بوينوس أيرس - عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس عن مخاوفه من أن تكون قمة العشرين “بلا فائدة” وأن الخطر يكمن في القمة المنفردة بين الصين والولايات المتحدة والحرب التجارية المدمرة بين الطرفين، فيما يحاول الأوروبيون خصوصا الذين تأثروا ببريكست وتصاعد الشعبوية، الدفاع عن مبدأ التعددية الذي حمل قادة مجموعة العشرين على الاجتماع لأول مرة قبل عشر سنوات وسط عاصفة مالية. وأضاف ماكرون أنه “بشأن التجارة، الخطر هو إضعاف منظمة التجارة العالمية التي تشكل أكبر منصة لتنظيم التجارة العالمية على الرغم من عيوبها”، مذكرا بأن فرنسا والاتحاد الأوروبي يقترحان إدخال إصلاحات على هذه المنظمة. وتابع “إذا لم نظهر تقدما ملموسا ستصبح اجتماعاتنا الدولية بلا فائدة وستؤدي حتى إلى نتائج عكسية”، فيما تتنامى المخاوف من توجه الإدارة الأميركية نحو السياسة الحمائية وفرض رسوم جمركية تهدد النمو العالمي. و أكد ماكرون أن فرنسا “تؤيد اتفاقا تجاريا يعود بالفائدة على الطرفين بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور” المجموعة الاقتصادية لاتحاد دول أميركا الجنوبية الذي يضم البرازيل والأرجنتين والباراغواي والأوروغواي، حيث تجري مفاوضات بين الطرفين منذ عشرين عاما. وقال الرئيس الفرنسي بسبب “حساسيات زراعية” وخصوصا قطاع تربية الأبقار الفرنسي “ما زلنا في وضع بعيد عن التوصل” إلى اتفاق، بينما يهدد الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو بمغادرة هذا التكتل الإقليمي. إيمانويل ماكرون: إذا لم نظهر تقدما ستصبح اجتماعاتنا الدولية بلا فائدة وستؤدي إلى نتائج عكسيةإيمانويل ماكرون: إذا لم نظهر تقدما ستصبح اجتماعاتنا الدولية بلا فائدة وستؤدي إلى نتائج عكسية وحول سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اعترف ماكرون بأنه “من الصحيح أن بعض القرارات الأخيرة للولايات المتحدة جاءت على حساب حلفائها”. وقال “في أوقات الأزمات هذه بالتحديد يجب أن ندافع عن قيمنا المشترك التي تعتمد على النموذج التعددي والتعاون”، مضيفا “أطمح أيضا إلى أن ترأس فرنسا مجموعة السبع في 2019″. ويبدو الوضع بعيدا عن الوحدة المعلنة التي اختتمت بها قمة مجموعة العشرين الأولى في واشنطن في 15 نوفمبر 2008، حيث أشاد البيان الختامي بـ”التعددية” لتأمين “الرخاء” لعالم كانت تهزه أزمة مالية. وبعد عشر سنوات، تواجه التعددية صعوبات بسبب شعار “أميركا أولا” الذي رفعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب وانتخاب قادة شعبويين في إيطاليا والبرازيل وغيرهما، وكذلك بريكست. ووصل الرئيس الأميركي المصمم على مواجهة الصين وتحدي روسيا الخميس إلى بوينوس أيرس لحضور قمة مجموعة العشرين التي يتوقع أن يترك بصمته على أعمالها، حيث سيلتقي ترامب نظيره الصيني شي جيبينغ في محاولة لخفض حدة التوتر بين البلدين بسبب الرسوم الجمركية التي تهدد النمو العالمي، فيما تبقى الشكوك تحوم حول لقاء ثنائي بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وسيسود اللقاء توتر بعد أن اعتبرت الإدارة الأميركية الأربعاء الصين التي تسجل فائضا كبيرا في مبادلاتها مع الولايات المتحدة، لم تقدم حتى الآن “مقترحات لإجراء إصلاحات مهمة” على ممارساتها التجارية التي تصفها واشنطن بأنها “غير منصفة”. وبعدما هز التصعيد -الذي تمثل في إجراءات جمركية انتقامية بين بكين وواشنطن- الاقتصاد العالمي، كرر ترامب الاثنين تهديده بفرض رسوم على كل البضائع المستوردة في الولايات المتحدة، لكنه عاد الثلاثاء وقال إنه يرى “فرصة جيدة” للتوصل إلى اتفاق مع بكين ببعض الشروط. وفرضت إدارة ترامب رسوما على واردات صينية بقيمة أكثر من 250 مليار دولار وهو ما دفع بكين إلى الرد بفرض رسوم على بضائع مستوردة من الولايات المتحدة بقيمة أكثر من مئة مليار دولار. ويدين الأميركيون العراقيل العديدة التي تواجهها شركاتهم المتمركزة في هذه الدولة الشيوعية الآسيوية العملاقة، وكذلك الإجراءات غير النزيهة مثل النقل القسري للتكنولوجيا إن لم يكن سرقة الملكية الفكرية. وقال نائب وزير التجارة الصيني وانغ شوين في لقاء قصير مع صحافيين في بكين “نأمل في أن يتمكن الطرفان من العمل معا على أساس الاحترام المتبادل والتوازن والصدق والمصلحة المتبادلة وأخيرا إيجاد حل للمشكلة”. وأضاف وانغ إن التجارة العالمية تواجه “وضعا معقدا” مع “ارتفاع منسوب النزعات الأحادية والحمائية” ما يتسبب بحالة من الضبابية بالنسبة للتنمية الاقتصادية. ولا يزال العديد من المشاركين يتذكرون قمة مجموعة السبع في كندا خلال يونيو، حيث انتقد ترامب في اللحظة الأخيرة بيانا ختاميا تم التوصل إليه بصعوبة. وقال توماس رايت الخبير في “بروكينغز إنستيتيوت” إن “هناك شرخا كبيرا في مجموعة العشرين بين الأنظمة الديمقراطية والأخرى السلطوية”، مضيفا “لطالما كان الأمر كذلك لكنني أعتقد اليوم أن ذلك بات أكثر وضوحا”. وتعتبر الجهات الأكثر تفاؤلا أن التوقيع رسميا الجمعة على اتفاق تجاري جديد بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك يدل على أن الإدارة الأميركية قادرة على التخلي عن لهجتها العدائية. ويبقى أن نعرف ما إذا كان الأميركيون سيوقعون وثيقة أخرى في بوينوس أيرس هي “البيان الختامي” الذي يصدر عادة في نهاية اللقاءات الدولية الكبرى. وكانت قمة التعاون الاقتصادي لآسيا المحيط الهادئ انتهت في 18 نوفمبر بمأزق، بلا إصدار بيان ختامي، بعد مناقشات صاخبة بين الممثلين الأميركيين والصينيين. وسيحاول الأوروبيون خصوصا الذين تأثروا ببريكست وتصاعد الشعبوية، الدفاع عن مبدأ التعددية الذي حمل قادة مجموعة العشرين على الاجتماع لأول مرة قبل عشر سنوات وسط عاصفة مالية. ويهدد ترامب علنا شركاءه التجاريين بينهم الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم على قطاع صناعة السيارات الأساسي في التجارة العالمية.
مشاركة :