قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط: إن حرص المرء على سلامة دينه، وحسن إسلامه، وصحة إيمانه، دليلٌ ظاهرٌ وبرهانٌ شاهدٌ على رجاحة عقله واستقامة نهجه، فدين المسلم يا عباد الله هو دليله وقائده إلى كل سعادةٍ في حياته الدنيا، وإلى كل فوزٍ ورفعةٍ في الآخرة. وبين في خطبة الجمعة من الحرم المكي بمكة المكرمة، أن من عبَد الله على استحضار قربه من ربه، أو قرب ربه منه، فقد حسُن إسلامه، ولزِم لذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام، واشتغل بما يعنيه من صحة اعتقاد وكمال إيمان وصلاح عمل، وعلى العكس من ذلك من أضاع نفائس الأوقات فيما لم تخلق له باشتغاله بما لا يعنيه، وما لا يحتاج إليه من قول وعمل، فانصرف عما ينفعه ويرتفع بمقامه، ويبلغ به صحيح الغايات، وشريف المقاصد وكريم المنازل، فخسر هنالك خسرانًا مبيناً. وأوضح الشيخ خياط، أن في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)؛ فأمر المؤمن بأحد أمرين: إما قول الخير أو الصمت، ولهذا كان قول الخير خير من السكوت عنه، والسكوت عن الشر خيراً من قوله، فالمؤمن مأمور إما بقول الخير أو الصمت؛ فإذا عدل عما أُمر به من الصمت إلى فضول القول الذي ليس بخير، كان هذا عليه، فإنه يكون مكروهاً والمكروه يُنقصه، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه). ونبه إلى أن اشتغال المرء بما لا يعنيه، تعلُّم ما لا يُهم من العلوم وترك الأهم منها، مما فيه صلاحُ قلبه، وتزكية نفسه، ونفع إخوانه، ورفع شأن وطنه ورقي أمته، موجهاً إلى أن مما يعين على ترك المرء ما لا يعنيه تذكر أن الواجبات أكثر من الأوقات، وأن العمر قصير، ومذكراً أن المرء مسؤول عن عمره فيما أفناه؛ ناصحاً أن على العاقل الذي يرجو الله والدار الآخرة أن يقبل على شأنه، حافظًا للسانه، بصيرًا بزمانه، يعد كلامه من عمله؛ فإن من عَدَّ كلامه من عمله قلَّ كلامه إلا فيما يعنيه.
مشاركة :