رواية اجتماعية تدور أحداثها حول المجتمع السعودي النجدي بالتحديد، فقد سلطت الرواية الضوء على عدة أفكار ثقافية حول الأحوال الشخصية والأسرية، من خلال تعريض الشخصيات في الرواية إلى أحداث تخص الحالة التعليمية والحالة والدينية وشيء بسيط في الحالة العشائرية الطبقية، والحالة الدينية، كما تبلورت تلكم الرسائل المستفادة من سرد الأحداث في المجتمعين النسائي والرجالي؟ إلا أن الروائي ركز بحكم غزارة الشخصيات المختارة في الرواية على المجتمع النسائي. يجد القارئ سهولة في قرائة النص الروائي، إذ تمتاز لغة الروائي السردية بسلاسة في تناول المفردات وتركيب الجمل، مما يعطي القارئ القدرة على التنقل بين المواضيع المطروحة على أن لا يُخل بجمالية النص الأدبي، أو عدم إعطاء الأفكار المطروحة في السرد كفايتها لتنال حالة التمام. كما اعتمد الروائي في طرحه لأفكار الرواية طريقةً وإن كانت سردية تقليدية من حيث التركيب، إلا أنها كانت مبدعة من حيث تراتبية المضامين المتظافرة، لتصل إلى تمام الرسالة في آخر حدث اختتمت به الرواية، فكان بناؤها السردي كالسلسة تقرأ من أول حلقة لتنحدر إلى أسفلها في ترابط، وبملاحظة قرائة الرواية بالكامل نتحصل على تعنصر متسلسل مدروس، يدل في كل حلقة من حلقات السلسلة إلى فكرة موظفة في النص، قسمت بناءا عليها كل جزء من أجزاء السلسلة إلى فصل من فصول الرواية، وقد خدمت فكرت وضع مجموع الأفكار المسرودة في الفصل كالحلقات المتشابكة باتجاهين، الاتجاه الأول الإحكام في الصياغة الأدبية والصناعة السردية، والاتجاه الثاني في توظيف الأفكار من خلال النص، ويمكن أن يُلاحظ كلا الاتجاهين في منحنى الخط الزمني للرواية، المبتدأ بالحدث الأول وهو تخرج البطلة وصديقاتها من الجامعة واجتماعهن في سهرة، ثم يتصاعد المنحنى شيئا فشيئا بتتابع الاحداث حتى يصل إلى القمة، بعد سفر البطلة إلى الخارج في طلب الدراسات العليا، ثم يستمر بالازدهار فترة زمنية محددة جراء بقاء البطلة للعمل وممارسة نشاطاتها الثقافية والإعلامية، ثم يبدأ بالنزول شيئا فشيئا عندما عادت إلى أرض الوطن لتتلقى ممانعة بيئية شاملة جراء البون الشاسع بين مستواها الفكري والحياتي المعتاد على بيئة خارجية لدولة يصدق عليها أن تكون متقدمة، ليستقر بعد زواجها من من يظن أنه أنموذج راقي من هذا المجتمع المطرود في نفسها، في آخر نقطة عند آخر حدث بعد طلاقها و فقدان حريتها مع أخيها الذي حاز صك إعالتها، ويلاحظ من سلوك المنحنى الزمني في الصعود حتى الهبوط، أن طول الصعود كان بمسافة قليلة، إذ أنه اتخذ أسلوب صعود رأسي نوعا ما، وأن الهبوط بعد الازدهار كان بمسافة طويلة، إذ أنه اتخذ أسلوبا أفقي نوعا ما، ويمكن إن ينعكس المنحنى بوضوح على موضوعات فصول الرواية. كما تلاحظ جماليات اللغة لدى الروائي في قدرته على وصف الأماكن المسرودة بما احتوته من بيئات في عدت مواطن، بحكم تعددها فقال في موضع يصف الشتاء مقارنا بالفصول الأخرى (في نهاية الخريف تنخفض درجات الحرارة انخفاضا ملحوظا وتبدأ الشمس بالأفول في وقت مبكر عما اعتاده الناس صيفا، فيهجم الليل قبل موعده المعتاد، ويستعجل زيارته للناس قبل استعدادهم له) وقال في موطن آخر: (قاعة المحاضرات الرئيسية في الجامعة النسائية بالرياض امتلأت عن آخرها.. عضوات التدريس والضيفات احتللن الصفوف الأولى، في حين توازعت الطالبات بقية الصفوف..) وبما يخص بعض الشخصيات في الرواية، فهناك شخصيات رئيسية كالدكتورة عبير بطلة القصة، و زميلتيها الأستاذة نادية والأستاذة إيمان، و الخالة أم صالح، و بعض منها ليس رئيسيا ولكنه شغل موقعا مهما كالدكتور محمد نذير الهندي، وفيصل أخو البطلة، وعم البطلة، وهناك شخصيات أقل تأثيرا على القصة كوالدا البطلة، وأزواج زميلات البطلة. تعد رواية أحجار في قارعة الطريق رواية طويلة بعدد مئة وتسعون صفحة، مقسمة على إثنين وأربعين فصلا. و من أهم الموضوعات التي طُرقت في الرواية المرأة في ميدان الزواج ببيئته وشروطه داخل المجتمع السعودي، و حالتهن مع الدراسة في الداخل والخارج وأحوال المبتعثات وحدهن في الغربة، و دورهن في ميادين وطنية كالثقافة وأثرها عليهن، وفي الميدان الديني وأثره عليهن، وحالهن مع الولاية في القانون والمحاكم. كما أقتبس من الرواية مواضع منها: (كانت عبير مترددة في قبول البعثة للملكة المتحدة؛ لا سيما أن والدها الذي أثرت به عوامل السن لم يكن متحمسا لابتعاثها) وفي موضع آخر قال: (تغير وجه العم وهو ينظر إلى فيصل نظرات لا تخلو من ازدراء أثارت فيصل لكنه حافظ على هدوئه غير المعتاد) وقال في آخر: (أجل.. حتى ولو كان ما يريح الحبيب مؤذيا للمحب! تعرفين يا عبير كم بيننا من حب خالص.. حب (عذري) كما تسمونه) وأختتم اقتباسي بهذا الموضع: ( أرأيت يا يوسف؟ مع أنها عاشت في الخارج مدة طويلة لكنها ملتزمة بعادات مجتمعنا، وهذا دليل حسن تربية أهلها إياها!)
مشاركة :