أتمنى الشفاء لفناننا المميز الأستاذ يوسف الجراح. قرأت خبر تعرضه لوعكة صحية قلبية. حدث له هذا في رحلته لأمريكا أثناء مشاركته في حفل يقيمه مبتعثون سعوديون. من حسن حظه ان ما جرى جرى في أمريكا. الإسعاف يصل في خمس دقائق. الأعمار بيد الله على كل حال. يكاد يجمع الناس على أن يوسف الجراح واحد من أفضل الممثلين السعوديين. فنان من النوع النادر. من النوع الذي لا تقوم أعماله على النجومية ولا تدخل شهرته في شقوق الصراعات ولم أعرف عنه أن عمل منتجاً يحظى بدور الأسد في الأعمال التي ينتجها. الجراح فنان نسيج وحده سعادتي بسلامته لا يضاهيها سوى سعادتي بالتعليقات التي عبر فيها الناس عن تعاطفهم معه. تؤكد لك التعليقات أن الناس الطيبين صفوا معه في محنته. تمنوا عودته سالماً معافى. بلغ عدد التعليقات في جريدة الرياض وحدها أكثر من أربعين تعليقاً. كلها متعاطفة ومحبة وتعبر عن تقديرها لإبداعات الجراح وللفن. هذا تقدم نوعي يرد على كل المشككين في الإنجاز الأخلاقي والثقافي للصحف السعودية. قبل سنوات قليلة لا يمكن أن يحظى الجراح أو أي فنان سعودي على عشرة في المائة من هكذا تعاطف. كان يمكن أن تكون أفضل عبارة تصب في صالحه أن يدعوا له بأن يترك الفن ويستغفر ربه ويتوب إليه. الغلاة منهم سيكفرونه بطريقة مباشرة والطيب منهم يكفره بطريقة غير مباشرة. لاشك تغيرت نظرة الناس للفن. لم يعد الفن أداة تغريب أو تكفير أو دعوة للفجور كما كان قبل سنوات قليلة أو على الأقل لم يعد أحد يجرؤ على ترديد هذا بشكل صريح لكي لا يصبح منبوذاً بين الناس. كم آلمني الاستقبال الذي تلقى به بعض الناس موت الفنان الراحل طلال مداح. الرجل الذي عاش جل حياته ينتج السعادة. يغني للوطن والمحبة والسلام. بعد أن لمست التعاطف مع الفنان الجراح عدت إلى قوقول واستعدت بعض ما قيل عن طلال مداح. تذكرت أيضا الفيديو الذي التقطوه لحظة خروج الثعبان الأقرع من قبر المرحوم. لا أحد يعرف لماذا خرج الأقرع من قبر ضحيته يتجول في العراء ولا أحد يعرف لماذا ابتلى طلال مداح دون غيره من ساكني المقبرة بدغدغات الأقرع. يذكرني هذا التعاطف أيضاً بالفنان فهد بن سعيد الذي راح ضحية التخويف والترهيب والرعب من سطوة الثعبان الأقرع المتربص بالفنانين ومن في حكمهم. حولوه (ابن سعيد وليس الأقرع) من إنسان قيمته أن يسعد الناس إلى حارس عند باب مدرسة بنات وعينوه على رتبة داعية. كم أنا سعيد أن ألمس هذا التحول الكبير في النظر إلى الفن. يوسف الجراح واحد من أعمدة الفن الدرامي السعودي وواحد من العناصر الأساسية التي أنجحت البرنامج الشهير طاش ما طاش الذي تلقى كل أشكال الشتم واللعن والتكفير والتحريم. هذا التعاطف مع واحد من أعمدة هذا البرنامج يدل على أن المزاج الأخلاقي بين الناس قد تغير بشكل حاسم وعميق. ظهرت عليه بوادر الانحياز للجمال والفن والمحبة.
مشاركة :