر الذي كانت لمساته واضحة في العرض بأكمله، مع ظهور خاص للناقد السينمائي المحبوب الفاروق عبدالعزيز الذي أضفى جمالاً للمشهد.بدأت الحكاية في قصر سليمان باشا لاظوغلي، منتج الأفلام، حيث كان الجميع يحتفل ببدء التصوير، وضِمن حضور الحفل كانت شاليمار (جسدت دورها عبير نعمة) نجمة أفلام العصر الذهبي للسينما المصرية، وفي الحفل أيضاً تواجد الفنان الشاب حسن (جسد دوره طارق بشير) الذي يشاركها بطولة فيلمها الجديد، فيقع في حبها ويسعى إلى البوح لها به عندما يستشعر ميلها نحوه، فيحاول أن يحدثها على انفراد، لكنها تطلب منه الانتظار إلى اليوم التالي، يوم تصوير أول مشاهدهما معًا. من خلال أغنيات العرض التي قدمت على فترتين، والتي طالما سمعناها وارتبطت في وجداننا وذاكرتنا بأفلام السينما المصرية في عصرها الذهبي، نسجت قصة حب تصلح لكل زمان ومكان، قصة ربما جرت بعض أحداثها التي تشاهدها على المسرح في كواليس تصوير تلك الأفلام في الحقيقة، ليمزج العرض بين الخيال والواقع، بين القصة التي تشاهد تفاصيلها أمام عينيك وأحداث الأفلام القديمة التي نعرض في السطور الآتية بعض قصصها وأغنياتها.ففي الفترة الأولى عدنا في الذاكرة والزمن الجميل مع أغنية «إن راح منك يا عين» كلمات فتحي قورة وألحان منير مراد للفنانة شادية من فيلم «ارحم حبي» الذي تم إنتاجه في العام 1959، وأغنية «امتى حتعرف» كلمات مأمون الشناوي وألحان محمد القصبجي للفنانة أسمهان من فيلم «غرام وانتقام» الذي تم إنتاجه في العام 1944، وأغنية «فاضل يومين» كلمات حسين السيد ومن ألحان وغناء الفنان رياض السنباطي من فيلم «حبيب قلبي» الذي تم إنتاجه في العام 1955. كما تم تقديم أغنية «أمانة عليك» كلمات فتحي قورة وألحان وغناء الفنان كارم محمود من فيلم «عيني بترف» الذي تم إنتاجه في العام 1950، وأغنية «حكيم عيون» كلمات حسين السيد وألحان وغناء محمد عبدالوهاب من فيلم «رصاصة في القلب» الذي تم إنتاجه في العام 1944، وأغنية «الورد جميل» كلمات بيرم التونسي وألحان زكريا أحمد للفنانة أم كلثوم من فيلم «فاطمة» الذي تم إنتاجه في العام 1947. أيضاً، تم تقديم أغنية «يا تمر حنة» كلمات جليل البنداري وألحان محمد الموجي للفنانة فايزة أحمد من فيلم «تمر حنة» الذي تم إنتاجه في العام 1957.ومع بداية الفترة الثانية كانت البداية مع أغنية «بطلوا ده» كلمات بديع خيري وألحان محمود الشريف للفنان عزيز عثمان من فيلم «لعبة الست» الذي تم إنتاجه في العام 1946، وأغنية «جميل جمال» كلمات مأمون الشناوي ألحان وغناء الفنان فريد الأطرش من فيلم «لحن الخلود» الذي تم إنتاجه في العام 1952، وأغنية «يا ترى نسي ليه» كلمات محمد الحسيني وألحان محمد القصبجي للفنانة فتحية أحمد من فيلم «حنان» الذي تم إنتاجه في العام 1944، وأغنية «على بلد المحبوب» كلمات أحمد رامي وألحان رياض السنباطي للفنان عبده السروجي من فيلم «وداد» الذي تم إنتاجه في العام 1935، وأغنية «كل شيء راح» كلمات إسماعيل الحبروك وألحان بليغ حمدي للفنانة نجاة من فيلم «الشموع السوداء» الذي تم إنتاجه في العام 1962، وأغنية «على قد الشوق» كلمات محمد علي أحمد وألحان كمال الطويل للفنان عبدالحليم حافظ من فيلم «لحن الوفاء» الذي تم إنتاجه في العام 1955. وختاماً كان الموعد مع أغنية «أنا قلبي دليلي» كلمات أبو السعود الإبياري وألحان محمد القصبجي للفنانة ليلى مراد من فيلم «قلبي دليلي» الذي تم انتاجه في العام 1947. لقد استطاع استعراض «أبيض وأسود» نقلنا إلى زمن الرومانسية وسحر السينما الغنائية واستعراضاتها الباهرة، لكن بتقنيات العصر الحالي، ومن خلال الاستعانة بالخبرات العالمية في مجال الاستعراضات وتصميم الرقصات والأداء الحركي، وبأفضل المتخصصين في إنتاج العروض المسرحية، ليقدِّم إلى المُشاهد عرضاً ضخم الإنتاج، غنياً بالإبهار، يحمل روح السينما وحيوية المسرح، مع روعة الموسيقى والألحان الخالدة منذ عشرات السنين بأصوات الموهوبَين عبير نعمة وطارق بشير. لذلك، يمكن القول إن استعراض «أبيض وأسود» يعد أول الانتاجات المميزة الجديدة للموسم الثقافي 18/ 19 «جسور ثقافية»، فهو توليفة تجمع بين الغناء والاستعراض وأحدث تقنيات الإنتاج والديكورات المسرحية بمستوى عالمي، والجمهور الحاضر لم يشاهد استعراضاً تقليدياً، إنما عاش التجربة السينمائية الحية بما شاهده من مؤثرات لم تقدم مسبقاً في عمل عربي في المنطقة، قادها فريق عمل ضمّ نخبةً من الموهوبين والمتخصصين من الكويت ومصر ولبنان واليونان والمملكة المتحدة ومالطا.
مشاركة :