محاولات ليبية شاقة لنفض غبار الركود عن قطاع العقارات

  • 12/20/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

دخلت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا معركة شاقة لتحريك قطاع العقارات المشلول وإقناع شركات التطوير الأجنبية بالعودة إلى البلاد رغم استمرار الاضطرابات، التي تعرقل جهود إنعاش الاقتصاد المنهك. طرابلس - كثفت حكومة الوفاق الوطني في طرابلس من تحركاتها مؤخرا في طريق إنعاش قطاع التطوير العقاري، الذي يعتبر النواة الأساسية في طريق إعادة إعمار البلاد من دمار الحرب. ورغم التوترات الأمنية والعسكرية، التي شلت الاقتصاد الليبي طيلة السنوات 8 الأخيرة، إلا أن المسؤولين لديهم قناعة بأنهم يستطيعون توفير الضمانات الكافية لاستئناف الشركات المحلية والأجنبية أعمال البناء والتشييد. ووجد صناع القرار في ليبيا أنفسهم أمام ضرورة وضع رؤية جدية لتحفيز السوق العقاري المتعثر وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار فيه والخروج تدريجيا من هذا النفق المظلم. وتأتي الخطوة في انسجام مع الإصلاحات الاقتصادية القاسية، التي أعلنت عنها الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة، في سبتمبر الماضي، وتخطط لتنفيذها على مراحل، رغم شكوك البعض في إمكانية تنفيذها على أرض الواقع. وتؤكد مصادر ليبية مطلعة أن نسبة مختلف مشاريع الإسكان والبنية التحتية المتوقفة بسبب مغادرة الشركات الأجنبية للبلاد منذ اندلاع الحرب تصل إلى 80 بالمئة. ونسبت الصحافة المحلية لرئيس لجنة إدارة جهاز تنفيذ مشاريع الإسكان والمرافق محمود عجاج قوله خلال مؤتمر صحافي في طرابلس إن “ليبيا في حاجة إلى 550 ألف وحدة سكنية لتغطية العجز العقاري”. 80 شركة عقارية من بين 800 شركة أجنبية كانت تعمل في ليبيا حصلت على تعويضات وعادت للعمل وأوضح أن المشروعات المتوقفة تقدر بنحو 250 ألف وحدة سكنية، 90 بالمئة منها توقف بشكل كامل منذ بداية الأزمة السياسية والعسكرية في عام 2011. وتشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات المتوقفة في القطاع العقاري ومشاريع البنية التحتية يبلغ نحو 80 مليار دولار، لكن خبراء اقتصاد يقولون إن الأرقام تفوق ذلك بكثير. ويستحوذ قطاع الإسكان والمرافق على النصيب الأوفر من مشروعات التنمية الحكومية بقيمة تصل إلى نحو 63 مليار دولار. وتقول وزارة الإسكان والمرافق إن السبب الجوهري لعدم عودة الشركات الأجنبية حتى اليوم هو الظروف الأمنية السيئة، التي تقف حائلا أمام نشاطها لا سيما في المنطقتين الجنوبية والشرقية. وتعرضت الكثير من المشروعات إلى عمليات تخريب من الجماعات المسلحة التي تريد فرض سيطرتها على المناطق التي دخلتها بالقوة. ولكن هناك شق من الخبراء يحمّل المجلس الرئاسي بقيادة فايز السراج المسؤولية عن عدم الإسراع بمعالجة أمور تتعلق بصرف أموال لتعويض الشركات نتيجة سرقة الميليشيات المتناحرة معداتها خلال السنوات الماضية. وخلال فترة حكم المجلس الانتقالي في عام 2012، تم تشكيل لجنة تضم مسؤولين وخبراء في القطاع لتحديد تعويضات الشركات الأجنبية، التي تضررت أعمالها بسبب الحرب. وما تزال الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) تواجه صعوبات في إنعاش الاقتصاد مع الشح الكبير في السيولة النقدية نتيجة تذبذب عوائد صادرات الخام، ما تسبب في حالة من الفوضى بين الليبيين. وفاقمت الخلافات بين السلطات في شرق البلاد وغربها أزمات الليبيين، الذين تراجعت قدرتهم الشرائية في ظل تدهور قيمة الدينار، واقتربت حالة الإحباط لديهم من الانفجار بسبب تقاطع الأجندات التي لا تخدم مصالحهم. وتظهر البيانات أن 80 شركة فقط من بين 800 شركة أجنبية كانت تعمل في ليبيا قبل اندلاع الأزمة حينما تم الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي، حصلت على تعويضات وعادت بالفعل للعمل، أغلبها متواجد في المنطقة الشرقية.وحتى تمضي الحكومة في تنفيذ خططها الطموحة رغم كل الظروف، قررت إطلاق صندوق للاستثمار العقاري بقيمة 250 مليون دولار. وكشف مدير عام مصرف السرايا للتجارة والاستثمار، نعمان البوري، مؤخرا عن خطط لإنشاء هذا الصندوق والهادف لتمويل مشاريع الإسكان في ليبيا. وقال إن “الصندوق سيفتح الاكتتاب للمواطنين للحصول على التمويلات اللازمة وستكون مهمته الأساسية إتمام تنفيذ المشروعات الإسكانية المتعثرة والمساهمة كذلك في التطوير العقاري”. ويتوقع أن يساعد الصندوق في البحث عن الإمكانات المتاحة للاستفادة من القطاع الخاص والمستثمرين في إعادة هيكلة المشاريع المملوكة للدولة والمتوقفة عن التنفيذ تماما. وسعت وزارة التخطيط بالتعاون مع المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي خلال الدورة الأولى من المنتدى السنوي الأول للتطوير العقاري في ليبيا (عمار)، الذي عقد في شهر أكتوبر الماضي بتونس إلى وضع أسس جديدة تشجع الشركات على العودة إلى البلاد. وتم اقتراح تغییر صبغة البعض من مشروعات الإسكان المتعاقد عليها وتحويلها لمشروعات استثمارية مع تشجيع التوجه إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وتلقى الاقتصاد الليبي ضربات شديدة جراء تراجع صادرات النفط بحوالي 80 بالمئة عن مستويات ما قبل الثورة حين كانت تصل إلى 1.6 مليون برميل يوميا في عام 2010. وفقد البنك المركزي الليبي نحو 72 مليار دولار من احتياطات العملة الصعبة طيلة الثماني سنوات الماضية، بعدما كانت عند مستوى 130 مليار دولار قبل الأزمة.

مشاركة :