لا حاجة لمزيد من القول حول المأساة التي حدثت في الرياض وراح ضحيتها شابان من ام وأب واحد. غطت جريدتنا هذه في عددها يوم الجمعة الماضي رأي المواطنين. كما اني لم اعد املك ما أقوله عن الهيئة زيادة على ما قلته على مدى سنوات. الشرطة والهيئة موضوعان مختلفان. من ينتقد الهيئة لا يعني أنه مؤيد للشرطة أو كاره لها. الشرطة والهيئة ليستا الهلال والنصر.. إذا كانت الهيئة في حاجة إلى دعم شعبي فالشرطة ليست في حاجة لمثل هذا الدعم. لم تخل امة مستقرة منذ فجر التاريخ الإنساني إلى يومنا هذا من جهاز شرطة. أي خلل يصيب الشرطة يعني انهيار الأمن وانهيار الأمن يعني انهيار الأمم. لا يوجد إذاً مقارنة بين الجهازين تحت أي صورة من الصور. السؤال: ما الذي سوف يقوله الإعلام لو ان الشرطة هي التي طاردت الشابين وحدثت الفاجعة؟ سيق هذا السؤال في قلب حملة الدفاع عن الهيئة. وألحق به أسئلة أخرى مساندة مثل أين الإعلام عن الأخطاء الطبية اليومية التي ترتكبها أجهزة وزارة الصحة الخ. هذا النوع من الأسئلة على ما فيه من محتوى تضليلي يحمل في داخله انحدارا في المستوى الأخلاقي. على المستوى التضليلي يمكن العودة إلى تاريخ الإعلام مع الشرطة أو المرور أو الصحة أو أي جهاز خدمي حكومي سيجد أن الإعلام يشن حملات قاسية بل ومتحاملة. كل يوم نقرأ في الصحف هجوما على الشرطة وتقاعسها عن تلبية طلبات المواطنين بل وسخرية الإعلام من ادائها.. وإذا التفتنا إلى وزارة الصحة يكفي أن اذكر القارئ الكريم بالحملة الرهيبة التي شنها الإعلام على وزارة الصحة على اثر حادثة طفلة جازان التي حقنت بالدم الملوث. راجع الجرائد لترى كمية الاتهامات والنقد المجحف الذي واجهه وزير الصحة على وجه الخصوص. إذاً الهيئة ليست استثناء. بل ان الهيئة هي اقل الأجهزة الحكومية تعرضا للنقد. وأكثر من ذلك ستلاحظ في كل مقال يتعرض للهيئة يمهد كاتبه بقليل من المديح تقية ومداهنة. هذا الامتياز لا تحصل عليه الأجهزة الحكومية الأخرى. أما إذا قرأنا السؤال من منظور أخلاقي سنكتشف أن أصحابه تعميهم الأيدلوجيا عن الحق وعن أبسط مفاهيم العدالة. لنفترض ان شخصين ارتكبا جريمة وافلت احدهما من العقاب بواسطة أو بالهروب هل من الأخلاق او من العدالة إطلاق سراح شريكه، هل نعتبر العقاب الذي ينزل على احد المجرمين وعجزنا عن معاقبة شريكه من باب الظلم. إذا افترضنا ان الإعلام السعودي يعجز عن نقد جهاز معين هل يصبح هذا الإعلام ظالما ومنحازا إذا انتقد جهازا آخر متاحا نقده؟ لا اطرح هذا المقال لمساعدة هؤلاء على تحسين مستوى عمل ضمائرهم لكن لتنبيه المواطن من أن ربط الدفاع عن الهيئة بالإساءة المستمرة للشرطة يضر بهيبة المملكة الأمنية الراسخة ولن يساعد الهيئة على الإفلات من مسؤولياتها الأخلاقية عن أي خطأ ترتكبه.
مشاركة :