حمزة عليان- حرص مترجم كتاب «الكويت في عهد عبدالله السالم» بدر ناصر المطيري على أن يكون الكتاب موجهاً إلى القارئ الكويتي، فاستعان على ذلك بعدد من المختصين والمراجع لضبط أسماء الأشخاص والأمكنة والأحداث مع التزام الأمانة والحياد قدر الإمكان. استعمل أسلوباً أقرب إلى اللغة العربية السلسة، وأن تكون الترجمة ذات نهج علمي، فاتبع في سبيل ذلك سبعة عناصر، أشبه بركائز أساسية استرشد بها: 1 – اختار عنواناً مختلفاً عن النص الإنكليزي، وهو (الكويت في عهد عبدالله السالم، بريطانيا وآل الصباح والنفط) بدلاً من العنوان الأصلي (الكويت 1950 – 1965 بريطانيا وآل صباح والنفط). 2 – التزم العودة إلى المصادر العربية والإنكليزية لضبط النصوص. 3 – التدقيق في أسماء الأشخاص والأمكنة. 4 – إيراد شرح مختصر للمقصود عند ذكر شخصيات بريطانية وأمكنة. 5 – عدم ترجمة الهوامش، كون أغلبها أرقام لوثائق ومكاتبات. 6 – تحاشى أسلوب الترجمة التفسيرية للنص. 7 – الدقة والأمانة بالترجمة. الرواية البريطانية يعتقد المترجم أن هذا الإصدار سيسد ثغرة في سرد الرواية التاريخية التي عاشتها الكويت، وهو من وجهة نظره يمثل رواية بريطانية تؤرخ لحقبة مهمة في التاريخ، قام ببحثها وروايتها كاتب بريطاني يدعى سايمون سي سميث استاذ التاريخ بجامعة “هيل” وصادر عن مطبعة جامعة اكسفورد وهو دراسة أكاديمية وثائقية تستند على الأرشيف البريطاني وغيره من مصادر. يبدأ بمقدمة مطولة توازي فصلا كاملاً، تناول فيها بالشرح أوضاع الكويت منذ تولي الشيخ مبارك الصباح زمام الحكم فيها عام 1896مع تركيز وتفصيل لمجريات الأحداث في حقبة حكم الشيخ أحمد الجابر الصباح (1921 – 1950)، لا سيما أحداث نشأة ونهاية المجلس التشريعي عامي 1938 – 1939، وتتوالى فصول الكتاب الستة بتسلسل زمني ومنهجي للأحداث خلال فترة حكم الشيخ عبدالله السالم (1950 – 1965). وبحسب ما يشير إليه في المقدمة تكمن أهمية الكتاب بأنه قد يوازي أهمية حقبة التأسيس الأول للكويت ككيان اجتماعي وسياسي واقتصادي. كان الكتاب بمنزلة مفاجأة سارة للمترجم لكونه يتمتع بأعلى درجات المهنية والحرفية العلمية في التأريخ. قيمة الإمارة والأسترليني يبقى التوقف عند خواتم الكتاب وهي الأساس، فماذا يقول وإلى ماذا ينتهي؟ من حيث العلاقة مع «بريطانيا العظمى» يؤكد المؤلف أن قيمة الإمارة لدى بريطانيا تقاس ليس فقط بكميات صادراتها من النفط ولكن أيضاً بالشروط والتسهيلات التي يتم بموجبها شراء النفط منها. أن قدرة بريطانيا على الحصول على نفط الكويت مقابل الجنية الأسترليني قد سمحت لها بالمحافظة على احتياطاتها الضئيلة من الدولار الأميركي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كما أنه عوَّض توقف واردات بريطانيا من النفط الإيراني بعد تأميم شركة النفط البريطانية – الإيرانية في عام 1951. وأضاف، أن استعداد أمير الكويت لاستثمار أمواله بالجنيه الأسترليني أسهم أيضاً في تحقيق الاستقرار في منطقة الأسترليني. والنقطة المثيرة كانت بتدوين احد مسؤولي وزارة الخارجية البريطانية تجاه ما يراه، في اعقاب تجديد عبد الكريم قاسم لدعاوى العراق ضد الكويت، حيث قال «ان مصلحتنا الاساسية في الكويت وسائر الخليج هي استمرار استقلال الكويت، بمعنى انه يجب ان يكون لها سياسة نفطية مستقلة خاصة بها، والا تخضع سياستها لهيمنة أي قوة تكون معادية لنا بشدة». توزيع ثروة النفط كان اصرار الشيخ عبدالله السالم على انفاق عوائد النفط على مشاريع التنمية المحلية، احد ابرز وجوه دولة الرخاء الحديثة، ففي نهاية عقد الخمسينات اصبح اكثر من 27 الف طالب و18 الف طالبة منتظمين في المدارس، وشكل اول افتتاح لمستشفى حكومي عام 1949 بداية توفير الرعاية الصحية الشاملة. وتم توفير فرص عمل وافرة ومغرية، ففي عام 1955 اصبحت ما نسبته %55.6 من قوة العمل تعمل في القطاع الحكومي، وبلغ الامر بالسفير البريطاني جاكسون ان وصف «الخدمة المدنية» بأنه «نظام رعاية داخلي للكويتيين». جوهر ورمز يوضح المؤلف وبصورة اوسع نتائج تلك السياسة: «لقد ساعدت سياسات توزيع الثروة التي انتهجها عبد الله السالم في تحصين اسرة آل الصباح ضد اي تحد جدي لمكانتها المتميزة». فقد كتب السفير البريطاني في الكويت ريتشموند، واصفا الشيخ عبد الله السالم، بعد مرور عام على الاستقلال، «يمثل الشيخ عبد الله السالم جوهر ورمز الوجود السياسي للكويت، ومن الصعب تصوَّر استمرار هذا الوجود المستقل من دون حاكم من آل الصباح، بل ذهب للقول ان «الأمير يعتبر النموذج المثالي لما يريد أن يصبح عليه كل كويتي: بأن يكون كبيراً بالسن، وحكيماً وميالاً للتوافق والتصالح وغنياً وفوق ذلك كله أن لا تجري في عروقه أي قطرة دماء غير كويتية». تحدث الكاتب عن «اللدغة» التي أصابت الدولة خلال الاحتفال بالوحدة بين مصر وسوريا، والاحتفال الذي حصل بثانوية الشويخ وتبعاته الاصلاحية. دروس ونتائج وفي الختام يورد نصا للسفير البريطاني جاكسون بتقرير له رفعه لحكومة جلالة الملك بالقول «كان عبدالله السالم في علاقاته مع بريطانيا يبدو قد استوعب بحكمة الدروس مما حدث في العراق والأردن، لا سيما منذ عام 1948 وفحواه: أنه إذا ما اشتهر عن حاكم عربي أنه صديق لبريطانيا فإن ذلك لن يجلب أي فائدة للحاكم المعني أو بريطانيا ذاتها على السواء». الكتاب صادر عن دار «جسور للترجمة والنشر» في بيروت وضع في نهايته مجموعة ملاحق (6 ملاحق) وثبت بالمراجع وبعدد 334 صفحة من القطع المتوسط وبتجليد فني.
مشاركة :