قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، إنه من الأهمية بمكان النظر إلى جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي باعتبارها حدثاً غير منعزل عن سياق يدور داخل المملكة، فقتل الرجل جزء من نمط قمع وحشي يمارسه النظام الحالي بقيادته، بشكل يتجاوز بكثير ما فعله حكام السعودية السابقون. وأضافت الصحيفة -في افتتاحية لها- أن قمع النظام السعودي يشكل بدوره جزءاً من أربعة أنظمة ديكتاتورية عربية، كلها حليفة لأميركا، سعت إلى محو كل أشكال المعارضة، بما في ذلك الإعلام الحر، ومجموعات المجتمع المدني المستقل، وإخراس كل من يدعو إلى الإصلاحات الليبرالية.وأوضحت «واشنطن بوست» أن هذه الأنظمة تشمل مصر والإمارات والبحرين والسعودية، والتي لا تتردد في توظيف أفظع الوسائل لتحقيق أهدافها، ومن ضمنها الاعتقالات الجماعية والتعذيب والإخفاء القسري والقتل خارج نطاق القانون. وذكرت الصحيفة أن تلك الأنظمة -بأفعالها هذه- تكرّر أخطاء ديكتاتوريات عربية سابقة، وتصنع مشاكل مؤجّلة للمستقبل، في شكل مواطنين ساخطين واقتصادات متعثرة، وحذّرت الصحيفة من أن دعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الكامل لهذه الأنظمة يهدد بوضع مصالح أميركا الحيوية في خطر. وأوضحت «واشنطن بوست» أن أحد الأسباب المحتملة لاستنتاج «سي. آي. أيه» بأن محمد بن سلمان ولي العهد السعودي متورط شخصياً في قتل خاشقجي، هو أن جريمة قتل الصحافي في اسطنبول تشبه عمليات أخرى نفّذها رجال البلاط الملكي السعودي الخاص بولي العهد على مدار الـ 18 شهراً الماضية. وأشارت إلى خطف عملاء للاستخبارات السعودية -يعملون لدى مستشاري ابن سلمان- عدداً من المواطنين السعوديين داخل وخارج المملكة، إذ سُجن هؤلاء في مواقع سرية وعُذبوا، ومن بين الضحايا ناشطات في حقوق المرأة. وقالت الصحيفة، إن ابن سلمان يسير على خطى حاكم أبوظبي محمد بن زايد، إذ يرعى الاثنان بدوريهما نظام عبدالفتاح السيسي الديكتاتوري في مصر، ونظام آل خليفة في البحرين، وهي الأنظمة الأربعة التي شكّلت حصاراً على قطر، ووفرت دعماً لفصائل مشتركة في نزاعات أهلية في ليبيا واليمن، الذي تسببت الحرب السعودية-الإماراتية فيه بأسوأ كارثة إنسانية عالمية. وتابعت الصحيفة، أنه فيما الأنظار مسلّطة على ابن سلمان بسبب قتل خاشقجي، يعمل النظام في مصر على تصعيد هجومه على منظمات المجتمع المدني، وسجن نشطاء حقوق الإنسان ومحامين، بينما تعمل السلطات على إغلاق المواقع الإخبارية أو خضوعها لمطالب الحكومة. وفي البحرين -تتابع الصحيفة- شهدت البلاد انتخابات فاضحة، استُبعد منها كل أحزاب المعارضة، بينما يقضي ناشطو حقوق الإنسان البارزون فترات سجن عديدة، مثل زعيم المعارضة الرئيسي الذي حُكم عليه بالمؤبد في 4 نوفمبر الماضي. وتقول «واشنطن بوست»، إن ترمب -كما ساعد في جهود هروب محمد بن سلمان من المسؤولية عن قتل خاشقجي- فإنه يدعم ضمناً القمع في مصر والبحرين، عبر رفع القيود المفروضة على تصدير السلاح لهذه البلدان، التي تظن الإدارة الأميركية أن بإمكانها السيطرة على جموع المواطنين الساخطين للأبد، بحرمانهم من حقوقهم الأساسية والاعتداء على من يدعو لها. وتُختتم الافتتاحية بالقول، إن هذه الاستراتيجية تتجاهل التاريخ والقيم الأساسية الأميركية، ويمكن أن تنتج عواقب وخيمة على الشرق الأوسط، ما لم يكبح الكونجرس جماحها.;
مشاركة :