مبنى للمجهول.. وثائقي يكشف اغتيال جمال حمدان

  • 12/16/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عُرض على إحدى القنوات الفضائية، فيلم وثائقى لأول مرة، يُجسد الأسباب الحقيقية وراء اغتيال العالم الكبير جمال حمدان، صاحب موسوعة «شخصية مصر»، الذى توفى فى ظروف غامضة، لم يعرفها أحد حتى وقتنا هذا.وتحدث خلال الفيلم العديد من الشخصيات القريبة من «حمدان»، مثل شقيقه اللواء عبدالعظيم حمدان، وشارك أيضا فى الفيلم الأديب يوسف القعيد، الصديق المقرب لـ«حمدان».جاء الفيلم ضمن سلسلة ملفات تُحقق فى مجموعة من النهايات الغامضة، التى لم يتم الكشف عن حقيقتها حتى الآن، وقد تم اختيار «مبنى للمجهول» اسمًا لهذه السلسلة، التى تتولى الكشف عن المستور فى مقتل واغتيال الشخصيات البارزة التى وافتها المنية فى ظروف غامضة، وهى ١٠ شخصيات سيتم نشر أفلام وثائقية عنها تباعًا مثل عالم الذرة يحيى المشد، وعالمة الذرة سميرة موسى، وغيرهما.فى بداية الفيلم تحدثت المنتج المنفذ، هناء عبدالفتاح، عن قيمة جمال حمدان كعالم جغرافيا، والتى تتضح حين نعلم أنه تنبأ بمشروعات تطلع إلى تنفيذها أثناء فترة حياته، وأن الدولة الآن تقوم بتحقيقها، ومنها العاصمة الإدارية الجديدة، وقناة السويس الجديدة، وأن «حمدان» مرجع مهم جدًا فيما يتعلق بجغرافيا مصر بل يعد أهم مرجع، وأن ما يحزنها فى رحيل جمال حمدان أنه لم ينل حظه الوفير بالاهتمام، فلم يُطلق اسمه على ميدان أو شارع، أو تسمية إحدى جوائز الدولة باسمه.وأجاب الفيلم على لغز مقتل «حمدان»، الذى اغتاله الموساد الإسرائيلي، والدليل على ذلك أمور عديدة أبرزها اختفاء موسوعته عن اليهود التى كان ينوى نشرها، ورأت «إسرائيل» أنها تمثل خطرًا عليها، لأنه كان يكشف الكثير من أسرارها التى لم يعرفها أحد من قبل، وبعد مقتله اختفت هذه الكتب، ما أكد الشكوك.ويتساءل الفيلم عن أسباب سرعة إغلاق التحقيقات فى النيابة فى قضية مقتله، وذلك بعد أن تبين وجود شخصين أجنبيين قاما باستئجار شقة بنفس العمارة القائم بها «حمدان» لمدة شهرين، وكانا يتتبعانه فى خطواته، ولكن بعد مقتله اختفيا تمامًا، وتعرض طباخه إلى كسر قدميه وذهابه إلى بلدته فى ظروف غامضة لتلقى العلاج، وهو ما يؤدى إلى مؤشر خطير فى خطة موضوعة بإحكام ليكون وحيدًا ليسهل التخلص منه.واستعان القائمون على تنفيذ الفيلم بصور واقعية من حياة «حمدان»، وفيديوهات تنقل أحداثا حقيقية، وقام بتجسيد دوره الممثل عصام شعبان، وقام كل من اللواء مجدى البسيوني، والدكتور محمد المهدى الذى أجرى دراسة عنه بعنوان «جمال حمدان المحنة والعزلة»، ومحمد بدوى من أهل بلدته، وتلميذه السيد الحسينى رئيس الجمعية الجغرافية، بالتحدث عنه فى تلك الدقائق المعدودة، مرددين أنه لم يكن شخصية عادية، بل كان مثيرًا للتساؤلات، فكيف كان يعيش فى غرفة فقيرة لم تتجاوز المائة متر وكان دائمًا يرفض التكريمات وما عرض عليه من أموال وكان رافضًا الزواج.لذلك استعان صناع الفيلم بأطباء النفس لتحليل شخصيته التى باتت محيرة لمن يقرأ له أو يسمع عنه، وأوضح الدكتور محمد مهدى أن «حمدان» عانى من «جرح نرجسي» فبالنظر إلى نشأته نجده سمى «جمال» على اسم أخيه جمال الدين، وترعرع فى أسرة بسيطة وكان دائم الشعور بأنه مهمش، وكان لديه كبرياء ويعتز بنفسه، ما جعله يريد أن يثبت نفسه فى كتاباته ليعوض ما عانى منه.وقال شقيق «حمدان» إن الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ذهب لزيارته ذات يوم وقابله «حمدان» برد فعل غريب، إذ قال له: «إنت مش واخد معاد، ارجع»، وبعدها كتب هيكل جوابًا أرسله لـ«حمدان» اعتذر فيه عن مجيئه دون موعد مسبق، وذلك كان رد فعل طبيعى ناتج عن ثقافة الطرفين.ولم يخف الفيلم دور صفى الدين أبو العز، الذى استطاع بعلاقاته السياسية أن يحصل على ترقية علمية كان يستحقها جمال حمدان، ما أثار غضبه وحزنه الشديد، وقام بالتخلى عن وظيفته من جامعة القاهرة وتفرغ لأبحاثه وكتبه، وتولى «أبو العز» رئاسة قسم الجغرافيا بالجامعة، كما شغل مناصب سياسية أهمها تعيينه وزيرًا للشباب عام ١٩٦٨، وشغل رئاسة أبرز الجمعيات والهيئات الجغرافية فى مصر والعالم العربي، بينها الجمعية الجغرافية المصرية.وقال عبدالعظيم حمدان خلال الفيلم، إن شقيقه هو الذى كتب خطابات الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وبعد استقالة «حمدان»، عام ١٩٦٣، ألف ٢٧ كتابًا وموسوعة، وكشف لغز وفاة شقيقه، موضحًا وجود أحد الأشخاص تسلل متنكرا إلى منزل أخيه، وضربه على رأسه عندما كان يعد الشاى داخل المطبخ، الذى اشتعلت فيه النيران بعد ذلك، ما جعل الناس تتوهم بأن جمال حمدان توفى مختنقا بسبب نشوب الحريق فى المنزل، وقال إن الكاتب محمد حسنين هيكل قبل رحيله قال له «إنت فاكر أخوك هيموت كدة بسهولة، لا يمكن أن اليهود هيتركوه»، حيث إن «حمدان» ألف كتابًا عن اليهود والصهيونية، وكان سيسلم لدار النشر هذا الكتاب بعد يومين من حادث اغتياله، إلا أن الموساد الإسرائيلى تخلص منه قبل صدور موسوعته عنهم.وفى نهاية الفيلم تم الإفصاح بأنه فى يوم ١٧ أبريل ١٩٩٣، تم العثور على جثة جمال حمدان، داخل شقته، والنصف الأسفل منها محروقًا.ورغم أن مدة الفيلم قصيرة لم تتجاوز الخمس وأربعون دقيقة، فإنه يحفل برؤية إخراجية تتسم بطبيعتها الهادئة والمجزئة لبلوغ الهدف من العرض وهو كشف المستور عن مقتل جمال حمدان، التى قامت شركة «إعلام المصريين» بإنتاجه كأول تحقيق تليفزيونى عن وفاة حمدان.

مشاركة :