النخيل شجرة الحياة، وارتبطت منذ القدم بتاريخ أهل الخليج عموماً، وشعب الإمارات على وجه الخصوص، وحظيت باهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث سعى جاهداً لنشر الرقعة الزراعية الخضراء في أرجاء الدولة، واعتبرها ضمن أهم مكونات التراث، وعنوان لتغلب أبناء الإمارات على الصعوبات، بالاستفادة منها في الكثير من أمور حياتهم، فتحاكى الأجداد والآباء عن منافع الشجرة المباركة في الموروث، ومن هذا المنطلق تأتي هوية مهرجان الشيخ زايد التراثي «تراثنا هويتنا.. زايد قدوتنا» وشعاره «الإمارات ملتقى الحضارات»، والذي انطلق من 30 نوفمبر الماضي حتى 26 يناير المقبل في منطقة الوثبة أبوظبي، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وتوجيهات ودعم من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبإشراف ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة. وتشارك «الفوعة» الشركة الوطنية الرائدة في مجال صناعة التمور وتصديرها إلى الخارج، ضمن الفعاليات الرئيسة، من خلال معرض يحمل اسم «تمورنا تراثنا» الذي يتيح لزواره التعرف إلى أنواع التمور وكيفية زراعتها وطرق صناعتها، وذلك من خلال وسائل تفاعلية متطورة، فضلاً عن الأنشطة المتنوعة التي يتضمنها المعرض للزوار والمزارعين والمتخصصين بهذه الثمرة، التي وجدت منذ آلاف السنين في الإمارات، ولعبت دوراً مهماً في حياة أجدادنا وآبائنا. برائحة القهوة الممزوجة بالهيل وبحبات من التمر تستقبل «الفوعة» زوارها بشكل يومي، حيث يتوافد الكثير من زوار المهرجان لزيارة هذا الجناح، الذي يعد ثاني أكبر جناح مشارك في المهرجان، وتتعدد فيه الأنواع، التي تشتهر بها دولة الإمارات. تمورنا تراثنا المهندس ظافر عايض الأحبابي، رئيس مجلس إدارة شركة الفوعة، أشار إلى أهمية تطوير قطاع التمور وإدارته، حيث تخدم الشركة أكثر من 17 ألف مزارع من مختلف أنحاء دولة الإمارات، وتعمل على تصنيع التمور وتجهيزها، وقد بلغ إنتاجها السنوي ما يقارب 113 ألف طن، علماً بأن الطاقة الإنتاجية تبلغ 160ألف طن، يصدر منها 90 في المائة إلى أكثر من 45 دولة. وأوضح، أن الجناح يركز على التمور بأسلوب معاصر داخل تصميم حديث، حيث يضم «متحف التمور» أكثر من 150 صنفاً تمتاز بجودتها ومذاقها، ويمكن للزائر التوقف طويلا للتعرف إلى التمور ومناطق زراعتها بالإمارات، من خلال لوحة تزين المتحف توضح أماكن وجود تلك الثمرة وكثافتها في المناطق، كما توضح أهم الأنواع، التي تشتهر بها الدولة مثل «الخلاص، فرض، خنيزي، لولو، دباس، شيشي، نغال»، وغيرها من الأنواع الأخرى، وسيتعرف الزائر، من خلال لوحات توضيحية، إلى الكثير من المعلومات، منها أن أشجار النخيل لا تشكل حلقات في جذوعها مثل الأشجار الأخرى، وأن نخلة التمر تعتبر شجر الحياة، وأن بعض نخيل التمر يعيش أكثر من 150 سنة، وقبل أن يودع الزائر متحف التمور، يتعرف إلى الكثير من الأنواع في «الجفران»، التي امتلأت بالكثير من أجود الأصناف المنتشرة في مناطق الدولة. وأضاف الأحبابي: «يتعرف الزوار خلال الجولة في الجناح على ركن «العمليات الزراعية والتصنيع»، الذي يقدم معلومات عن كيفية استقبال أجود الأنواع من المزارعين، والأجهزة التي يتم استخدامها لتنظيف التمور من الشوائب، بالإضافة إلى عرض أهم العمليات الزراعية اللازمة للحفاظ على شجرة النخيل، ورفع جودة الإنتاج، بجانب تسليط الضوء علي مراحل تطوير الصناعة الوطنية للتمور الإماراتية وعملية التلقيح الآلي لنخيل التمر، الذي يتم من خلال جمع الطلع الذكري وتجفيفه واستخلاص حبوب اللقاح». منتجات الفوعة وتمتلك الفوعة تشكيلة واسعة من منتجات التجزئة، التي تلبي الأذواق المختلفة للمستهلكين، وأطلقت في السنوات الأخيرة العديد من الأنواع، مثل حلوى التمر، عصير البسر.. وحول ذلك يقول مسلم عبيد بالخالص العامري، الرئيس التنفيذي لشركة الفوعة: «في ركن التذوق يمكن لزائر التعرف إلى المنتجات المبتكرة، ومن أهمها «عصير البسر» الذي يعد أول مشروب للطاقة طبيعي 100%، حيث يستخلص من بسر التمور، وهي المرحلة قبل الرطب، وله طعم ومذاق حلو، ويستخلص من التمور صنف «البرحي»، ويباع في عبوات مختلفة بتركيز 25% و 17%، ولا توجد فيه إي إضافات، ويستخدم للفئات العمرية المختلفة، ويعطي طاقة للجسم، حيث إنه غني بالألياف والمعادن والفيتامينات، ويعطي مفعول مشروبات الطاقة، من دون أن يتسبب في أعراض جانبية على المدى البعيد، بعكس مشروبات الطاقة الأخرى، وهو للاستخدام اليومي، بالإضافة لاستخدام الرياضيين». وأشار إلى أن منتجات «الفوعة» قبل طرحها في السوق تسبقها دراسات لحاجة المستهلكين، حيث تسعى الشركة الخروج من الأنواع التقليدية إلى أنواع أخرى تلبي رغبة أصحاب الذوق الرفيع، موضحاً أن هناك «زادينا كافية» التي تعد العلامة التجارية الغذائية والسفير الثقافي لتمور الإمارات إلى العالم، حيث تقدم لمحبي الطعام أينما كانوا متعة تذوق صحية لشرب القهوة. وقال: «إن مهرجان الشيخ زايد التراثي يعكس نظرة واضحة وعميقة لتراث الإمارات، لتؤكد أن التطور الذي تشهده الدولة اليوم ليس وليد المصادفة، إنما يستند إلى أسس حضارية وتاريخية، يشكل الإنسان الإماراتي محورها الرئيس، وهنا يأتي دور المهرجان ليبرز ماضي الأجداد، ويرسخ قيم التراث، ويضمن حمايتها، لتبقى متجسدة ومستمرة عبر الأجيال». مسابقة التمور وعن «مسابقة أفضل وأجود أنواع التمور»، يقول محمد غانم القصيلي المنصوري، نائب الرئيس التنفيذي لشركة الفوعة: «إنها من الفعاليات الرئيسة بمهرجان الشيخ زايد التراثي، ضمن الفئات التي تشمل «دباس، لولو، فرض، شيشي، بومعان، خلاص، خنيزي وتمور النخبة»، حيث يساهم طرح مسابقة أجود أصناف التمور في ترسيخ مكانة النخلة المباركة التي تعكس عراقة المجتمع الإماراتي وأصالته، حيث ارتبطت بتاريخ أبناء الإمارات بصفة خاصة، الذين توارثوا حبها جيلاً بعد جيل، وأدركوا أهميتها وتعلموا كيفية العناية بها، لذا من واجبنا الوطني الاهتمام والتركيز على إبراز أهمية شجرة الحياة «النخلة»، التي لها مكانة تاريخية في التراث الإماراتي، مما يضمن تناقل حبها والعناية بها على مر الأجيال». وأوضح أن اللجنة المنظمة لمسابقة التمور اعتمدت معايير وشروط، تضمنت النظافة والخلو من الأمراض والآفات التي تصيب أشجار النخيل، ومتابعة تطبيق المزارعين لأفضل الممارسات في زراعة النخيل والعناية بها، وإنتاج النوعية الأفضل، مؤكداً ضرورة عدم وجود عيوب أو تشوهات مظهرية في التمور، وأن لا تكون متسخة بالأتربة أو مصابة، وأن تكون غير مخلوطة، كما لا يسمح بالمشاركة بتمور الموسم السابق، وأن تكون من إنتاج المزرعة التي تعود ملكيتها للمشارك في المسابقة. مسرح الفوعة ويقدم الجناح أمسيات شعرية طوال مهرجان الشيخ زايد التراثي، حيث يستقبل المسرح الكثير من الزوار والمشاركين من الشعراء المعروفين في الدولة، وحول ذلك يقول المنصوري: «يتنافس الشعراء في تقديم أجمل القصائد الشعرية التي تحتفى بالوطن، وبمهرجان الشيخ زايد التراثي، وتعبر عن الولاء والوفاء للإمارات، كما تقدم الفرق العروض والفنون الشعبية»، مشيراً إلى أن المسرح يجمع الأطفال والكبار على الأهازيج الإماراتية مثل العيالة وغيرها، والعديد من الفعاليات، مثل الألعاب الشعبية ومسابقات للأعمار والمواهب المتميزة كافة التي يتفاعل معها الزوار داخل الجناح، خصوصاً أن الفوعة لديها أكبر مزرعة عالمية عضوية في العالم تتجاوز أعداد أشجارها 70 ألف نخلة، وهي حاصلة على شهادة إيكو سرت للمنتجات العضوية، لذا يحظى الجناح بزيارات متكررة من قبل وفود وشركات، بالإضافة إلى استضافة مشاهير الـ« سوشيال ميديا» والفنانين طوال أيام المهرجان. المجلس «المجلس» جزء من الحياة العربية باعتباره ملتقى تقدم فيه القهوة العربية، ويتم فيه مناقشة شؤون المجتمع، لذا يحافظ الجناح على هذا التقليد، ويخصص مجلساً للاستراحة واحتساء القهوة الممزوجة برائحة الهيل، وغيرها من المرطبات التقليدية، وبعض حلويات التمور بنكهة الزعفران والهيل والفستق. شلاّت تراثية يستمتع زوار المسرح بـ «الشلات التراثية» التي تعد من الموروثات الثقافية التي يعتز بها أهل الإمارات، حيث تأخذ الزائر لسماع الشّلة وتخيل القصيدة وكلماتها المعبرة. وقال سالم البلوشي من زوار الجناح: «إنه يستمتع بالشّلات في المهرجان، حيث إن فن الشّلة جزء من تراثنا، يحمل لحناً جميلاً، ومنشداً يشدو بصوت عذب، لذلك ما يقدمه المسرح يدل على مدى اهتمامه بتعزيز الموروث الإماراتي في نفوس الأجيال وإظهاره بصورة جميلة لجميع مكونات المجتمع الإماراتي». صناعات محلية تنوع الفعاليات في جناح شركة الفوعة، وتعدد المنتجات، دفع بالكثير من الزوار إلى التعرف على منتجاتها، حيث أوضحت السائحة الهولندية شو جون أن معرض مصنع «الخزنة للجلود» الإماراتي، لفت انتباهها لما يحتويه من أقسام متخصصة في صناعة جلود الإبل الخالي من الكروم، كما تنوعت الحقائب الجلدية بأحجام مختلفة، مشيرة إلى أن تلك المنتجات تؤكد مهارة الأيدي الإماراتية وقدرتها على العمل اليدوي.
مشاركة :