قال تقرير لبنك الكويت الوطني إن النشاط غير النفطي الخليجي يواصل تقدمه، ومع تراجع أسعار النفط إلى ما دون مستوى سعر التعادل النفطي في موازنات معظم دول مجلس التعاون الخليجي، تدخل محاولات التنويع الاقتصادي ورفع الدخل من قطاعات غير نفطية مرة أخرى إلى دائرة الضوء. وأضاف التقرير: شرعت السعودية في حملة استثمارية إقليمية ضخمة بلغت مليارات عدة من الدولارات في نوفمبر وبدأت في تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج تحفيز القطاع الخاص والبالغة قيمته 19 مليار دولار. ومن جانبها واصلت السلطات الإماراتية خططها لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر وإقرار ملكية الأجانب بنسبة %100 للشركات العاملة في جميع أنحاء الإمارات بعد ان كانت %51 سابقاً. كما تمت الموافقة على منح تأشيرات لمدة 10 سنوات للوافدين المميزين في محاولة لجذب المهارات المهنية من الدرجة الأولى. هذا وقد ارتفعت معدلات التضخم هامشياً في السعودية في أكتوبر (%2.4 على أساس سنوي) بسبب ارتفاع تكاليف المواد الغذائية، في حين انخفضت إلى النصف تقريباً في الإمارات (إلى %1.6) على خلفية الانخفاض الحاد في تكاليف الإسكان. واستمر نشاط الإقراض في اكتساب الثقة في كلا البلدين، حيث ارتفع نمو الائتمان في القطاع الخاص السعودي إلى أعلى مستوياته خلال 16 شهرًا عند مستوى %1.7 على أساس سنوي في أكتوبر. من جهة أخرى، اقترحت الحكومة المصرية تعديلاً ضريبياً على طريقة احتساب الضرائب على أرباح البنوك. وإذا ما تم تبني هذا المقترح، فسيؤدي ذلك الى زيادة في الضرائب على البنوك التي تحمل نسبة عالية من أدوات الدين الحكومية، مما قد يدفع إلى زيادة إقراض القطاع الخاص، وجعل الدين الحكومي أقل جاذبية وبالتالي يرفع تكاليف الاقتراض الحكومي. ومن جهة أخرى، قرر البنك المركزي المصري إنهاء آلية تحويل استثمارات الأجانب بالعملات الأجنبية، بحيث يتعين على الاستثمارات الجديدة الحصول على العملات الأجنبية من خلال سوق الصرف بين البنوك «الإنتربنك»، وهو ما قد يؤدي إلى مرونة أكبر لأسعار الصرف. وأضاف تقرير «الوطني»: بعد الاضطرابات التي شهدها شهر أكتوبر الماضي، ظلت الأسواق المالية العالمية تحت وطأة الضغوط في نوفمبر، حيث أثرت المخاوف بشأن نمو الاقتصاد العالمي على أسواق الأسهم العالمية وتراجعت عائدات السندات. كما أدت المخاوف المتعلقة بتوقعات الطلب على النفط واحتمال حدوث تخمة في الامدادات إلى استمرار موجة تراجع أسعار النفط التي بدأت في أكتوبر، حيث تم تسجيل أكبر معدل انخفاض شهري في أسعار النفط في نوفمبر -حوالي %22 تقريباً- للمرة الأولى في عشر سنوات. إلا أن شهر ديسمبر قد بدأ بأخبار إيجابية مع قيام الولايات المتحدة والصين بالتوصل إلى اتفاق تجاري يقضي بعدم فرض الولايات المتحدة لأي رسوم جمركية على الواردات الصينية في يناير على أن تقدم الصين على شراء المزيد من السلع الأميركية لتقليص الفجوة التجارية. ورغم أن الاتفاق الذي يمتد لمدة 90 يوماً قد ينهار خلال مواصلة المحادثات بشأن التوصل إلى ترتيب دائم، فإنه يشير على أقل تقدير إلى استعداد الجانبين للتوصل إلى اتفاق، كما يخفف من المخاوف الحالية بشأن تأثير تصاعد الحرب التجارية على النمو العالمي. استمرار قوة الاقتصاد الأميركي وأوضح تقرير «الوطني» أن الاقتصادي الأميركي لا يزال يحتفظ بمستويات جيدة للأنشطة الاقتصادية، مع تأكيد التقدير الثاني للناتج المحلي الإجمالي بلوغه %3.5 في الربع الثالث من العام مدعوماً بقوة الإنفاق الاستهلاكي، بينما تشير المؤشرات المتوافرة بخصوص النشاط الاقتصادي إلى تسجيل نتائج قوية، وإن كانت أكثر اعتدالاً في الربع الرابع. ومن جهة أخرى، تراجعت استطلاعات مؤشر مديري المشتريات الأميركي الصادرة عن ISM (معهد إدارة التوريدات) لكل من القطاع الصناعي (57.7 نقطة) وغير الصناعي (60.3 نقطة) لشهر أكتوبر بشكل طفيف مقابل مستويات سبتمبر، إلا أن كليهما لا يزال أعلى من المتوسطات التاريخية ويعد هذا التراجع مقارنة بالمستويات السابقة من الأمور المواتية من جهة أسس الاستدامة، نظراً لضغوط الطاقة الاستيعابية المعلن عنها. وفي واقع الأمر تشير التوقعات الآنية الصادرة عن الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا ونيويورك إلى توقع تسجيل نمو بنسبة %2.5 على أساس سنوي في الربع الرابع، في حين اجمعت الآراء على بلوغ نسبة النمو %2.7، في ما يعد أعلى من توقعات النمو الاقتصادي المرتقبة على المدى الطويل. وارتفع الانفاق الاستهلاكي بنسبة %5 على أساس سنوي في أكتوبر بدعم من الارتفاع المطرد في نمو الأجور وتزايد فرص العمل وتراجع معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها منذ ستينات القرن الماضي. ومع انخفاض توقعات التضخم، يعد الإنفاق قوياً أيضًا من حيث معدلات النمو الحقيقي. إلا ان هناك مؤشرات تدل على احتمال اقتراب سوق العمل من نقطة تحول. حيث بدأت أرقام طلبات إعانة البطالة الأسبوعية في الارتفاع تدريجياً وآخرها كان ارتفاعاً للأسبوع الثالث على التوالي حتى 24 نوفمبر، الأمر الذي قد يشير إلى صدور تقرير الوظائف الأميركي لشهر نوفمبر بوضع أضعف من المعتاد عند نشره في منتصف ديسمبر. ومن جهة أخرى، قد يؤدي ضعف سوق الإسكان في نهاية المطاف إلى التأثير على القطاع الاستثماري مستقبلاً، مع اشارة أحدث البيانات إلى تسجيل مزيد من التدهور. حيث تزايدت وتيرة تراجع مبيعات المنازل الجديدة والقائمة بانخفاض بلغت نسبته %12 على أساس سنوي للمنازل الجديدة في أكتوبر، هذا إضافة إلى تباطؤ معدلات نمو أسعار المنازل. وغالباً ما يعتبر قطاع الإسكان من أهم المؤشرات الاقتصادية بصفة أشمل، إلا أن البنك الفدرالي، وإن كانت تساوره بعض المخاوف بشأن هذا الضعف، ينظر إلى هذا التراجع على انه اعتدال متوقع نتيجة لارتفاع معدلات الرهن العقاري والتغيرات المستحدثة للنظام الضريبي والضغوط الناتجة عن ارتفاع تكاليف المواد الاساسية والعمالة. كما أن التحسُّن الذي شهدته الميزانيات العامة للأسر على مدى العقد الماضي من شأنه تخفيف حدة تأثر الاقتصاد الكلي نتيجة لهبوط سوق الإسكان. وتراجع معدل التضخم وفقاً للمقياس المفضل للبنك الفدرالي الأميركي -وهو مقياس الإنفاق الاستهلاكي الأساسي- إلى %1.8 على أساس سنوي في أكتوبر وأقل من المعدل المستهدف والبالغ %2.0. وفي تصريح أكثر اعتدالاً، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جاي باول في خطاب ألقاه نهاية نوفمبر الماضي إن أسعار الفائدة تقترب الآن من مستويات محايدة، في إشارة إلى أن سعر الفائدة المستهدف للاحتياطي الفدرالي قد لا يتطلب الارتفاع بوتيرة متسارعة كما كان متوقعاً من قبل. ففي واقع الأمر ارتفعت توقعات أسواق المعاملات الآجلة في ما يتعلق برفع أسعار الفائدة في اجتماع الاحتياطي الفدرالي المقبل في 18-19 ديسمبر إلى %83 مقابل %70 الشهر الماضي، إلا أنه من المتوقع الآن أن وتيرة تشديد السياسة النقدية في العام المقبل ستكون أبطأ من ذي قبل، وهناك فرصة بنسبة تفوق أكثر من %70 لرفع أسعار الفائدة مرة واحدة خلال عام 2019، الأمر الذي من شأنه أن يتوافق مع توجهات الرئيس ترامب، الذي قال إن بنك الاحتياطي الفدرالي «قد جانبه الصواب» من خلال تشديد سياسته النقدية. تراجع بيانات منطقة اليورو واصلت مستويات الزخم الاقتصادي لمنطقة اليورو تراجعها في نوفمبر، حيث سجل مؤشر مديري المشتريات المركب لشهر نوفمبر البالغ 52.4 أضعف مستوياته على مدى أربع سنوات، بما يعكس مزيدًا من الضعف في قطاعي الصناعة والخدمات، على خلفية تأثره بتراجع زخم أنشطة التصدير والطلبات الجديدة. كما تراجعت المعنويات الاقتصادية (109.5) للشهر الحادي عشر على التوالي في ما يعكس الأصداء السالفة الذكر. هذا إضافة إلى تراجع معدل التضخم الأساسي في نوفمبر إلى %1.0، في حين يعد أقل من توقعات المحللين في ظل الشكوك الخاصة بضعف مناخ الأعمال، الأمر الذي لم يشجع الشركات على تمرير ذلك للمستهلك عبر رفع الاسعار. وعلى الرغم من التباطؤ، فإن رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي أعاد تأكيد رغبة البنك في إنهاء برنامج شراء الأصول في ديسمبر 2018، في حين يعزو الضعف الاقتصادي إلى العودة إلى مستويات النمو الطبيعي بعد الأداء القوي في عام 2017. انخفاض أسعار النفط وتعثَّرت أسواق النفط بسبب المخاوف المتعلقة بتخمة المعروض والقلق بشأن ضعف الطلب في ظل الاحتكاكات التجارية بين الولايات المتحدة والصين (التي خفت حدتها بعض الشيء). حيث أنهى مزيج خام برنت تداولاته على تراجع للشهر الثاني على التوالي في نوفمبر، بتراجع بلغت نسبته %22 خلال الشهر، ليصل سعره 58.7 دولاراً للبرميل، في حين يعد أكبر تراجعاته الشهرية منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وتراجعت معنويات السوق وسط ارتفاع قياسي في إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة (بلغ متوسطه 11.7 مليون برميل يومياً في نوفمبر) وارتفاع انتاج الأوبك للاقتراب من أعلى مستوياته على مدى عامين (+ 130 ألف برميل يومياً ليصل إلى 32.9 مليون برميل يوميا في أكتوبر). كما ارتفعت لأعلى مستوياتها في خمسة عشر شهرًا رهانات مديري الأموال على انخفاض أكبر في سعر خام برنت. وأجبر الانخفاض المفاجئ في الأسعار لشهر نوفمبر منظمة الأوبك على التفكير مرة أخرى في خفض الإنتاج من أجل استقرار الأسعار، وأوصى المجلس الاستشاري للمجموعة بخفض 1.3 مليون برميل يومياً أو %4 من مستويات أكتوبر لإعادة التوازن بين العرض والطلب. ومن المتوقع أن تتضح الأمور بعد اجتماع الأوبك والدول غير الأعضاء بقيادة روسيا اليوم 6 ديسمبر.
مشاركة :