تطل البيئة الإماراتية في مهرجان الشيخ زايد التراثي الذي تستضيفه أبوظبي في منطقة الوثبة، ويستمر حتى 26 من يناير المقبل، برحابتها ومظهرها التراثي الخلاب لتشكل الوجه المضيء للحياة القديمة في الدولة، وهي تستحضر خطى الآباء والأجداد وشواهدهم. وفي الحي الإماراتي الذي يحتضن مفردات الثقافة الشعبية، يتبارى العديد من رواد الدكاكين التراثية المشاركة في عرض منتجات يدوية تعبر عن مفردات أصيلة، شكلت حياة الماضي، من أبرزها معروضات الملابس التراثية للكبار والصغار والدخون والعطور وحلى الماضي والعديد من الأشياء التقليدية التي تمثل جانباً مهماً مما كان يستخدم في الماضي، فضلاً عن الاحتفاء الفني من خلال تقديم عروض للرزفة الحربية في ساحة الحي الإماراتي. في مدخل الحي، كان التصميم التراثي يعبر عن الحياة القديمة بكل صورها، فهو يحاكي الماضي بلفتات فنية تستلهم روح الفن، والحي على غزارة دكاكينه، امتد من خلال شوارع متداخلة، وهو ما جعله يضج بالحياة، ويمثل صورة مطابقة للواقع القديم، وقد غطت البراجيل مبانيه في لوحة متكاملة الظلال والعناصر. أشغال يدوية حرصت جمانة الترك أن يكون دكانها في واجهة الحي الإماراتي، واستعرضت منتجاتها اليدوية التي تبرز قدرتها على التشكيل الفني باستخدام الخوص، ومن ثم صنع أشكال معبرة، ولفتت إلى أنها منذ سنوات وهي تشارك في هذا المهرجان البارز، وتعمل مع شقيقة لها على تصنيع العديد من الأعمال اليدوية بطريقة تقليدية خالصة، لافتة إلى أن هذه الأعمال تأخذ وقتاً طويلاً في الصناعة حتى تخرج بالشكل الفني المتكامل، وهو ما يجعل البضاعة تعيش طويلاً ولا تتعرض للتلف، وتوضح أنها تضع بعض الرسومات على الأكواب والمزهريات الخزفية بأسلوب متقن مستوحى من البيئة القديمة، فضلاً عن التشكيل على فناجين القهوة، وأنها اختارت للدكان اسم «صوغة»، وهو مشتق من مفردات أصيلة في البيئة المحلية، وترى أن المهرجان يمثل روح الموروث الشعبي عبر العصور، ويبرز قيمة الأصالة وجوهرها العذب في ظل مشاركة العديد من دول العالم. بهارات سليمة ومنذ سنوات عدة، وسليمة خميس حمد تشارك في هذا الحدث العالمي، وتحرص على أن تقدم معروضاتها، وأنها سعيدة لازدهاره وتطوره لكونه من أهم المهرجانات التراثية في المنطقة، فهو نقطة التقاء الماضي بالحاضر، وتذكر أنها تعرض سمناً عربياً ودهن غنم وبهارات عربية و«زعتر» و«دبس عُماني» وصمغاً عربياً وزيت زيتون وزنجبيلاً، موضحة أنها تحاول أن تبرز المنتجات الصحية التي تهتم بها الأسرة، وتشير إلى أن المهرجان يلقي الظلال على موروثات الآباء والأجداد، وأنها سعيدة للمشاركة وسط الكثير من الحرفيات الإماراتيات، خصوصاً أن الزوار منذ انطلاق الفعاليات وهم يتدفقون بغزارة، وأن الحي الإمارات حـظي بوجود عدد كبير من الزوار لكون المعروضات لها طابع شعبي أصيل، وهو ما يجذبهم بصورة واسعة. طبق الأصل وفي دكان «روح الشمال»، كان العديد من الأطفال يتابعون معروضات أماني الجنيبي التي تصمم الملابس التراثية بشكل متقن، وأوضحت أنها تحرص على أن تكون التصاميم مستوحاة من الماضي، وأنها تشعر بالبهجة الحقيقية لكونها تشارك في المهرجان منذ بداياته، فهي عاصرت تطوره وتدرك قيمته، مشيرة إلى أن الملابس التراثية التي يرتديها الصغار في المناسبات الوطنية، لا بد من أن تكون متقنة، وأن تكون صورة طبق الأصل من مثيلاتها الماضي، وأنها تحرص على ذلك تماشياً مع أهداف المهرجان، فضلاً عن أنها تطمح إلى أن تقدم معروضات تعبر عن الماضي. بخور ودخون رائحة البخور الطبيعي، كانت تفوح في الحي الإماراتي من دكان مريم محمد أمين التي برعت في صناعته بطريقة محلية، وهو ما أكسبه رائحة خاصة، وتشير إلى أنها تعرض في دكانها العديد من الخلطات العطرية الإماراتية والأصيلة، وأنها تصنعها بنفسها، وتشير إلى أنها تعمل في هذه الحرفة من زمن بعيد، خصوصاً أنها تدرك أهمية العطور والدخون في البيئة المحلية، وتلفت إلى أن الحي الإماراتي يعبر عن منتجات الماضي، وأن معظم الدكاكين قدمت أشياء من صميم الماضي، وإنْ كانت صنعت بطريقة يدوية خالصة، وأن المهرجان احتفال حقيقي بالموروث الإماراتي، وأنها سعيدة بهذه التجربة التي تجعل الأسرة الإماراتية تلتحم مع ماضيها، وتنظر إلى موروثات الشعوب الأخرى أيضاً. حلي قديمة وفي دكان نورا علي الجابري، وقفت الطفلة مهرة الشامسي، 8 سنوات، تطالع الأكسسوارات الذهبية، حيث كانت معروضات الحلي القديمة تتخذ أشكالاً مختلفة، خصوصاً أن الجابري لديها ورشة خاصة لتصنيع إكسسوارات تتشابه مع الحلي الإماراتية القديمة بطريقة متقنة، وتوضح أنها حرصت على المشاركة من أجل تقديم لمسات خاصة وبطريقة يدوية تظهر فيها روح الفن وجمال الصنعة والقدرة على الإتقان، ومن بين هذه المعروضات «غوايش» وعقود وأغطية للرأس وأساور وملابس مذهبة، وأنها تستقبل الزوار وتعطيهم لمحة عن أسلوب هذه الصناعة، وأهميتها في الحفاظ على جزء تاريخي من ماض الأجداد، وترى أن الحرفيات الإماراتيات يتمتعن بقدرات عالية، وهو ما يجعلهن يبرعن في تجسيد الموروث ويستحضرن مفرداته. حلوى عائشة تؤمن عائشة محمد أن الموروث الشعبي الإماراتي يحظى بتقدير كل الشعوب، خصوصاً أن له جوانب كثيرة، وأنها حرصت على أن تقديم حلوى محلية الصنع، وتتماشى مع الذوق العصري مثل الكنافة والبسبوسة والمعمول، فضلاً عن «المحلى» الشعبي، وأنها تشارك للعام الثاني على التوالي، وأن الحي الإماراتي يمتلك أدواته الخاصة، واستطاع أن يجذب الجمهور منذ الأيام الأولى لانطلاقة المهرجان، وتؤكد أن جميع الحرفيات يشعرن بسعادة كبيرة للمشاركة، ومن ثم التعبير عن تاريخ الدولة العريق المتمثل في ماضي الأجداد، ومن ثم التعريف به على أكمل وجه، وأن الحي الإماراتي في المهرجان يمتلك حضوره وتألقه وسط الأحياء الأخرى. طابع أصيل ومن بين زوار المهرجان عائشة الشامسي التي فور دخولها ساحة الفعاليات توجهت إلى الحي الإماراتي، مشيرة إلى أن تصاميم الحي تعبر عن الطابع التراثي الأصيل، وأن شكل الدكاكين معبر ومميز، وأنه يجسد ما كانت عليه دكاكين الماضي، وأنها جاءت مع أسرتها ولفت انتباهها وحدة هذه الدكاكين، وحرصها على عرض الموروث الشعبي الأصيل والصناعات التقليدية، وهو ما يثري المهرجان وسط الشعوب الأخرى، وتوضح أنها وقفت أمام دكان الحرفية عائشة محمد الظاهري التي كانت تعرض دلالاً وأطباقاً وحقائب وأشكالاً خزفية مغلفة، وأنها أعجبت بها لكونها مصنوعة بطريقة يدوية خالصة، وأنها ظلت مدة طويلة تقلب النظر في هذه الأشكال لاقتناء ما ترغب به، خصوصاً أنها مثل كل بنات جيلها، لديه اهتمام بالموروث، خاصة ما تصنعه الحرفيات الماهرات، وتجد أنه يتطابق مع ما كان يستخدمه الأهل في الماضي. طابع وطني أثناء مرور صالح جمعة، 14 عاماً، وهبة خميس، 12 عاماً، في الحي الإماراتي، وقفا أمام دكان شيخة سالم المقبالي الذي كان يعج بالعديد من الأكسسوارات وأعمال الطباعة على الملابس، والذي توزعت فيه الأعلام وصور المشاهير، وتبين شيخة أنها تجيد فن الرسم، وأنها من هذا المنطلق فكرت في تقدم أعمال فنية مستوحاة من الطابع الوطني، وهو ما جعلها تشارك في المهرجان بمعروضات مصنوعة بطريقة تقليدية، وتذكر أن المهرجان أتاح للكثير من المبدعين الإماراتيين أن يستخرجوا أجمل ما لديهم للمشاركة في مسيرة الموروث الشعبي الأصيل، وتؤكد شيخة أنها تحتفي بالعلم الإماراتي في دكانها، وتعرضه دائماً في فرح أمام الجمهور. أسرة فرنسية من ضمن الأسر المقيمة في الإمارات عائلة الفرنسي فريدريك أتوم الذي حرص على التجول مع ابنته وزوجته في الحي الإماراتي، ومن ثم التعرف إلى مفرداته والاستمتاع بمشاهدة المنتجات محلية الصنع. ويشير إلى أنه يعرف الكثير عن الموروث الشعبي الإماراتي لكونه يعمل في الدولة من سنوات عدة، وأن ابنته أوريلي تتعلم اللغة العربية من فرط محبتها للإمارات، وأن زوجته ليتسيا تشجعها على ذلك، ويذكر أن المهرجان له دوره العميق في التعريف بالموروثات الشعبية العالمية، وأن التراث الإماراتي يزدهي وسط الحضارات، بما يمتلك من مفردات غزيرة على مدار الأيام والسنين. تصميم فني تقدم عائشة الجابري في الحي الإماراتي معروضات متميزة من تصميمها من النحاس المطلي بالذهب، ومجموعة نادرة من الحلي التي كانت تجهز بها العرائس قديمة، وبعضاً مما كانت ترتديه النساء في الماضي، إذ وضعت فصوصاً من الأحجار الكريمة للبراقع في مقدمة الدكان، وعرضت أيضاً عقوداً من اللؤلؤ الهندي الأصلي وأساور لا يتغير لونها الذهبي، وتشير إلى أنها حرصت على أن يكون من ضمن المعروضات أشكال مختلفة بمسمياتها القديمة مثل «الهاير، مرية أم برقع، بوقطين، كواشي، مرتعشة. رزفة حربية عبر صفين متقابلين، كانت فرقة سالم مصبح المقبالي تؤدي فنها الشعبي الأصيل المتمثل في الرزفة الحربية، ويذكر المقبالي أن فرقته تتكون من 40 فرداً، وأنه يحرص على المشاركة في الاحتفالات الوطنية، خاصة هذا المهرجان العالمي، ويلفت إلى أن الرزفة من الفنون الشعبية، وتؤدى في الأعراس وغيرها من المناسبات، ومن مميزاتها أنها لا يصاحبها أي لحن موسيقي، فالمؤدون يؤدونها من دون إيقاعات أو آلات مصاحبة، لكنه تمت إضافة الإيقاعات لها في هذا العصر، وهذا الفن من الفنون الجماعية التي تؤدى بطريقة حماسية، ويؤدى عادة بعد وقت العصر إلى بعد العشاء، ويغلب على أداء هذه الرقصة الأداء الجماعي، بحيث تردد قصائد الفخر والنخوة، وتكون عادة ارتجالية، حيث يرتجل الشاعر الكلام ويشاركه أعضاء الفرقة بطريقة معينة. ويوضح المقبالي أن هذه الاستعراض من التراث الشعبي، الذي يعكس عمق الثقافة الفنية، المرتبطة بالعادات والتقاليد.
مشاركة :