ليست عظمة الأقصر في أثارها المنتشرة بين ربوعها، بل أيضا في الأثار والكنوز التي تمتلئ بها متحف الأقصر، وهي كنوز رائعة شاهدة علي عظمة الحضارة المصرية القديمة.ومنها تمثال رصدناه أثناء جولتنا في المتحف، وهو للملك تحتمس الثالث ومنحوت من الشست الأخضر"الدولة الحديثة / 1490 – 1436م"،وهو أول تمثال يستقبل الزوار في المتحف.حكاية التمثال كشفتها لنا سناء عبد العزيز مديرة متحف الأقصر، وقالت أنه من معبد أمون بالكرنك، وأبدع الفنان المصري في إخراج تلك التحفة الفنية التي ليس لها مثيل.طوع الفنان المصري كما قالت مديرة المتحف، الحجر ليبرز عظمته الفنية وقدراته التقنية الفائقة التي تظهر في ملامح الوجه الرقيقة والإبتسامة الهادئة،ويعتبر بحق من روائع الفن المصري في الدولة الحديثة.وحجر الشيست هو صخر متحول عن صخور نارية أو رسوبية بفعل الضغط والحرارة،ويتميز بحجم متوسط الحبيبات ويتكون من صفائح رقيقة متشابهة في تركيبها المعدني،وتتكون هذه الصفائح من معادن قشرية مثل الميكا والتالك أو منشورية مثل الهورنبلند، وتحصر هذه الصفائح فيما بينها حبيبات دقيقة متبلرة من معادن أخرى مثل الكوارتز.أما الملك تحتمس الثالث نفسه"1425 ق.م"يلقب بالفرعون الأسطورة،وهو سادس فراعنة الأسرة 18 ويعتبر أعظم حكام مصر وأحد أقوى الاباطرة في التاريخ، حيث أسس أول إمبراطورية مصرية والتي ظلت حتى نحو عام 1070 قبل الميلاد حتى عهد رمسيس الحادي عشر.وكان تحتمس الثالث يتمتع بسمات شخصية خارقة وعبقرية عسكرية ليس لها مثيل،وقد تدرب في ساحات المعارك في الأقصر،وقد اكسبته هذه التدريبات صلابة في شخصيته وخبرات عسكرية عظيمة، واهتم بالجيش وجعله نظاميا وزوده بالفرسان والعربات الحربية،وفي عهده أتقن المصريون القدماء بفضله صناعة النبال والأسهم الخارقة،وتظهر تماثيله شابا مفتول العضلات وقائد.وبنى تحتمس الثالث القلاع والحصون،وقام بتدريب الجنود على أفضل التدريبات وأمدادهم بأسلحة مبتكرة قوية واستخدم تكتيكات عسكرية ومناورات لم تكن معروفة من قبل،واهتم بإنشاء أسطول بحرى قوى استطاع ان يبسط سيطرته على الكثير من جزر البحر المتوسط،وأصبحت مصرفي عهده أقوى وأغنى امبراطورية في العالم.وترك تحتمس الثالث في طيبة العديد من المعابد،كما قام ببناء البوابتان العملاقة السادسة والسابعة وقاعة الاحتفالات في معبد الكرنك وأكمل بناء معبد حابو الذي بدأته حتشبسوت،واقام معبد للآله بتاح في موطنه في منف، ويحتوى على ثلاث حجرات الأولى لبتاح والثانية حتحور ربة طيبة والثالثة للإلهه سخمت زوجة بتاح،وأقام معبد في الفنتين للإلهه ساتت، وله آثار في كوم امبو وادفو وعين شمس وأرمنت،كما أقام ما لا يقل عن 7 مسلات معظمها موجود الآن في عدد من عواصم العالم ومات تحتمس وعمره 82 سنة بعد أن حكم 54 عاما،ولم يعرف تاريخ مصر ملكا بكى عليه المصريون وحزنوا عليه حزنا شديدا مثل ما حدث مع تحتمس الثالث،وبعد وفاته أقيمت مراسم الحداد والدفن الملكية وهي أضخم جنازة في التاريخ القديم، ودفن في مقبرة بوادي الملوك كان أعدها لنفسه وهي رقم 34،ويعد من أوائل الملوك الذين بنوا مقابر لأنفسهم هناك، واكتشفت مقبرته في عام 1898 على يد العالم فيكتور لوريت.
مشاركة :